رغم ما كان يتميز به الوالي السابق، و عامل إقليمالحسيمة من نقائص كالتفرٌد بالرأي، و الفضاضة في المعاملة، و الكلام الجارح المسيء للمخاطَبين أحيانا... ... . إلا أن له عدة أعمال يمكن وضعُها في ميزان إيجابياته. لقد كان يصول و يجول في كل شوارع مدينة الحسيمة راجلا في الساعات الأولى من الصباح، بعد الانتهاء من حصة تدريبه الرياضية، أو راكبا سيارته الرسمية، رفقة سائقه، أو بدونه. كان يطٌلع على الشاذة و الفاذة و يرى بأم عينه ما يقع في كل الأزقة و الدروب، فما أن يرى أي شيء في وضع غير لائق إلاٌ و يتٌصل من عين المكان بالأشخاص المسئولين، يصبٌ عليهم جامٌ غضبه و يطلب منهم تداركه في الحال، مع إعطاءهم الأوامر العاجلة لإصلاح الوضع. أمٌا بعد رحيله فلقد تغيٌر الوضع تماما. لوحظ ذلك أول الأمر في التملٌص من المسؤولية الذي بدأت الشركة المكلفة بجمع الأزبال تقوم به. فرغم أنها لا زالت حريصة على إرسال العمال باكرا لجمع النفايات من الشوارع، إلا أن مدينة الحسيمة لم تعدْ بنظافتها المعهودة، و الشاحنة المكلٌفة بجمع الأكياس البلاستيكية تأتي متى أرادت. لكن أثناء الإقامة الملكية، أصبح كلٌ شيء على ما يرام. و مع مغادرة صاحب الجلالة لعاصمته الصيفية الجميلة في بداية رمضان، أصبحت الحسيمة مدينة أخرى في الفوضى و سوء التدبير. الآن يمكن للإنسان أن يوقف سيارته في أي مكان، إذ أصبحت الجوانب الممنوع الوقوف فيها مستباحة، و رجل الأمن ينظر و يتعامى. أما بعض الشوارع فأُغلقت من طرف الباعة الذين يحُطٌون سلعهم أرضا، ناهيك عن بعض المقاهي التي لم يعُدْ رصيف الراجلين يكفيها، فوضعت الطاولات و الكراسي فوق أسفلت الشارع. إضافة إلى ذلك أصبحت بعض أرصفة شارع محمد الخامس ملاعب لكرة القدم ما بين الثانية عشرة و الثانية صباحا، و مرتعا لأطفال الشارع الذين ينطقون بأبشع الكلام الساقط، مقلقين راحة السكان في الساعات الأخيرة من الليل. بعبارة أوضع: مدينة الحسيمة "بلا مخزن"، يمكنك أن تفعل فيها ما شئت.