شكلت سنة 2004 ذكرى سيئة لسكان منطقة إمزورن بإقليم الحسيمة بفعل الزلزال القوي الذي ضرب المنطقة وخلف العديد من القتلى والجرحى، غير أن هذه السنة كانت بداية عمل كبير تميز بانطلاق أوراش تنموية حقيقية... من أجل إعادة إعمار المنطقة وتأهيلها بغية جعلها من المناطق الرائدة بالمغرب على المستوى الاجتماعي والاقتصادي. وحركت هذه الكارثة الفاعلين في مختلف المجالات المرتبطة بتنشيط الفعل الاقتصادي والاجتماعي بالمدينة الذين عملوا خلال السنوات الأخيرة على تضميد جراح مخلفات الزلزال الذي ضرب بقوة في المنطقة وخلف شروخا كبيرة لم تكن في الحسبان.
ومنذ ذلك الحين, تعرف المنطقة دينامية اجتماعية هامة متجددة وحركية لا مثيل لها من أجل تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المنشودة, حيث تم بعد حدوث الزلزال المدمر بالمنطقة الشروع في تنفيذ برنامج مكثف لإعادة إسكان المواطنين في المناطق المتضررة وإقامة البنيات التحتية, وذلك تنفيذا لتوجيهات الملك محمد السادس.
وفي هذا السياق, شهدت منطقة إمزورن إطلاق ورش بناء واسع من أجل إعادة إيواء عائلات الضحايا, وذلك في إطار تنفيذ البرنامج الإستعجالي الذي يتضمن تطوير الطرق الحضرية وترميم وتعزيز شبكتها وتحسين الصرف الصحي, وبناء العديد من الملاعب الرياضية ومراكز للشباب والساحات العامة والأسواق الأسبوعية ومراكز اجتماعية وحدائق ومرافق صحية وخدماتية.
وظهرت ثمار برنامج إعادة الإسكان بسرعة, حيث شهدت سنة 2006 تسليم مفاتيح 214 شقة تم بناؤها في إطار برنامج إعادة إسكان المتضررين من الزلزال الذي ضرب المنطقة في 24 فبراير 2004 وذلك بغلاف مالي يبلغ 48ر61 مليون درهم.
واندرجت هذه المجموعة من الشقق في إطار الشطر الأول من عملية إعادة إسكان المتضررين والتي تتضمن بناء 346 شقة حيث يبلغ الغلاف المالي لهذا المشروع, الذي شرع في إنجازه في ماي 2005, نحو 48 ر61 مليون درهم, وهو يمتد على مساحة هكتار واحد, ويتم بتمويل تشاركي بين الدولة التي تساهم بمبلغ 40 ر34 مليون درهم إلى جانب توفير الوعاء العقاري, والمستفيدين (08 ر27 مليون درهم). ويعد هذا المشروع جزءا من برنامج عام يمتد على مساحة 5 ر5 هكتار, ويتضمن إنجاز 1010 شقة بكلفة إجمالية تناهز243 مليون درهم. كما يتضمن بناء مسجد ومركز تجاري وثقافي وروض للأطفال بكلفة إجمالية تناهز13 مليون درهم.
كما تم إطلاق المشروع السكني المندمج "عبد الكريم الخطابي" الذي ينجز على مساحة 5 ر6 هكتارا ويضم 291 وحدة تتوزع ما بين 60 فيلا اقتصادية و150 شقة و81 بقعة. ويبلغ الغلاف المالي الإجمالي المخصص لإنجاز هذا المشروع الذي سيستفيد منه2060 نسمة نحو 95 مليون درهم.
وتتضمن مجموع برامج الإسكان والتعمير بمدينة إمزورن إنجاز ثماني عمليات بكلفة إجمالية تصل إلى378 مليون درهم ويستفيد منها نحو 18 ألف نسمة. وتهم هذه العمليات التي تمتد على مساحة 90 هكتارا عملية لإعادة الإسكان, ومشروعا مندمجا, إلى جانب ست عمليات لإعادة الهيكلة تتطلب تعبئة وعاء عقاري يمتد على مساحة78 هكتارا ورصد لها غلاف مالي يقدر بحوالي أربعين مليون درهم.
كما شيدت, ضمن العمل الاجتماعي والتشاركي, دار للفتاة بإمزورن بلغت كلفتها حوالي ثلاثة ملايين درهم من بينها مليون درهم مساهمة من مؤسسة محمد الخامس للتضامن,وكذا بناء مركز إقليمي للرعاية الاجتماعية أنجز في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بغلاف مالي يفوق 8 ملايين درهم .
كما تم في إطار التنشيط السوسيو ثقافي والرياضي بالمدينة إحداث قاعة مغطاة متعددة الرياضات بغلاف مالي يبلغ 10 ملايين درهم, وكذا مركب سوسيوثقافي ورياضي بغلاف 5ر2 مليون درهم سيساهم في الادماج الاجتماعي لشباب المنطقة.
وفي هذا السياق, عبر السيد عبد القادر أعرود, رئيس جمعية السلام للثقافة والتنمية بإمزورن, عن ارتياح الساكنة للآثار الإيجابية الملموسة للمشاريع التي تم إنجازها خاصة تلك التي أشرف على انطلاقتها صاحب الجلالة الملك محمد السادس, مشيرا على الخصوص إلى المشاريع التي أنجزت بالمنطقة بعد الزلزال الذي ضربها سنة 2004 والمتعلقة أساسا بالمجالات الثقافية والاجتماعية والرياضية.
وأوضح السيد أعرود, في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء, أن المركب الرياضي الذي تم إحداثه لعب دورا كبيرا في تنشيط الحياة الرياضية بالمنطقة. كما أشار إلى الدور الذي لعبته دار الفتاة, التي تأوي الفتيات القادمات من مناطق بعيدة, في محاربة الهدر المدرسي وتشجيعهن على متابعة دراستهن.
وأكد من جهة أخرى أن المركب البلدي للتنشيط الثقافي والفني يعتبر فضاء مناسبا لإقامة الأنشطة ذات البعد الثقافي خاصة أنه يحتوي على قاعة للندوات طاقتها الاستيعابية تفوق 500 شخص, مشيرا إلى احتضان هذا الفضاء لملتقى دولي حول "الثرات الثقافي بمنطقة الريف" حضرته شخصيات هامة من عدة دول عربية وأوروبية. ومن المنتظر أن تستفيد المدينة من المزايا الاقتصادية والاجتماعية والسياحية لمشروع الطريق السريع تازة-الحسيمة الذي يوجد في طور الانجاز على طول 5ر148 كلم بغلاف مالي يقارب 5ر2 مليار درهم.