تابع الرأي العام الوطني و الدولي باهتمام كبير الحملة الأمنية التي شهدتها مؤخرا كل من ولايتي تطوان و طنجة، على بارونات المخدرات و المسؤولين الأمنيين الذين يدورون في فلكهم، و الذي عرف بملف " الشريف بن الويدان و مجموعته "، هذا الملف الذي أسقط إثر التحقيقات المنجزة حوله أسماء مسؤولين ساميين في الدولة أبرزها مدير أمن القصور الملكية. و نحن في جمعية الريف لحقوق الإنسان، و إثر متابعتنا لحيثيات ملف " الشريف بن الويدان و مجموعته "، تفأجانا لاقتصار هذه الحملات الأمنية على بارونات المخدرات بالشمال على محوري طنجة و تطوان و استثناء محاور أخرى و بالأخص محور الناظور. علما أن إقليمالناظور يعد أحد أهم قواعد ترويج و تهريب المخدرات نحو أوروبا، على عكس ما تم الترويج له طيلة عقود من الزمن، من أن الأمر يقتصر فقط على جهة الشمال الغربي.و لذا قررنا في مكتب الجمعية حيال الصمت المطبق حول التهريب الدولي للمخدرات بإقليمالناظور أن نراسل الملك لإحطاته علما بما يجري و من ضمنه التورط المكشوف للسلطات الأمنية الإقليمية و الجهوية، خاصة و أن تهريب المخدرات بإقليمالناظور يتم بشكل علني أمام مرأى الجميع و في واضحة النهار و باستخدام زوارق مطاطية كبيرة متعددة المحركات.و قد قمنا في إطار إشتغالنا على الملف، بجمع معلومات ميدانية دقيقة حول عمليات التهريب هذه و ذلك اعتمادا على تصريحات لمجموعة من الأفراد سواء الذين كانوا يشتغلون أو لا يزالون في ميدان التهريب الدولي للمخدرات من ضمنهم حراس الزوارق المطاطية و بعض الملكفون بإمدادها بالبنزين، نجملها فيما يلي: بحيرة مارتشيكا ميناء للمخدرات تعد بحيرة مارتشيكا أكبر بحيرة مطلة على البحر الأبيض المتوسط، ذات شكل نصف دائري، يبلغ محيطها تقريبا 25 كلم، و تبلغ مساحتها تقريبا 115كلم2، يصل عمقها ما بين 0.5 متر و 7 أمتار، .و لها ممر وحيد على البحر يسمى "ممر بوقانا "، يبلغ عرضه 80 مترا تقريبا . و تتواجد هذه البحيرة ضمن النفوذ الترابي لإقليمالناظور موزعة على كل من، بلدية الناظور، بلدية بني أنصار، جماعة بوعرك، جماعة قرية أركمان. و يتواجد على طول محيطها كل من، مقر عمالة إقليمالناظور، الدائرة الثانية للشرطة، مخفر القوات المساعدة بمنطقة المهندس التابعة لجماعة قرية أركمان، و مخفر القوات المساعدة ، كما يتواجد هناك حتى عناصر من الأمن الوطني بزي مدني في المنطقة التابعة لنفوذ بلدية بني أنصار.و تعتبر هذه البحيرة القاعدة الرئيسية لانطلاق و شحن الزوارق بالمخدرات و تتواجد بها خمس محطات أساسية و هي:- منطقة "أطاليون": المحاذية للمقر السابق لشركة تربية الأسماك "ماروست" ، و كان يتواجد فيها سابقا على الأكثر 30 زورقا، أما قبيل الحملة فقد كان فيها 6 زوارق.- المنطقة المسماة "الجزيرة": وصل عدد الزوارق فيها سابقا إلى حوالي 200 زورق موزعة على مجموعات متفرقة، تضم كل مجموعة ما بين 20 و 30 زورقا. أما قبيل الحملة فكان فيها 37 زورقا.- منطقة "بوعارك": وصل عدد الزوارق فيها سابقا إلى 30 زورقا، و قبيل الحملة كان بها 112 زورقا.- منطقة "بوعرورو" : و بالضبط في الجزء المسمى "الملاح" كان يتواجد بها ما يترواح بين 10 و 20 زورقا، و قد تم إلغائها فيما بعد.- منطقة بوقانا : و التي كانت تتواجد فيها بضع زوارق في الجهة المتواجدة داخل البحيرة، أصبحت الآن قبيل الحملة فكان بها 8 زوارق خارج البحيرة.و تأتي شحنات المخدرات التي تخرج عبر هذه البحيرة من منطقة كتامة التابعة لإقليمالحسيمة حيث يتم نقل الأطنان منها بواسطة سيارات بدون وثائق في اتجاه مجموعة من المناطق بإقليمالناظور ، مثل تمسمان و بن طيب و آيت سعيد و العروي و نواحي أزغنغان و بوعرك، و بني شيكر، و ماريواري، و مناطق أخرى غيرها، و ثمن نقلها يترواح ما بين 120 و 150 درهما عن الكيلوغرام الواحد، ثم يتم شحنها بعد ذلك إلى البحيرة لتوضع على متن الزوارق، حيث يحمل كل زورق ما بين طن واحد و خمسة أطنان، و ذلك حسب طوله الذي يتراوح ما بين 12 مترا و 16 مترا، حيث يزود بأربعة محركات إلى خمسة محركات من فئة 250 حصان للمحرك الواحد، و يستهلك ما بين طن واحد من البنزين و ثلاثة أطنان ذهابا و إيابا.