انطلق الموسم الدراسي و عاد التلاميذ و الأسرة التعليمية للممارسة حياتهم العملية بالشكل المعتاد ، وعادت الشوارع و الأزقة إلى هدوئها و عادت الشواطئ و المصطفات إلى سكونها، بعد أن عاد الصغار لمدارسهم.غير أن يوم 16 شتنبر ليس هو البداية فبحلول شهر شتنبر تنتاب الآباء و الأمهات حمى الدخول المدرسي ، في هي البداية قبل البداية ، ومصاريف ترتفع تكلفتها من سنة لأخرى، مابين ارتفاع ثمن الكتب والدفاتر، ورسوم التسجيل وتكاليف جديدة كالزي المدرسي في بعض مدارس مدن المملكة، وبتزامن انطلاق الموسم الدراسي مع حلول شهر رمضان هده السنة يزداد لوضع صعوبة. على أبواب المكتبات اصطف الآباء و الأمهات و التلاميذ كل يحمل في يده ورقة بيضاء بداخلها قائمة طويلة كتبت عليها مكدسات من المطابع و الدفاترو الألوان و الأقلام و الأصباغفي الشوارع الرئيسية كما في الأحياء و الأزقة ، و انقلبت في بداية شهر أكتوبر عدد من الدكاكين الخاصة ببيع الأقراص المدمجة أو الكتابة على الكمبيوتر إلى مكتبات للبيع، وكذا غيًر الباعة المتجولون الذين يتخذون من الأرصفة و جنبات الطرق بضائعهم و جعلوا من الدفاتر و الأقلام و الأدوات المدرسية سلعة رسمية لشهري شتنبر و بداية أكتوبر، و في الدردشة مع هؤلاء الباعة صرح لنا أغلبهم بأن هذه مناسبة للرزق و العمل و الكسب ، مناسبة قد لا تتكرر إلا مرة في السنة فلماذا لا نغير سلعنا و بضاعتنا خاصة و أننا باعة متجولون لا نملك محلا قارا . هذا إضافة إلى انتشار بيع الكتب القديمة لإعادة استعمالها من طرف ذوي الدخل المحدود.فإذا كان هدا حال الباعة و المكتبات ، فماهو حال المواطن المغربي وسط هذه الدوامة ،ففي شوارع مدينة الرباط ،قابلت عدد من المواطنين مابين المكتبات و الباعة الذين يفترشون الأرض ، مابين كبت قديمة و كتب جديدة فجاءت أغلب التصريحات المتشابهة حول تزامن الدخول المدرسي و شهر رمضان "المصاريف مرتفعة أقل ثمن هو 300 أو 400 درهم للتلميذ خاصة في ظل تعنت أصحاب المكتبات يصرون على بيع المطابع بأغلفتها و يحاولون إستدراجك لشراء الدفاتر و الأقلام و الألوان بينما يمكنك الإكتفاء بالكتب و شراء الباقي من الباعة المتجولون بأثمان أقل"فهذا ماصرح به السيد أحمد على باب إحدى المكتبات بحي يعقوب المنصور بالرباط و هو موظف و أب لطفلين أحدهما يدرس بالابتدائي و الأخر يلج الإعدادية ، و على باب نفس المكتبة استرعى اهتمامي سيدة تحمل حملا خفيفا من الكتب في أول أيام السنة الدراسية و حين تسائلنا عن السبب أخبرتنا أ أبنائها يدرسون بإحدى مدارس التعليم الابتدائي الخاصة التي لها لاقوائم من الأدوات و الطلبات لا تتهي رغم مرور أكثر من أسبوعين على انطلاق الدراسة الفعلية في هذه النوعية من المدارس ، وهنا أثارت السيدة مشكلة التوقيت المستمر الذي تعمل به الإدارات المغربية العمومية دون المدارس العمومية و هو اضطرها إلى نقل أبنائها لمعهد خاص رغم تكاليفه التي لا تنتهي خاصة و أنهم في سنواتهم الأولى من التعليم الابتدائي أما أصحاب المكتبات فحسب رايهم فهم مضطرون لإجبار المشتري على شراء الأغلفة و غيرها لأنهم متضررون من تخفيض الأثمان من طرف باعة لا يؤدون ضرائب و لا رسوم كراء و لا التزامات أخرى بينما البائع المتجول يدافع عن حقه في ذلك و يعتبر نفسه مكره و غير مخير "إذا لم أغير أخفض ثمن القلم و الدفتر و الغلاف فما الذي يشجع المشتري على ترك مافي المكتبة ليشتري مني و إذا لم أبع سلعتي من يطعمني" علق أحدهم . مابين المكتبة و المحل و الأرض ، بين كتب جديدة لامعة و أخرى قديمة و مستعلمة ، بين الدخول المدرسي و شهر رمضان تبقى أعين المواطن ذي الدخل المحدود تنتقل في يأس و حيرة ، و كل دخول مدرسي و نحن بخير و تعليمنا تلاميذتنا بألف خير.