قال عبد السلام البقيوي رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب إن إجماع المحامين على توصيات ومقررات الدورة 27 باستثناء تحفظ أربعة محامين يشكل رسالة ترد فيه الجمعية على من كان يأمل حدوث انشقاق في صفوف جسم المحاماة، وعبر البقيوي في هذا الحوار الذي أجراه معه "موقع أسيف" عقب نهاية أشغال المؤتمر 27 لجمعية هيئات المحامين المنعقد بمدينة أكادير عن قلقه بخصوص توظيف القضاء من أجل تصفية الحسابات السياسية لإدانة معتقلي ومتابعي حركة 20 فبراير عبر محاكمات غير عادية وغير عادلة، كما دعا السلطات العمومية بالتعامل بايجابية مع مطالب الشعب المغربي وشبابه وقواه الحية من أجل بناء دولة الحق والقانون والمؤسسات س- مر المؤتمر ل 27 لجمعية هيئات المحامين بالمغرب في أجواء ساخنة، ألم تتخوفون من حدوث انقسام في صفوف أصحاب البدلات السوداء ؟ ج - بالفعل الجو الذي مر فيه المؤتمر وعلى الخصوص النقاش الواضح والصريح الذي ساد أشغال اللجان، حيث أن النقاش لم يكن له سقف معين، وكان يتسم في بعض الأحيان بالحدة والجرأة، وهذا يعتبر ظاهرة صحية في جسم المحاماة، وللتذكير فإن هذه الصراحة والشفافية والوضوح كانت الميزة التي تتميز بها جميع مؤتمرات الجمعية وفي الأخير تتوحد وبتوحدنا نعطي دروسا بليغة إلى من يراهن على انقسام جسم المحاماة، ومن راهن ويراهن على هذا الانقسام، فهو واهن ومن كان يراهن على فشل المؤتمر فهو واهم كذلك، وليس له فكرة عن تاريخ جمعية هيئات المحامين بالمغرب العتيدة التي استمرت طيلة نصف قرن من ميلادها بفضل تشبث المحامين المغاربة بهذا الإطار العتيد الذي استحضر دائما ويستحضر هموم المحاميات والمحامين كافة والشباب والشابات منهم على الخصوص، والذي يلتحم دوما بهموم الشعب المغربي والعربي، وبقضايا الجماهير المغربية والعربية. س – خلال جميع مؤتمرات جمعية هيئات المحامين بالمغرب، ينادي المحامون بضرورة إصلاح جهاز العدالة، آلا ترون بأن هذا المطلب ظل مجرد شعار يرفع في كل مؤتمر، دون تحقيقه على أرض الواقع؟ ج – إصلاح جهاز العدالة بصفة عامة بما في ذلك القضاء هو نقاش قديم حديث، وتستحضره جمعية هيئات المحامين بالمغرب في كافة مؤتمراتها، وهو جزء من صميم اهتماماتها ويشكل محورا أساسيا في اشتغال كل مؤتمراتها، ونخصص له لجنة خاصة نظرا لأهميته البالغة، وهي لجنة إصلاح القضاء، وبالمناسبة فهذه اللجنة كما باقي اللجان يحضر أشغالها بعض القضاة بصفتهم مؤتمرين، ويناقشون هذا الموضوع والمواضيع الأخرى ويعبرون عن آراءهم، وانطلاقا من أهمية موضوع إصلاح جهاز العدالة بصفة عامة، والقضاء بصفة خاصة، كان شعار مؤتمرنا العام هو إصلاح جهاز العدالة بإرادة سياسية وبتغيير الدستور وعندما نقول إرادة سياسية فإننا نعي ما نقول لأنه بدون إرادة سياسية حقيقية في إصلاح القضاء، وبدون تغييرات دستورية نؤكد على كون القضاء سلطة مستقلة وعلى إعطاء المجلس الأعلى للقضاء كامل الصلاحيات فيما يخص الشأن القضائي، ومع تطعيمه بشخصيات نزيهة وكفأة ومعروفة بتاريخها بالدفاع عن القضاء والقضاة وبانتخاب جميع أعضاء هذا المجلس بدون استثناء انتخابا ديمقراطيا، إذن فبدون إرادة سياسية حقيقية وبدون تغييرات دستورية عميقة سيبقى الشعار الذي يرفع من طرف المسؤولين في شأن إصلاح القضاء مجرد يافطة للاستهلاك الداخلي والخارجي. س- كيف استقبلت جمعية هيئات المحامين بالمغرب خروج حركة 25 ماي للمحامين الشباب من رحم المؤتمر الأخير للجمعية ؟ حركة 25 ماي للمحامين الشباب منبعثة من رحم المحاماة، وأن مطالب المحامين الشباب بمحاربة الفساد بجميع أشكاله وعلى كافة المستويات ومطالبتهم بتمكينهم من جميع الإمكانيات للتعبير عن كافة مطالبهم ومتطلباتهم هي مطالب الجمعية عبر تاريخها النضالي الطويل والمستمر ومن هنا لا يسعنا إلا أن نشد بحرارة على أيدي المحامين الشباب، ونؤكد مرة أخرى بأننا نتبنى مطالب وأهداف حركة 25 ماي للمحامين الشباب، راعين وداعمين لها في سبيل القيام بثورة إصلاح حقيقي سواء في الوسط المهني أو القضائي، وعلى كل المستويات في انسجام تام ومتكامل مع نضالات المحامين أفراد ومؤسسات ونطالب كافة المؤسسات بالإنصات إلى المحامين الشباب في مطالبهم المهنية والاجتماعية باعتبارهم أمل المستقبل وحملة المشعل، وضمان استمرارية المهنة حرة ومستقلة. س- لماذا استأثر الفصل 57 من قانون المهنة بنقاش مستفيض خلال أشغال المؤتمر؟ ج- للتوضيح فإن النقاش لم يكن منصبا على الفصل 57 في حد ذاته، وإن كان فعلا هناك من ناقش هذا الفصل، فالنقاش الحاد والصريح كما قلت والواضح كان حول كيفية تدبير الفصل 57، وبعد نقاش طويل اتسم في بعض الأحيان بالحدة والتوتر، فقد خلص المؤتمر إلى توحيد رؤى كافة المؤتمرين، وكما قلت سابق فإننا دائما بعد النقاش الحاد والمتوتر أحيانا، فإننا في الأخير نخرج بخلاصة موحدة، وفي إطار تدبير مقتضيات الفصل 57 فإن المؤتمر تبنى مقاربة شمولية فيما يخص حساب الودائع والأداءات تراعي الجانب الاجتماعي وتحافظ على كرامة المحامي واستقلاليته في تدبير هذا الحساب، ومما يؤكد توحدنا ووحدتنا المهنية ونجاح المؤتمر بكل المقاييس هو التصويت بالإجماع على توصياته ومقرراته، وتحفظ أربعة مؤتمرين فقط. س- السلطات العمومية قررت لجم حركة 20 فبراير، ما موقف الجمعية من التعامل القمعي الذي مارسته الدولة ضد شباب الحركة ؟ لقد أكدنا في كلمتنا الافتتاحية على أن هناك تراجعات في الوقت الراهن في مجال الحريات العامة، بعد أن كان المغرب قد حقق طفرة نوعية على هذا المستوى فعلى مستوى حرية الصحافة نلاحظ بأن هناك محاكمات للصحافيين خارج نطاق القانون وقمعهم، واستعمال العنف ضدهم أثناء القيام بواجبهم المهني، وقمع واستعمال العنف ضد الوقفات والتظاهرات والاحتجاجات والمسيرات السلمية من طرف من هم موكول إليهم حماية أمن وآمان المواطنين ومن هنا نسجل قلقنا وتخوفنا من الرجوع إلى الوراء وإلى فترة ما نسميها بفترة الجمر والرصاص، وأشير إلى أن المؤتمر الأخير لجمعية هيئات المحامين الشباب خرج بتوصيات في هذا الصدد بل خرج بتوصيات خاصة يساند ويدعم مطالب حركة 20 فبراير، ويطالب المحامين بالانخراط في جميع الأشكال النضالية لتحقيق تلك المطالب، كما أدان المؤتمر القمع والعنف الذي طال الاحتجاج السلمي الذي رافق مطالب الحركة وباقي أشكال النضال الاجتماعي والنقابي وعبر عن قلقه بخصوص توظيف القضاء من أجل تصفية الحسابات السياسية لإدانة معتقلي ومتابعي حركة 20 فبراير عبر محاكمات غير عادية وغير عادلة، كما دعا السلطات العمومية بالتعامل بايجابية مع مطالب الشعب المغربي وشبابه وقواه الحية من أجل بناء دولة الحق والقانون والمؤسسات وهذا لن يتحقق إلا في إطار مراجعة شاملة وعميقة للدستور في اتجاه التأسيس وإقرار نظام ملكية برلمانية يسود فيه الملك ولا يحكم وتقوم على الفصل الحقيقي للسلط، وتوفر شروط التداول السلمي على السلط.