الحدث المأساوي الفضيع الأخير الذي تناولته وسائل الاعلام السمعية ، البصرية و المقروءة والذي اهتزت بموجبه أركان البلد والمتمثل في اغتيال فضيع ضحيته أحد الأطر المسؤولة بسجن مدينة آسفي ، روايات صاحبت الحدث ، قراءات عدة جادت بها الصحف المغربية، محاولة سبر أغوار الحدث مستحضرة ثناياه الخفية والمعلنة ، هكذا تردد الصحافة ...من قائل أن الأمر مرتبط بأخطبوط إرهابي يتحين الفرصة وأن طبيعة عمل الضحية تشكل أيضا دعامة من دعامات الآلة الوقائة ...إلى رواية أخرى تؤكد أن الأمر مجرد مبادرة فردية من أجل تصفية حساب شخصي أي الانتقام ما يهمني أنا شخصيا في الحدث هو أن أجد نفسي أمام سخرية قدر طرقت قعر ذاكرتي وحركت الساكن من رواسب طالت مدتها لكي تقترب من نهاية عقدها الثالث ...والعجب العجاب أن يكون مسرح هذه الملحمة الشخصية التي اكتويت بنارها وأنا في مرحلة العنفوان ...أن يكون نفس المسرح الذي عرف الجريمة أي نفس المدينةآسفي مسقط رأسي ...ولو أن المكان المستهدف أي السجن تفتقت عبقرية أصحاب حال التدبير آنذاك على تغييره ببناية أكثر استيعابا وأشد قسوة فإن القواسم المشتركة بيني وبين الحدث تبرز بشكل لا يكلف القارىء سوى التأمل في سخرية القدر هذه أحداث رغم أنها الآن في ذمة التاريخ إلا أن تدبدبها لا زال يهز الذاكرة الفردية والجمعية على حد سواء البعد المعلوم الموشوم بكل تلاوين العنف والاستئصال سوى في تقديره وبالتالي تعامله داخل العتمة بين من يعتبرهم نفاية المجتمع وبالتالي يتوجب التنظيف وبين الخارجين من الطوق الباحثين على منهج في الحياة غايته تحقيق طموح الوصول إلى كرامة ألخصها في أنسنة الانسان ...إنهم الاستثنائيون بصيغة النضال والالتزام ليس إلا قدري أنا المواطنة البسيطة المتواضعة في رؤيتها وأفقها وقراءتها لزوايا الحياة والمتأملة في أوضاع وطنها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والتائهة في المسافة الفاصلة بين الطموح في بناء دولة تسودها عدالة اجتماعية وتقسيم الثروات ، ولأن المجال لا يسعف في تشريح تفاصيله أختصر المسافة لكي أنطلق من البداية ...بداية علاقتي بهذه العتمة السجن ....قدري أن ألتحم مع نخبة انتقت صيغة النضال الاجتماعي ...قدري أن أمتطي مركب الاستثنائيين على الأقل من أجل التضامن والاحتجاج كنا نعي جيدا أن الشعب برمته متهم إلى أن يثبت الاتهام فما بالك بمن استهدفته سهام التشكيك واعتبر أنه على أهبة الخروج من باب المارقين ؟؟؟ ...حينها نفس الاجراءات والمساطير القانونية مخلفات الاستعمار تسري على الجميع ....في المغرب آنذاك مامعنى أن تحتج وتتضامن وتجود بالمبادرات ؟؟؟ معناها بالمختصر المفيد أنك تلحق أضرارا بملك الغير ...معناها تثير الشغب وتقض مضجع الغير ...معناها في نهاية المطاف أنك خاضع لمناولة قانونية اسمها كل ما من شأنه... أسمى تركة استعمارية يعتز بها أصحاب الوقت ...معناها مؤخرا والمغرب يدشن ماسماه بعهد التغيير أن يتفق مجلس الأمة وفي أول لقاء على إلغاء هذا الكابوس ....معناه أن يصاغ المتناول وفق تصريفات أخرى ...خرج من الباب ودخل من النافذة في زمن الرعب والتشكيك ذاك يزج بك في سراديب عتمة تنفث فقط دخان الحقد والاستئصال ....مصادرة حرية الجسد تختلط بتكميم الأفواه وتعطيل الفكر والكلام ...معناها بالمختصر المفيد أن تعاين عن قرب ضحايا يتسلى بها الساديون الذين نفخ في أرواحهم الخبيثة أبطال إليادة الشر سجن ...سجين ....سجان ...منبث لغوي واحد ، لكن الوظيفة مقرونة بالمحو ومسخ إنسانية الانسان ...السجن هذه العتمة لا يمكن أن تتكلم عنها إذا لم يكن تعبيرك مقرونا بإحساس حقيقي مرده أنك مررت من نفس الطاحونة ...