أوضحت الكتابة الوطنية لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان لا يختلف، في العمق، عن المجلس الذي خلفه "المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان"، سواء على مستوى الاختصاص أو على مستوى الاستقلال الإداري والمالي، أو على مستوى التعيين والتسيير. و جاء في بيان صحفي للحزب، توصل موقع أسيف به، أن ما تطلبه القوى الوطنية الديمقراطية والحقوقية ليس فقط هو توسيع صلاحيات مثل هذه المجالس الحقوقية، وإنما، بالإضافة إلى ذلك، وهو الأهم، أن تجد قراراتها وتوصياتها ومطالبها طريقا إلى التنفيذ سواء من قبل السلطة التنفيذية أو من قبل السلطة القضائية وهو الأمر الذي لم يتم حتى الآن سواء بالنسبة للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان في صيغتيه الأولى والثانية، أو بالنسبة لمؤسسة ديوان المظالم، أو بالنسبة لهيئة الإنصاف والمصالحة التي خرجت، منذ عدة سنين، بالعديد من التوصيات تتعلق بالحماية الدستورية والقانونية والقضائية لحقوق الإنسان ووضع إستراتيجية لمكافحة الإفلات من العقاب، وإعادة تأهيل السياسة والتشريع الجنائيين وتأهيل العدالة وتقوية استقلاليتها وتفعيل توصيات المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان حول السجون وترشيد الحكامة الأمنية والنهوض بحقوق الإنسان عبر التربية والتحسيس...
و تابع البيان أن جميع تلك التوصيات وغيرها كثير مما له علاقة بحقوق الإنسان وبحمايتها، لا زالت، في أغلبيتها حبرا على ورق، رغم الاحتجاجات الكثيرة والمتكررة على عدم تنفيذها. و أشارت الهيئة السياسية المذكورة أن جميع القوانين المنظمة للمؤسسات الرسمية المتعلقة بحماية حقوق الإنسان، تنص على وجوب تعاون الإدارة المغربية مع تلك المؤسسات من أجل الوصول، عبر التحريات والتحقيقات والإطلاع على الأرشيفات، التي تكشف عن مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وشركائهم في التخطيط والتوجيه والتحريض وإصدار الأوامر، ومع ذلك فإن هذا التعاون لا يتم حسب المطلوب، وهكذا، وعلى وجه المثال، فقد ورد في التقرير الختامي لهيئة الإنصاف " بأن هذه الأخيرة واجهت أثناء الكشف عن الحقيقة معيقات من بينها محدودية بعض الشهادات الشفوية وهشاشتها...، وكذلك الحالة المزرية التي يوجد عليها الأرشيف الوطني والتعاون غير المتكافئ لبعض الأجهزة، حيث قدم البعض منها أجوبة ناقصة عن ملفات عرضت عليها، كما رفض بعض المسئولين السابقين المحالين على التقاعد المساهمة في مجهود البحث عن الحقيقة..."
و تساؤل البيان إذا كان القضاء - المستقل، حسب الدستور، عن السلطة التنفيذية، والموكول إليه، قانونا، البحث عن الجرائم، كيفما كان نوعها وحيثيات مرتكبيها وشركائهم، ومتابعتهم جنائيا واعتقالهم وإحالتهم على المحاكمة قصد إصدار العقوبات التي يستحقونها – لا يتحمل مسؤوليته في البحث والتحقيق والمتابعة والإحالة عندما يكون مرتكبوا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان من مسؤولي أجهزة الدولة الأمنية والاستخبارية والسلطوية وأعوانهم ولا تنفذ أغلبية أحكامه من طرف الدولة وإداراتها ومؤسساتها العمومية فكيف يمكن، يا ترى، أن يبعث فينا الأمل، بوضع حد لعهد الانتهاكات مجرد الإعلان عن تأسيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان الذي تنتهي مهمته بإصدار التوصيات وإعداد التقارير...
و سجل البيان مفارقة، تتمثل في الاعلان عن تأسيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، و استمرار مسلسل القمع والانتهاكات المختلفة لحقوق الإنسان، كتلقي أمناء تجمع اليسار الديمقراطي ومسئولين في منظمات سياسية وحقوقية تهديدات بمتابعتهم بسبب مساندتهم ودعمهم للحركة الاحتجاجية ل20 فبراير. و التدخل العنيف لمنع تظاهرات الحركة بمجموعة من المواقع، مما خلف اصابات خطيرة ومتفاوتة الخطورة. و الأحداث الدامية التي وقعت في كل من الخميسات ومراكش والحسيمة والعرائش والقصر الكبير، وفاس وصفرو.. واتخذت اتجاهها الأجهزة الأمنية موقفا حياديا. وأساليب الترهيب، التي يتعرض لها شباب وشابات 20 فبراير، من اعتقالات لساعات في مخافر الشرطة ومن سب وشتم وتهديد، واتهام بالتخوين والتصنت على المكالمات، وضغط وترهيب أسرهم ومداهمة المنازل لعدة مرات كما وقع للشاب علي بلحسن بحي يعقوب المنصور بالرباط والمطاردة التي وصلت حد التهديد بالقتل. و منع جميع المسيرات والوقفات، ومطالبتهم بالتوقيع على محاضر التبليغ، وتحميلهم المسؤوليات.
و خلص البيان إلى أن النظام السياسي بالمغرب لا زال مفتقدا لأية إرادة سياسية حقيقية للقطع نهائيا مع عهد الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وبالتالي يعتبر الإعلان الأخير عن تأسيس "المجلس الوطني لحقوق الإنسان" مجرد واجهة دعائية، داخليا وخارجيا، ترمي، من بين ما ترمي إليه، الالتفاف على أهداف حركة 20 فبراير الاحتجاجية عن طريق احتوائها وبالتالي عرقلة الوصول إلى تحقيقها، وهي محاولة سيكون مصيرها الفشل.