كانت تقرأ التاريخ ولا تستوعب عبرة أبداً, جولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل في بداية السبعينيات فهي من أعطى الأمر لجهاز الموساد الإسرائيلي باغتيال المناضل القومي السياسي غسان كنفاني في8/7/1972 في ضاحية مارتقلا في الحازمية مع لميس إبنة شقيقته فايزة.تقطعت أوصالهما إرباً نتيجة الانفجار في سيارة غسان كنفاني. عندما سأل أحد رجال الصحافة الغربيين جولدا مائير عن سبب قتل غسان كنفاني, رغم أن مرض السكر, والتهاب المفاصل , نهش جسدة الرقيق,أجابت فوراً : إنني كنت أتمنى أن تقطع يديه فقط ليكون عبرة لمن يعتبر,حيث كان أخطر علينا من كتيبة من الفدائيين الفلسطينيين.هكذا كانت جولدا مائير تنظر إلى المثقفين العرب الفلسطينيين, أمثال غسان كنفاني,فهو على غرار شاعر أثينا في القرن الخامس ( أسكلوس) الذي اشتهر بكتابة المأساة, وألف كتب الفنون الجميلة, وكتب الفكر السياسي, مما جعل أثينا قلعه عصية على الغزاة الفرس.حتى أنه بعد معركة سلامس البحرية,وصمود أهل أثينا في وجهه الغزاة الفرس, اقتنعت ملكة الفرس ,أن أهل أثينا,أناس لا يحنون رؤوسهم لأحد من البشر,وليسوا عبيدا لأحد من البشر.هؤلاء هم رواد الفن والأدب والكتابة على مر التاريخ, كأنهم سواعد المجذفين عكس التيار, وهم الأفقر في المجتمع, يكرسون أجسادهم ومهجهم لخدمة الوطن, لأن أجسادهم ومهجهم ليست ملكاً لهم, وقدرة عقولهم تتجلى روعة عندما يستخدمونها في خدمة الوطن, وإن عجزوا عن تحقيق هدف لايقنطون, لأن قلوبهم مفعمة بالأمل الجميل. صحيح أن غسان كنفاني قتله الموساد الإسرائيلي, وأن المرض لم يمهل عدنان الزبيدي طويلاً ,إلا أنهما من نفس المدرسة النضالية الملتزمة,وأمثالهما في مسيرة الأمة وكفاحها التحرري,هم من يرفعون دمنا قلاعاً في وجه أعدائنا القوميين والطبقيين فهم رأس الحربة ضد تشريد شعبنا وظلمه وقهره وتعذيبه, وهم رواد الكرامة الإنسانية والقيم الأخلاقية, وهم حراس الذاكرة الجمعية لشعبنا وأمتنا. غسان ابن عكا التي قهرت الغزاة ابن حركة القوميين العرب ابن الجبهة الشعبية,هو من ابرع من صور مأساة شعبنا للعالم من خلال رواياته (عائد إلى حيفا,أم سعد,,القميص المسروق,رجال في الشمس) والتي أصبحت هذه الرواية فيما بعد قصة لفيلم المخدوعون, كذلك رواية أرض البرتقال الحزين. وعدنان الزبيدي,ابن قيساريه ,أحد ثغور العرب والمسلمين منذ القدم من خلال رسوماه ,وتصميماته لعدة من الملصقات الفنية التي تعبر عن أصالة شعبنا وعمق الانتماء الوطني والإنساني المتجذر عمقاً بأرض الآباء والأجداد ,لكي لا يمحو الجراد ذاكرتنا, فمن خلال رسوماته ( حق العودة , والخيمة , والمقلاع , وعز الدين القسام, وأيام الحصاد, والانتفاضة,والشهيد). غسان كنفاني وعدنان الزبيدي هما وأمثالهما من رواد المنعة, وهم حراس السدنة المقدسة , وقلاع شاهقة في وجه الاستكانة والضعف , وأعمالهم وأعمال غيرهم من أبطال الشعب ستبقى راسخة رسوخ جبال الجرمق في ذاكرتنا لكي لاننسى الظلم والطغيان حتى نعود إلى حيفا,ومعنا مفتاح العودة يا عدنان, ولكي لا يبقى برتقال يافا حزينا يا غسان. أتذكر ياغسان؟ عندما تضامنت مع سائقي سيارات الأجرة في بيروت في بداية الستينيات عندما كتبت مقالاً في جريدة المحرر بعنوان إن لم أحترق أنا وأنت فمن سينير بولفار الشياح؟ عمير بيرتس وجيشه الهمجي دمر بولفار الشياح, ولكن الشياح ظلّت تشع نوراً وكرامة. وأنت ياعدنان سوف تبقى أنت ولوحة المفتاح وحق العودة في ذاكرتنا السرمدية وصية لنا حتى الأبد.حركة القوميين العربE-mail :[email protected]