أمين جوطي : أمين جوطي بداية ودرءا لكل التباس فإن هذه المقالة ليست دفاعا عن أي اتجاه يناهض الحق في حرية التعبير، فنحن كمغاربة ما فتئنا ندافع عن هذا الحق الإنساني الكوني عبر المنابر الإعلامية والحقوقية والثقافية...وغيرها؛ شريطة أن يكون هذا الحق محترما لوجه العملة الآخر، هذا الوجه ليس إلا الواجب في تحري الحقيقة والموضوعية والأخذ بعين الاعتبار حرمة الأشخاص والمبادئ العليا للمجتمعات. ولننتقل الآن إلى صلب الموضوع، قناة الجزيرة في تعاملها مع قضايا عدة دول عربية بشكل عام، وتغطيتها لقضايا المغرب بشكل خاص، والذي يظهر فيه الكثير من التحيز السلبي والابتعاد عن قواعد المهنية، إذ تتغاضى عن ما ينجز داخل المغرب من إنجازات كبيرة سواء في المجالات الاقتصادية، الاجتماعية، الثقافية...لتلقي الضوء فقط - وبشكل فيه الكثير من التضخيم- على المشاكل التي لا يخلو منها أي مجتمع فيه حياة. ويتجلى الأمر بشكل خطير في تعاطي "الجزيرة" مع قضية الوحدة الترابية للمغرب. أشبه دوما عمل هذه القناة بحكاية من التراث، بطلها جحا الذي اشترى مذياعا، بعد أن سمع عن قدرة هذه الآلة المذهلة على نقل أخبار جميع أقطار العالم، أعجب جحا بالمذياع فأصبح أنيسه حيثما حل وارتحل، وذات رحلة اختار صاحبنا أن يخلد للراحة قليلا، فتوقف إلى ظل شجرة، وربط حماره بالشجرة المجاورة، تمدد جحا وأدار مفتاح تشغيل المذياع لينتقل به مذيعو الأخبار من دولة إل أخرى، حرائق هنا وفيضانات هناك، حروب منا وتخريبات هناك...في ذلك الحين كان الحبل الذي عقل به جحا حماره يلتوي، بسبب حركة هذا الأخير، على عنقه إلى أن أحكم عليه الخناق. بعدما نال جحا قسطا من الراحة، نهض ليتم رحلته...التقت إلى حماره ليجده لفظ أنفاسه الأخيرة...فأخذ جحا يحطم مذياعه مخاطبا إياه: ويحك أيها اللعين، أوَ تَنقلُ أخبار الناس على بعد آلاف الأميال..ولا تستطيع أن تنبهني بأن حماري يختنق، وهو ليس إلا على بعد مترين منك؟ بنظري هكذا تعمل "الجزيرة" تبث أخبار كل الأقطار إلا أخبار قطر يسمى "قَََطَر"، وكأن ليس على أرضها أي نوع من المشاكل الاجتماعية أو الاقتصادية أو الثقافية...، وهذا لا يعني سوى أمرين: إما أن الدولة التي تتمركز فيها هذه القناة هي "جزيرة ملائكة"، وإما أن حمار جحا يموت في صمت.