يعتبر قصر البحر من أهم المعالم التاريخية التي مازالت مدينة اسفي تزخر بها إلى جانب الأسوار البرتغالية ، والقصبات ، والكنائس ، فكل هذه المعالم والمآثر التاريخية ما زالت تحتفظ برونقها، وما زالت تعد محج العديد من زوار المدينة . فالمعلمة التاريخية " قصر البحر " التي تم تشييدها من قبل البرتغال أثناء احتلالهم للمغرب وضعيتها الراهنة تؤكد على أن هذا الموروث الثقافي قابل للزوال في القريب العاجل إذا لم يتم إيجاد حل تتضافر فيه جميع الجهود من سلطات محلية وهيئات منتخبة وجمعيات المجتمع المدني ومنظمات دولية .وقد تم تشييد هذه المعلمة التاريخية سنة 1508 حيث تأخذ طابع الفن المعماري الايمانويلي الذي يعتبر من أرقى الفنون المعمارية البرتغالية ، حيث تتكون من ثلاثة أبراج ، وتتواجد في قلب المدينة القديمة في موقع استراتيجي مهم على مساحة تقدر ب 3900 متر مربع ، وقد تم بناؤها من قبل البرتغاليين لتلعب دور الدفاع العسكري حيث تأخذ طابع العمارة الحربية. فالوضعية الراهنة لقصر البحر تبعث على القلق بسبب التهديدات التي يتعرض إليها من قبل الأمواج البحرية وعوامل التعرية حيث قوة اصطدام الأمواج بالقصر تسبب تسرب المياه بشكل كبير تحت المعلمة بالرغم من بعض الرقيعات المتمثلة في الترميمات التي قامت بها الجهات المسؤولة من خلال وضعها لأكياس جيوبلاستيكية تحتوي على الاسمنت والرمل ممزوج بالماء .وخوفا من وقوع كارثة انهيار هذه المعلمة التاريخية التي مازالت مدينة اسفي تتباهى بها في الوقت الحالي في أي وقت من الأوقات ، أقدمت الجهات المسؤولة بإخلاء ها من المدافع البرونزية المصنوعة تعود الى عهد السعديين ، والمدافع الحديدية غير المؤرخة والتي كانت موضوعة فوق أبراجها بطريقة فنية متناسقة ، ليتم نقل هذه المدافع إلى دار السلطان بمندوبية الثقافة بأسفي ، كما أعطيت الأوامر لمنع ولوج الزوار إلى المعلمة ، حيث يبقى مصيرها مرتبط بالجرف المشيدة عليه الذي يتآكل يوما بعد يوم بسبب التعرية العنيفة التي يتعرض إليها جراء قوة الأمواج التي احدث تصدعات و مغارات تحته . ومن الأسباب التي تكون قد أثرت من جهتها على هذه المعلمة وجود خط حديدي بجانبها ، هذا الأخير وبالنظر للضغط الذي يتعرض إليه جراء مرور القطارات صباح مساء فقد اثر هو الآخر على المعلمة من خلال التصدعات التي أحدثها بها بسبب الاهتزازات المتكررة المحدثة من قبل القطارات ، كما تشير بعض الدراسات العلمية على أن المياه البحرية المتواجدة على طول جرف أموني تتكون من مواد كيماوية حامضية ترمي بها كيماويات المغرب وميناء اسفي قد تكون هي الأخرى سببا في هشاشة الصخرة المشيد عليها قصر البحر ، علاوة على كل هذا ، تشير معطيات علمية أيضا على أن رصيف الميناء الذي يفصل الميناء وقصر البحر زاد من حدة انكسار الأمواج التي ترتطم بقوة بالصخرة المشيد عليها قصر البحر. واعتبر نور الدين صفصافي مفتش المباني التاريخية بمندوبية الثقافة بأسفي على أن التكاليف المالية التي خلصت إليها الدراسات التي أجريت على قصر البحر تفوق بكثير قدرات مندوبية الثقافة ، مؤكدا على أن هناك خطر كبير يهدد هذه المعلمة التاريخية جراء المغارات التي أحدثتها مياه البحر تحت قصر البحر ، حيث تم ترميم الجدار المطل من جهة البحر من قبل مديرية التجهيز ، لكن ولقوة الأمواج انهار الجدار الذي كان يتكون من صخور كلسية كبيرة، مما زاد من حدة التعرية من خلال ارتطام الأمواج بالأحجار التي كانت تكون الجدار مما عرض الصخرة الحاملة للقصر للمزيد من التصدعات بسبب الاصطدامات مابين الأمواج والأحجار الكلسية التي رمم بها الجدار .