يستحيل أن ترتب كلاما يصف ويشرح عتمة مصبوغة جدرانها بالدخان ومبلطة أرضها بالرماد وأنت لم تقدك الأقدار إلى الاستفادة من متعة الوجبات الجهنمية ...أؤكد تستحيل مبادرة نقل الحقيقة ولو كنت متميزا في الوصف والسرد والكلام ....يستحيل أن تضع سيرة رماد مع العلم أنك كنت خارج الدار صحيح أنني لم أمر من نفس تجربة الاستثنائيين الذين طالت غربتهم في المعتقلات السرية السيئة الذكر وهذا زادهم الأدبي قادنا إلى عقر العتمة ...هذه إبداعاتهم تروي حياتهم الاستثنائية حين أخرجوهم من عبق الطفولة والشباب ....وأنت تنهم أحرف الحرقة والعذاب تحس معهم وكأنك في عين المكان ، بل وأن سياطا طائشة تحز أركان جسدك ...هذا إن كنت تتوفر على إحساس ....لكن السجن بالنسبة لي على الأقل هو أن تعاين الوجبات التنكيلية الجهنمية يمارسها ساديون ...يستخفون بالبشرية ويدعون بأن المجتمع أوكل إليهم أمر تصحيح المعوج من السلوك ....أياديهم الأخطبوط تجتذب الأشخاص ...أعتبرهم أنا ضحايا أما هم فالمتفق عليه في ثقافتهم أنهم نفايات المجتمع الواجب معالجتها مهما كلف الأمر ....يقتادونهم عبر ممرات السراديب وببطء شديد يبدءون في إطفاء الشموع ....إنه عالم آخر من عوالم الرعب المتعدد الوصلات أن تستحضر ذاكرتك المكان والزمان معناها أنك لازلت تحتفظ واضطرارا بصدى أصواتهم ( هن)وأعني السجانون والسجانات ....أن ينفرد الفضاء المعتم بطقوس خاصة بدأ من طبيعة كائنات تتولى أمر التدبير العقابي ...ترى هل المسألة قادتها الصدفة حيث نفس المواصفات أم أن اختيارهم خضع لمعايير معينة تجعل منهم قادرين على تنفيذ كل أشكال الأساليب الزجرية العقابية سواء فعلا ملموسا يلحق أضرارا جسدية أو فعلا يلحق أضرارا معنوية نفسية هي بكل تأكيد ستعمق المأساة حاولت مرات ومرات أن أتخلص من هذا الكابوس الجاثم على أنفاسي رغم أن العقد الثالث مشرف على النهاية لكن بدون جدوى ...حاولت أن أبني جدارا يعزلني عن هذا اللرعب الساكن أوصالي لكن دون جدوى ...الحدث المأساوي موضوع هذا الاستطراد مناسبة فرضت علي قسرا ...لم أرغب يوما في تناول المحكيات السجنية رغم زخمها الأدبي الذي عالجته في أوراق عدة تجد نموذجا منها في موقعي الخاص بالمكسب الانساني الذي يتوجب الافتخار بانتزاعه إنه الحوار المتمدن أيها الناس ، والمادة هي ورقة من ذاكرة معتقلة ....شيء في داخلي يمنعني في كل مرة أستعد لكي أنقل الأمانة التي كلفني التاريخ بها ...على الأقل من أجل نقل حقيقة صفحة حياة يقال أن الآرادة تشرئب إلى طيها ...وعلى ذكر طي صفحة الماضي ولكي لا يتكرر ما حدث مستقبلا ألا ترى معي بأن الطي يستدعي أولا قراءة الموضوع ومن زواياه المختلفة وفهم محتاواه بل واستقراء ما وراء السطور بعد ذلك يحين وقت الطي والاستئناف الجماعي في صفحة بيضاء ؟؟؟؟ أن تستدعي طقوس المكان متى سنحت الفرصة بل أقول متى فرضت الفرصة نفسها عليك فالقضية عصية في التناول والحديث ....أن تتذكر شطحات البشر المؤثت لفضاء الازدراء هذا فتلك حكاية يشيب عند سرد تفاصيلها الولدانالسجن آلة جهنمية وبكل المقاييس ...عبقرية الشر تفتقت على أن يتكلف جلادو وجلادات السجن على تنفيذ الفعل التنكيلي جسديا ...نفسيا ......بالمختصر المفيد في هذه الخيمات المسلحة تنقش الأحرف البارزة للعقاب النفسي والجسدي والتي ستسكن ضحية عبر مسافة عمره أبدا لا يتخلص منها مهما كانت المتغيرات ثلاثون سنة قربت من الانتهاء وشيء من حتى مازال يسكن أركان دواخلي ....أستحلفك أيها الحوار المتمدن أن تسعف شغفي من أجل استيعاب حقيقة كاملة وغير مبتورة ...هل السجن تدبير وقائي أم عقابي تنكيلي تمارس فيها نظرية الانسان ذئب لأخيه الانسان ؟؟؟وللموضوع صلة في الحلقة الثانية