■ هي أَحزابٌ تُتقِنُ مُمارَسةَ لُعبَةِ الأشبَاح! وهذا ليس جدِيدًا.. هُو مِلفٌّ قدِيم.. مُتَداوَلٌ مِن زمَان.. والجديدُ فيه: مُؤسساتٌ سَرّبَت مِن الرّباط، إلى الإعلاَمِ "الرّسمِيّ"، مِلفَّ "المُوظّفِينَ الأشبَاح".. ▪︎لماذا لم تَقُم الحُكوماتُ السابِقةُ بمَسؤُولياتِها؟ وحتى حكوماتُ "اللاّعدَالة واللاّتنمِيّة" لم تُعالِج فَضائحَ الأشباح، واختَارَت الجُنوحَ إلى الصّمت؟ ▪︎وأين كانت "أمُّ الوزارات"، حتى وهي وصيّةٌ على الجماعاتِ المَحلّيّة، عِندَما كانَ عليها أن تُسمِعَ الناسَ حُنجُرتَها؟ ألَم تكُن قادرةً على الكلام؟ وعلى دِرايةٍ بتَفاصِيلِ "الأشبَاح"؟ ألم تكُن إداراتُنا، وأمام أنظارِها، تعُجُّ بالأشباح.. وكانت أَحزابُنا لا تَجهلُ "لُعبةَ الأشبَاح".. فلماذا اختَارت "أمُّ الوزارات" أن تلتزمَ الصمت، حتى في زمنِ المرحُوم "إدريس البَصري"؟ ألم تكُن هذه الوِزارةُ نفسُها وَصِيّةً على الجَماعاتِ المَحلّيّة التي كان الأشباحُ يصُولون ويَجُولونَ في مَجالسِها القَرويّةِ والحَضَرية؟ ▪︎ومَعرُوفٌ أنّ الأشباحَ لا يَشتغلُون في الوَظائفِ المَنسُوبة إليهِم.. يَتلقّون رَواتبَهم بانتِظام، حتى وهُم مُقيمُون إمّا في الخارج، أو هُم مُتَفرّغون لمَشاريعَ خاصّةٍ بهِم داخلَ البَلد؟ ▪︎ هذا المِلفّ كان تحتَ أنظارِ أحزابِنا وحُكوماتِنا المُنبثِقة من هذه الأحزاب، وتَلاعَبت بهِ الزّعاماتُ الحزبيةُ تلاعُبَها باقتِصادِ الرّيع.. وحتى في داخِل البَلَد، مُوظّفون بالتعليمِ العُمومي وغيرِه، هُم أشباحٌ مُتفَرّغون لنِقاباتِهم ومَهامّهِم الحِزبيّة.. ماذا تستفِيدُ أحزابُنا من الأشباح "النّضالية"؟ جُلُّ الأحزابِ مُتَورّطةٌ في فضيحةِ المُوظّفِين الأشباح.. وأيُّ دَورٍ للأشباح الحِزبية، على حسابِ الوظيفةِ العُمُوميّة؟ ألم تكُن الأحزابُ قادرةً على التّأفّفِ والتّعفُّف، وهي تتَوصّلُ بانتِظام، بدَعمِ الدولةِ المرصُودِ للأحزاب؟ أيُّ سِرّ في تفاهُمات الأحزاب حول الاختِراقات التي ألحَقَتها الأشباحُ بالماليةِ العامّة للبَلد؟ ▪︎"مِلفُّ الأشباح" أخرَجَتهُ الحكومةُ الحاليّة إلى الأضواء، وسلّمَت مَعلوماتٍ مِنهُ إلى إذاعاتٍ وتَلفزاتٍ في أوساطِ الحُكُومة.. ألم يَكُن الإعلامُ "الرّسمِي" الذي يَشتَغِلُ تحتَ غِطاءِ شَرِكات، أي هُو "مُخَوْصَصَ"، على عِلم بخَلفيّاتِ المُوظّفِينَ الأشباح؟ إنّ الملفّ قدِيمٌ جدًّا، وليسَ جديدًا.. والأحزابُ أَعرَفُ منكَ ومنّي ومِنّا جميعا بخلفياتِ الأشباح.. لقد تمّ تَجدِيدُه.. وقام الإعلامُ الحكومي بتَلمِيعِه، ليكُونَ جاهِزًا لاستِهلاكٍ داخِلي، ولكَي يتِمّ به إلهاءُ المُجتمَع.. والمِلفُّ بصيغتِه المُتجدّدة، ليس فضِيحةً فقط، بل جرِيمة اقتَرَفَتها الأحزابُ باعتِبارِها - في البرلمان - ذاتَ دورٍ "تشرِيعيّ".. وتمّ إقحامُ عدةِ أطرافٍ منها