و في إطار هذه العملية فإن ربان الزورق يتقاضى عن عمله مبلغا يصل في أغلب الأحيان إلى 350 ألف درهما نظير إيصاله للزورق إلى التراب الأوروبي و عودته به، و يتقاضى مساعده مبلغا يصل في بعض الأحيان إلى 100 ألف درهما، فيما يتقاضى الشخصان المكلفان بملء الخزان بالبنزين أثناء الطريق مبلغا يتراوح في أحيان ما بين 50 و 60 ألف درهما للواحد، فيما يدفع مبلغ يتراوح ما بين 50 و 100 مليون سنتيم عن الزورق الواحد لمختلف عناصر السلطات الأمنية المشاركة في العملية لضمان خروج الزورق من البحيرة. و تستغرق رحلة الزورق ما بين 5 ساعات إلى غاية يومين، حسب الجهة المقصودة، كما أن الزوارق تتجه للتوقف لمدة ساعتين في عرض البحر قبالة الشواطئ الجزائرية، و ذلك قبل أن تستأنف سيرها في اتجاه اسبانيا، حيث تنتظر حلول الليل لكي لا تلتقطها الردارات الإسبانية.و للإشارة فإن مصاريف عملية التهريب تعد هزيلة جدا مقارنة مع الأرباح التي يتم جنيها منها، حيث أن الكيلوغرام الواحد من الحشيش يباع في الضفة الأخرى بمبلغ 10 ألف درهما بالنسبة للنوع العادي و 50 ألف درهما بالنسبة للنوع الجيد. الموقف من الحملة شهدت مجموعة من المناطق ببحيرة مارتشيكا، ليلة الاثنين – الثلاثاء 21 نونبر، " حملة " أمنية تم خلالها حجز ما يقارب 24 زورقا مطاطيا متعدد المحركات، التي تقوم بنقل المخدرات من البحيرة إلى التراب الأوربي، و حجز 10 أطنان من مخدر الشيرا و كميات مهمة من البنزين ، و تم على إثر ذلك اعتقال خمسة أشخاص كانوا متواجدين بالبحيرة سموا ب " المهربين " من بينهم قاصر، أغلبهم حراس للزوارق.و نحن في جمعية الريف لحقوق الإنسان، تأسيسا على ما لدينا من معلومات، فإننا نرى أن هذه الحملة ما هي إلا ذر للرماد في العيون، و محاولة تضليلية للرأي العام، تتحمل مسؤوليتها مختلف الأجهزة الأمنية بالإقليم و الجهة.فمن غير المقبول بالنسبة لنا أن يطالعنا المسؤولون بخبر احتجاز ذلك العدد الهزيل من الزوارق في الوقت الذي كان في البحيرة طيلة الأسبوع الذي سبق هذه الحملة ما لايقل عن 163 زورقا مطاطيا بعضها محمل بالأطنان من المخدرات في حالة تأهب للإقلاع إلى الضفة الأخرى، إضافة إلى أن الزوارق المحتجزة لم يوجد على متنها أي شخص، على غير العادة، حيث يتواجد باستمرار حارس على الأقل على ظهر الزورق و هو فوق مياه البحيرة، كما اختفت من المدينة العديد من الوجوه التي ارتبطت أسمائها بتجارة المخدرات ساعات قليلة قبل بدء الحملة، مما يؤكد فرضية الاتفاق المسبق بين بعض العناصر الأمنية و بارونات المخدرات قبل الحملة الأمنية والتي تجعل من الصغار ضريبة لتضليل الرأي العام في حين يؤمن الطريق لبارونات المخدرات ليجوبوا الإقليم وأكثر الوطن كما يشاؤون .هذا و قد انتقلنا يوم الأربعاء 23 نونبر، إلى ناحية منطقة بوعارك فرأينا عددا كبيرا من الزوارق المطاطية راسية بالبحيرة كأن شيئا لم يحدث، و قد أكد لنا شهود عيان على أن عمليات التهريب استمرت بعد الحملة مباشرة و ذلك يوم الثلاثاء، حيث ما تزال مستمرة بشكل عادي. توصيات و من ثمة فإننا في جمعية الريف لحقوق الإنسان نوصي بما يلي: 1- التحقيق مع المعتقلين إثر هذه الحملة من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية لتورط عدد كبير من عناصر مختلف الأجهزة الأمنية بالإقليم و الجهة في التهريب الدولي للمخدرات، خاصة عبر مارتشيكا.2- فتح تحقيق جدي حول التهريب الدولي للمخدرات بإقليمالناظور،الذي استمر لغاية دقائق معدودة من الحملة الأمنية ليلة الاثنين- الثلاثاء 21 نونبر. 3- فتح تحقيق حول مصادر أموال و أملاك مختلف العناصر الأمنية بالإقليم و الجهة، سواء الحالية أو السابقة، و التي بدت عليها مظاهر الثراء الفاحش بعد مجيئها للناظور.4- جعل حملة محاربة بارونات المخدرات قطيعة مع الماضي، لا بصيغة الحملات السابقة نموذج حملة 1996 وما نتج عنها .5- المنظمات الحقوقية والمدنية والسياسية محليا و جهويا ووطنيا ودوليا لخوض حملة منظمة لمواجهة ما يحدث في حق المنطقة عامة و الإقليم خاصة، من التضليل و التواطؤ المكشوف للسلطات الأمنية.