مرة أخرى تقدم الإدارة الأمريكية على عمل وضيع هدفه إذلال الأمة باستهداف الرموز الصامدة غير الخاضعة لإرادتها ، لقد أرادت الإدارة الأمريكية في طريقة و توقيت تنفيذ الحكم على الرئيس صدام حسين ، توجيه رسالة إلى الحكام العرب جميعاً بأن من يقول منهم لا للتطبيع مع إسرائيل ولا للشرق الأوسط الجديد ولا لسيادة الإرادة الأمريكية - الصهيونية فإن مصيره سيكون مصير صدام حسين . ورغم موقف حركتنا الواضح والمعلن من الأسلوب الذي كان يتبعه صدام حسين في حكم العراق إلا أنه لابد أن نعترف أن عراق صدام حسين كان عراقاً عربياً موحداً لا مكان فيه لطائفية أو مذهبية تفرق وحدة الأمة ، كان عراقاً ينتمي إلى أمته العربية ، كان عراقاً يسعى لامتلاك أسباب القوة سياسياً واقتصادياً وعسكرياً لدعم الأمة في معاركها المصيرية مع العدو الصهيوني .. لذلك كان استهداف العراق من قبل التحالف الامبريالي – الصهيوني الرجعي في المنطقة .. لأن امتلاك أسباب القوة يتعارض مع الإرادة الأمريكية الصهيونية وعملاءهم في جعل المنطقة محيطاً تابعاً للمركز الامبريالي يخدم سياساته ويدار بإملاءاته ويحرس بعملائه .. إن قرار إعدام صدام حسين لم يكن جزاء ممارسته الأساليب الديكتاتورية في الحكم ضد شعب العراق وإنما كان انتقاماً من موقف رافض للتبعية ولقبول الاملاءات الأمريكية .. إن مسألة الديمقراطية التي تتستر بها الإدارة الأمريكية لم تعد تنطلي على أحد ونحن نقرأ هذه المسألة في سياقها التاريخي من خلال الأحداث التي تعيشها المنطقة منذ احتلال العراق وحتى الآن ، فهل انتصرت أمريكا للشعب العربي من جور أذنابها وحراس مصالحها الخانعين المنتشرين في طول الأرض العربية وعرضها .. وهل خرج الحكم العراقي السابق عما هو مألوف من سيادة الاستبداد في المنطقة من قبل حكامها ؟ لا نستطيع قراءة ما يجري إلا من منطق واحد ألا وهو .. أن هناك قراراً من الامبريالية العالمية والصهيونية وعملاءهم وأذنابهم بمنع أسباب القوة عن هذه المنطقة وأن عداءهم لصدام حسين كان في هذا السياق حينما سعى إلى بناء عراق عربي قوي ( سياسياً واقتصادياً وعسكرياً ) لمسوا آثاره في حرب تشرين 1973 عندما وقف الشعب العربي في العراق وجيشه الباسل مدافعاً عن دمشق أمام تقدم الدبابات الصهيونية في الوقت الذي كان نظام السادات يسعى للارتماء في أحضان السياسة الامبريالية بائعاً مصر العروبة لأعدائها .. يكفي صدام فخراً أنه لم يكن وارداً في حساباته التفاوض مع العدو الصهيوني بدءاً من مدريد وانتهاء بأوسلو وتوابعها .. يكفي صدام فخراً أنه دك الكيان الصهيوني بالصواريخ في الوقت الذي كان فيه العملاء في المنطقة يتسابقون لتقديم التنازلات على مائدة المفاوضات وقد أكملت مسيرة التحدي تلك صواريخ حزب الله التي انهالت على الكيان في حرب تموز 2006 متابعة مسيرة التحدي التي بدأها صدام حسين . ويكفي صدام حسين فخراً انه بنى عراقاً قوياً بمصانعه وطرقاته وجيشه وعلمائه وجامعاته . إن غياب صدام حسين لن يؤثر على مسيرة التحدي للمخططات الامبريالية – الصهيونية الرجعية في المنطقة . ولن يؤثر إلا بالإيجاب على فعل المقاومة ضد كل محتل فوق الأرض العربية .. من العراق إلى فلسطين إلى لبنان .. عاشت العروبة .. .. عاش الشباب القومي العربي .. يسقط التحالف الامبريالي – الصهيوني – وأعوانه في المنطقة حركة القوميين العربفرع حلب