الحوار النقاش و الحوار الجدال ، ويعتمد الحوار في الرواية أو ما شابه على الجدية وعلى السخرية ، و الحوار بضم الحاء يعني ولد الناقة من ولادته حتى فطامه ويقال أيضا حوار الطرش ، وهو تباحث بين طرفين لا يفهم أحدهما الآخر . والحوار كما نعيشه سياسيا الآن على صعيد دولي فيه حوار جنوب جنوب و شمال جنوب وشرق غرب وأما الذي يهمنا نحن فهو الحوار الاستراتيجي بيننا و بين الولاياتالمتحدةالأمريكية . و الإستراتيجية في مفهومها العام هي فن التسيير لبلوغ هدف ما أو هي أيضا فن التخطيط العسكري للفر و الكر، و الإستراتيجية المناورة . و كما قال الفيلسوف أستاذ العلوم السياسية النمساوي بيتر دروكر الإستراتيجية فن التصدي للقدر وفي قولة مأثورة ل لودوينغ ويلدغنشتاين "الاستراتيجية تأتي حين يصبح التخطيط غير ممكن " . الإستراتيجية تخص جميع نواحي الحياة من الاقتصاد كالتي روج لها رونالد ريكن أثناء فترة رئاسته والتي قامت على فرضية ان تقليص الضرائب من شأنه زيادة إنتاجية دافعيها و ثرائهم وهي الإستراتيجية التي فشلت نوعا ما في بلوغ مبتغاها لأن الأثرياء غدروا بأمريكا، أو في الاستثمار والتي تتسم بالاستعداد لتحمل مخاطر فوق متوسطية أملا في الحصول على عائد فوق المتوسط وهذه استراتيجية لا تصلح إلا للمجتمعات ذات الإنتاج الفوق عادي ، أو المالية وهي ممارسة تأخذ بها شركة ما لمتابعة تحقيق أهدافها و تهم الشركات التي لها سيولة كبيرة تمكنها من تفعيل التخطيط على المستوى المتوسط و البعيد. و الحوار في المسائل الإستراتيجية له ضوابطه و آلياته وكذا ناسه و ثقافته . مثلا إذا كنت تريد أن تخطط عسكريا بطريقة إستراتيجية يجب أولا أن تكون لك صناعة عسكرية لمواجهة دول لها نفس الإمكانات و تكون تلك الدول تهدد كيانك أو في الإستراتيجية الغذائية يليق بك ان تكون مكتفيا ذاتيا حاضرا وتخطط لكفاية من سيأتي من الأجيال و النسل مستقبلا. وفي الاقتصاد الإستراتيجية تكون مبنية على ما تقدمه من إيرادات و تطور لك وللغير. هل هيأنا أنفسنا لكي نحاور الآخر استراتيجيا ؟ ! هل لدينا بنية اقتصادية ورؤية ثقافية مستقبلية وهل لدينا قوام عسكري ذاتي يسمح لنا بمجاراة و محاورة دولة كأمريكا لها باع حتى في فن المناورة ، هل لنا أسس ديمقراطية تمكننا من ضبط المستقبل؟ هل عندنا مقومات و توجهات الدولة العلمانية واللادينية حتى نفكر في الاستغناء و الالتفاف على القدر ؟ هل لدينا جامعات ومعاهد يبحث فيها المستقبل لدرء مفاجأته ؟ هل كل ما لدينا و ما فينما يسمح لنا بالحوار استراتيجيا مع دولة كأمريكا بجامعاتها و منضريها و أساتذتها وبنيتها العلمية و التكنولوجية ؟ هل سيكون من الصواب الإيمان بهذا الحوار مع العلم أننا دولة دينية لها مقومات روحية و روحانية تؤمن بالقدر خيره وشره ولا يوجد في ثقافتنا فن التصدي له. دولة في غالبيتها أمية ضعيفة بنيتها التعليمية وقد تحتاج إلى أجيال و أجيال لكي تتجاوزها وتتخلص منها ، ينخرنا ضعف اقتصادي ونعتمد على الواردات في كل شيء أو في أشياء كثيرة لم نتمكن بعد من الاكتفاء ذاتيا في ما هو غذائي وهذا عنصر مهم في إستراتيجية الدول ورحم الله الحسن الثاني حين نظر لسقي مليون هكتار باتخاذه إستراتيجية محمودة عظيمة تلك التي تتبنى تشييد السدود مع العلم أن نهر الميسيسيبي في أمريكا وحده حين يمتلئ ويخرج عن سريره يغطي ما يناهز 10 مليون هكتار من الأراضي بالمياه . صحيح أن المغرب انخرط في مسلسل ديمقراطي على مستوى عال وأصبحت فيه صحافة مستقلة فيه انتخابات شفافة فيه تمثيلية حزبية حيث يفوق عدد الأحزاب 30 حزبا أو نيف يساير العصر فيما يخص الطاقات المتجددة أو بالأحرى أصبح رائدا في هذا المجال على الصعيد العالمي ، يستقبل رؤوس الأموال و يصونها و يحفظها له رؤية مستقبلية رائدة في مجال الحوار على المستوى الحضاري يحكمه ملك عادل طيب متواضع يهيئ له ما يجب للتقدم لكن هل هذا يكفينا لمحاورة أمريكا على المستوى الاستراتيجي ، لنتواضع قليلا ونسمي الأشياء بمسمياتها ، نحن دولة ضعيفة تحتاج لمن يخرجها من ظلمات الفقر إلى نور الرفاهية ولا يمكن لنا إلا أن نعول على الله لبلوغ ذلك . لماذا نستحي من القول بأننا فقراء ضعفاء نحاول مجارات التقدم على كل الأصعدة وأننا كذلك نحتاج لمن يحمينا من حروب المستقبل كلها بما فيها ما هو ثقافي وغذائي وسياسي و كذلك وجودي ، هل في ذلك عيب ؟ ماذا أعطتنا أوربا و ماذا أعطتنا أفريقيا؟ وماذا أعطانا العرب مع امتناني لدول الخليج التي تساعدنا ماليا حينما تنتابنا الأزمات ، هل كانت فرنسا بتقلبات سياستها مساندة لنا في توجهاتنا العامة ؟ أمريكا كانت دائما سندا لنا لحمايتنا عسكريا من جيراننا الذين كانوا يتربصون بنا لإضعافنا بجزائرييهم وليبييهم و حتى مصرييهم في بعض الأحيان هذا هو الواقع الذي لا مناص عنه ، حتى فرنسا قاومت لكي لا نكون مستقلين في ضبط أمور وطننا . أما اسبانيا الدولة التي لم تخرج من الفقر والديكتاتورية إلا في وقت قريب تحاول أن تفقرنا عبر مساندة الانفصال ومازالت كذلك تستعمر جزءا من أرضنا . لماذا لا نذهب إلى أمريكا لمؤازرتنا و نطلب منها السند لكي توصلنا إلى بر الأمان ومن تمت نتكفل بأنفسنا يوم نصبح في غنى عنها أليست أمريكا دولة عظمى فيها القوت والتكنولوجيا و التقدم الصناعي و المستقبل ، كفانا مجاملة لأولئك الذين لا يريدون الخير لأمتنا كفانا عبثا بالزمن ، وفي جدال هامشي ثقافي سياسي عدا استراتيجي خرجنا بما مفاده إذا كان لا بد من الحوار مع أمريكا فلنتركه للمؤسسة الملكية بأهلها و مستشاريها ونترك للأحزاب التي لم تستطع حتى ضبطه بين مريديها و مع مثيلاتها التخصص بما هو ظرفي ومستقبلي قريب . المستقبل ينتظرنا ولن يرحمنا و المغرب استراتيجي بمكانته الجغرافية وبملكه وملكه. أما أنا فسأذهب للبحث عن حليب أم المضمومة حاؤه كي أعود لكم في صحة جيدة لأفتح أبوابا أخرى إن شاء الله.