عقب المسيرات الشعبية الحاشدة التي نظمت بإقليم الحسيمة، وبعيد الأحداث التي تلت هاته المسيرات السلمية، وما أسفر عنها من خسائر في الأرواح والممتلكات، تقدم رئيس المجلس الجهوي لجهة تازةالحسيمة تاونات باستقالة مكتوبة إلى وزير الداخلية، وعند قراءتي المتأنية لنص الاستقالة كما نشرتها مجموعة من مواقع الشبكة العنكبوتية، استوقفتني جملتين تحملان الكثير من الدلالات وتقبلان الكثير من التأويلات، الجملة الأولى هي: "... بدون أن تتم حمايتهم لا من طرف السلطات الأمنية ولا من طرف اللجن التنظيمية للمسيرة"، والجملة الثانية هي : "... وأمام تحالفات غريبة لتصفية الحسابات بين المسؤولين تريد الإجهاض (قد يقصد الإجهاز) على كل ما أنجزناه منذ عشر سنوات في الريف والحسيمة..."، وفي هذا الصدد أود طرح الأسئلة التالية، علّنا نجد لها أجوبة شافية في المستقبل القريب إن شاء الله. أولى هاته الأسئلة: لماذا لم يتحمل جهاز الأمن مسؤوليته في حماية أمن المتظاهرين وعموم المواطنين؟ ثانيا: هل يعتبر من واجبات منظمي المسيرات حماية أمن المواطنين وسلامة الممتلكات العامة والخاصة؟ ثالثا: هل يسمح القانون المغربي لمنظمي المسيرات بالتوفر على الوسائل الكفيلة لردع الانفلاتات؟ فحسب علمي فإن التظاهر بحمل الهروات وغيره من وسائل الردع يعاقب عليه القانون، وبالتالي كيف نؤاخذ المنظمين وهم أنفسهم كانوا عرضة للعصابات التي تم تسخيرها من قبل جهات حاقدة على المنطقة، لإجهاض هذه الهبة الجماهيرية المطالبة بالتغيير، وللتاريخ فإن المنظمين بذلوا قصارى جهدهم للحيلولة دون إحراق السيارات والهجوم على بعض المؤسسات، في حين ظلت قوات الأمن رابضة في مقراتها غير مكترثة لما يحدث. رابعا: ما هي الجهات التي قد تكون وراء هذه التحالفات الغريبة التي تتحدث عنها الاستقالة؟ خامسا: ما نوع هذه التحالفات؟ سادسا: من هم المسؤولون الذين تتحدث عنهم الاستقالة؟ سابعا: وما هي الأسباب التي جعلت هؤلاء المسؤولين ينتظرون عصر 20 فبراير لتصفية حساباتهم؟ ثامنا: ما هي طبيعة هاته الحسابات التي يصفيها هؤلاء المسؤولين بينهم؟ هذه بعض الأسئلة التي استوقفتني وأنا أقرأ رسالة الاستقالة الموجهة من قبل رئيس المجلس الجهوي لجهة تازةالحسيمة تاونات لوزير الداخلية، وأكيد أن هناك أسئلة أخرى كثيرة يطرحها المتتبعون وعموم المواطنين، وهي أسئلة تلامس في مجملها التقصير الواضح للدولة بمختلف أجهزتها ومؤسساتها الإدارية والمنتخبة في تحمل مسؤولياتها وأداء واجباتها، أسئلة تًَََََنصّب على مسؤولية بعض الجهات الحاقدة على المنطقة، وبعض الأطراف المستفيدة من الأوضاع المزرية ومن الفساد والرشوة والمحسوبية، والتي أزعجها رؤية عشرات الآلاف من المواطنين وقد نهضوا للدفاع عن كرامتهم وفرض مستقبلهم. وبعد كل ذلك ألا يستحيي هؤلاء عندما يعمدون إلى اعتقال عشرات الشباب وتعذيبهم وانتهاك كرامتهم، ألا يوجد في قلوب القابعين وراء الكراسي المريحة ذرة من الشفقة وقليلا من الشجاعة للمساهمة في وضع حد لكل التجاوزات والانتهاكات التي شهدتها المنطقة وما زالت بعيد مسيرات 20 فبراير. حقيقة كنت أنتظر أن تتم محاسبة المقصرين وتنحيتهم عن مناصب المسؤولية، وأن يقدم بعض القائمين على شؤون هذه المنطقة نقدا ذاتيا ويعترفون بعجزهم في إدارة شؤونها. لكن العكس هو الذي يحصل في الواقع، وشتان بين سلوكات المسؤولين في الدول الديمقراطية وبين سلوكات المسؤولين عندنا، لهذا فإن الاحتجاجات التي انطلقت من أجل التغيير والإصلاح يجب أن تتواصل حتى تحقيق الأهداف .