إن ما يهدد قصر البحر يهدد عشرات العائلات التي تتواجد مساكنها فوق مغارات بحرية بالقرب من هذه المعلمة التاريخية ، كما أن خط السكة الحديدية مهددة بدوره بالانهيار لكون الخط يلعب دورا اقتصاديا مهما من خلال نقل الكبريت من كيماويات المغرب إلى ميناء اسفي عبر هذا الخط الرئيسي .وأمام هذه الخطورة التي تهدد منطقة أموني مكان تواجد المعلمة التاريخية"قصر البحر" فقد قام كل من المختبر العمومي للدراسات والتجارب سنة 1991 ومندوبية التجهيز بتاريخ 17/04/1999 بدراسات تقنية للمنطقة خلصت إلى كون عمليات تهيئة المنطقة تتطلب مبالغ مالية هامة ، كما أن المختبر ومكتب دراسة برتغالي متخصص في الدراسات الجيولوجية البحرية ، ومكتب الإنقاذ الدولي لمدن الشواطئ قاموا بدراسات حول جرف أموني تم من خلالها تحذير الجهات المسؤولة من الكارثة البيئية التي قد تقع بسبب تسرب مياه كثيرة إلى تحت الجرف والتي بدأت تظهر على اثر الانهيارات المتتالية لبعض الصخور التي كانت تكون الجرف ، حيث أحدثت هذه التسربات المائية عدة مغارات متفاوتة الخطورة على طول الجرف .وقد سبق للمختبر العمومي أن أجرى دراسات على مسافة تبلغ 500 متر مابين صخرة قصر البحر ورأس نفق السكة الحديدية المحاذي لقصر البحر عبر مغارات ، حيث خلصت إلى أن الأحجار المكونة لجرف أموني هشة وسريعة التأثر بعوامل التعرية ، وهذا أدى إلى ظهور المغارات تحت الجرف قد تؤثر مستقبلا ليس فقط على قصر البحر بل أيضا على المساكن المجاورة التي ظهرت التأثيرات البحرية عليها من خلال الرطوبة التي تظهر على جدرانها ، مما يجعلها آيلة للسقوط هي الأخرى في أي وقت من الأوقات وبدون سابق إنذار .ومن بين الاقتراحات التي قد تضع حدا لهذه التهديدات التي تهدد قصر البحر بصفة خاصة وجرف أموني بصفة عامة حسب دراسة قام بها الخبير العالمي بيدروفيريا ضرورة خلق شاطئ اصطيافي مع توظيف سنابل رملية وملئ ثقب المغارات بالأحجار واستثمارها بحريا مع ربطها بخرسانة متينة ، حيث قدم هذا الخبير نماذج لدراسات مشابهة أنجزت في جنوباسبانيا والبرتغال .ويتضح من خلال كل هذا على أن وضعية قصر البحر تتداخل فيها عدة أطراف ، وهذه الأطراف مطالبة بمساهمتها في إنقاذ هذه المعلمة التاريخية ونخص بالذكر كيماويات المغرب من خلال الرواسب الحامضية التي ترمي بها في مياه البحر والتي تسهل هشاشة الصخرة المشيدة عليها هذه المعلمة، وأيضا ميناء اسفي من خلال الرصيف الذي شيد بين الميناء والمعلمة والذي يساهم في حدة انكسار الأمواج ، ومكتب السكة الحديدية والذي على إثره تحدث القطارات هزات قوية تساهم في خلق التصدعات بالمعلمة ، إلى جانب وزارة الثقافة باعتبارها الجهة الوصية على هذه المعلمة التاريخية ووزارة التجهيز.