وسائلُ الإعلام: إذاعات وتَلفَزات، وَو"كالة المَغرب العرَبي للأنباء".. وكذا "أُمّ الوِزارات"، والحُكُومات المتَتابِعة في المَسؤوليةِ على تدبيرِ وتسيِيرِ الشأنِ العمُومي، والأحزاب التي يَنتمِي إليها المُوظّفون الأشباحُ المَعنيُّون، والبرلمان بغُرفتَيْه، ومؤسّسات أخرى، إضافةً إلى شَخصياتٍ نافِذة في البلد.. وكلُّ هذه الألوان النُّخبَوية استلَمت المعلوماتِ الشّبَحيّة، وكأنها ليست مسؤولةً - هي أيضًا - عن "مُؤامرة الصّمت".. فلماذا إذَن صَمَتَت هذه الأطرافُ وغيرُها من زمان؟ ▪︎وماذا عن الوِزارة الإعلامية التي تناوَبت تسمياتُها على: الأنباء، والاتّصال، والإعلام، وتسميّات أخرى؟ ألم تكُن هذه الوزارةُ الوصيّةُ على قِطاع الصحافةِ والإعلام، على عِلمٍ بمُوظَّفِين أشباحٍ حتّى في مَواقِعَ محسُوبةٍ على "مِهنَةِ المَتاعِب"؟ ألاَ يوجَدُ في الإعلامِ أشباح؟ لماذا كلُّ هذا التّأخُّر في الإخبَارِ بمَعلوماتٍ مُكرّرة؟ ■ ولماذا لم يُقدَّم المِلفُّ إلى القَضاء؟ إنّنا اليوم أمام جَريمةٍ كُبرى، حدثَت أمام أنظار أحزابٍ وقياداتٍ حِزبيّةٍ وحكوماتٍ مُتتاليةٍ ومَجالسَ جماعية... ومِن نَماذِجِ المُوظّفين الأشباح، ذُكورًا وإناثًا: زَوْجٌ في المَجلس البلدِي سَجَّلُوا زوجتَه مُوظّفةً في هذا المَجلس، وهي لم تَحضُر ولو مرّة واحدة في العملِ المَنسُوبِ إليها، وتعِيشُ في مكانٍ آخر، أو في بلدٍ آخَر، ويصِلُها الراتبُ الشّهرِي بانتِظام.. ▪︎أشباحٌ لا يَقتَصِرُون على الرباط، ولا على مَناطقَ جَنُوبيّة.. الأشبَاحُ في كلّ مكان، ومِن كل الأنواع، قاسَمُهُم المُشترَك، هو أنّهُم يعِيشُون على ظَهرِ غَيرِهم، تمامًا كالفَيرُوسات.. والأشبَاحُ يتَقاضَون رواتبَ شهرية، دون أيّ عمل.. ▪︎وتُساهِمُ ظاهِرةُ "المُوظّفِين الأشبَاح" في إهدارِ المِيزانيّة العامّة للبَلَد.. وتَبلُغُ الخسائرُ المالية، لرَواتبِ الأشباح، وهُم بدُونِ عمَل، حوالي 10 مليارات درهم سَنَوِيًّا.. والأرقامُ قد تكونُ أكبر.. فما هو المَطلُوب؟ ■ المَطلُوب: فتحُ تحقيق... تحديدُ قيمةِ الخَسائر المالية الوطنية، خلالَ كل السنَوات الشّبَحِيّة.. ثُمّ فتحُ تحقيق قضَائي، على الصعيد الوَطنِي، واستِحضَارُ الجُناةِ وشُرَكائهِم وهُم آلافٌ بالداخِل، وحتى من الخارج.. ▪︎جريمةٌ من العيّار الثّقِيل، إذا أخَذنا في الاعتِبار سنَواتٍ طويلةً لاستِنزافِ المال العمومي من قِبَلِ الأشباحِ وشُرَكائهِم.. جريمةٌ ثقيلةٌ قد تكُونُ ذاتَ أبعادٍ دولية.. وتُسيءُ أيّما إساءةٍ لسُمعةِ بلادِنا.. وتُعَرقِلُ طُمُوحَنا الدّيمُقراطي، ومَسارَنا الانتِخابِي.. وتَضُرُّ أيّمَا إضرارٍ بصُندُوق الدّولة، وبتَوازُناتِنا التّشغِيليةِ الاجتماعية، والتّنمَويّة، وباستِقرارِنا الوطني.. جريمةٌ ذاتُ أبعادٍ أخرى منها الاستِيلاءُ اللاّمشرُوع على حُقوقِ مُواطِناتٍ ومُواطِنين في مَناصبِ تشغيل.. لكنّ جهةً ما قامَت بتفويتِ هذه المَناصب، وبطريقةٍ لامَشرُوعة، إلى أشخاص لا يَستأهِلُونُها.. ▪︎ولِجَريمةِ الأشباحِ زوايا أخرى، مَحلّية ووّطنية ودولية، منها تحريكُ طابُورٍ من سَماسرةِ الأحزاب، ومِن إداراتٍ حُكومية، لتتَبُّعِ وتدبيرِ وتسلِيمِ الرّواتِب... ▪︎هذه هزّةٌ لا نَدرِي إلى أينَ تقُودُنا؟ وليس مُستَبعَدًا أن تَقُودَ إلى توقِيفِ الأحزاب، نظرا لمَسؤوليتِها في مِلفّ "المُوظّفِين الأشبَاح".. وتَوقِيفُ الأحزاب يَعنِي احتِمالَ إدخالٍ بلادِنا في مَرحلةٍ استِعجَالية، بِصفةٍ مُوقّتة: ▪︎"حٌكومَةٌ انتِقاليّة"، بدَلَ الانتِخابات! ودَورُ الحكومةِ الانتِقالية هو: التّهْيِيءُ لانتِخاباتٍ قادِمة، خلالَ مُدةٍ زمنيةٍ مَحدُودة.. وهذا يَستَوجبُ تأهيلَ الأحزاب، لانتِقاءِ الصّالحِ فيها، والتّشطيبِ على الطّالِح.. ▪︎وعلينا بِتَجاوُزِ مَرحلةِ فضِيحة الأشباح، أي فضيحة أحزابِ الفَسادِ الانتِخابي، فضيحة إدخالِ بلادِنا في "تجربةٍ جديدة" لديمُقراطيةٍ ما زالت في مسارِنا منَ الأحلام.. لقد تمَكّنت "أحزابُ الأشباح" مِن عَرقلةٍ أُخرَى للدّيمُقراطيةِ المَغربية.. ■ كفَى مِن الاقتِصارِ على خدمةِ مَصَالحِ الأحزاب! متَى تتَفرّغُ أحزابُنا لِلدّيمُقراطية الحقيقية؟ وسُؤالٌ عُمومي في كلّ البلد: هل الانتِخاباتُ بطابَعِها "الفُلكلُورِيّ" ما زالَت مُمكِنة؟ وهل هي ضرورية؟ أليست مَضيَعةً للوقت؟ وماذا نَفعَلُ بهذه الانتِخابات، حتى وهي شكليةٌ صُوريةٌ سَلبِيّة؟ كيف نتَعامَل معَها؟ وفي أيّ اتّجَاه؟ وما النّتِيجَة؟ ماذا نحنُ فاعِلُون؟ ▪︎أليسَت لنا طريقَةٌ أخرى قد تكُون هي السّالِكة؟ وهي تَشكِيلُ "حُكومةٍ انتِقاليّة".. لعلّ هذه أقلّ تَكلُفَة.. وتَختَصِرُ المَسافةَ إلى هَدفِنا المُشترَكِ المَنشُود.. وفي حالِ تشكِيلِ هذه "الحُكومةِ الانتِقاليّة"، وهي مُوقّتة، تُسنَدُ لها مُهمّةُ واحِدةٌ هي التّأهيلُ لانتِخاباتٍ قادِمة.. وسيكُونُ لبِلادِنا مُتّسَعٌ من الوَقت لإعادةِ بناءِ الأحزاب والناخِبِين والمُرشّحِين.. وعندَها، يُمْكِنُ في وقتٍ قصيرٍ أن نُنظّمَ انتِخاباتٍ مَحَلّيةٍ وبرلمانية ناجِحة تُؤدِّي إلى الدّيمُقراطيةِ الوطنية المَطلُوبة.. ▪︎الحكومةُ الانتِقاليةُ مُناسِبةٌ لإعدادِ خارطةِ طريقٍ إلى استرَاتيجيّةٍ وَطنيةٍ قِوامُها: بناءُ دَولةِ المُؤسّسات التي ينصُّ عليها دستُورُ المَملَكة.. الدّولة الدّيمُقراطية.. الحُقوقية.. التّنمَويّة.. المُنْفَتِحة على الداخلِ الوطني، وعلى الدّولِ الشّريكة... ▪︎وخلال هذه المَرحلةِ الإعداديّة، سيكُونُ علينا أن نُكافِحَ الفَسادَ الإدارِي، وبطريقةٍ لا هَوادَةَ فيها، وبكُلّ رُبُوعِ بلادِنا.. الحَربُ على الفَساد، بمُختَلفِ المَجالاَت والمُستَويَات.. ويُقَدَّمُ للمُحاكَمةِ كُلُّ مُسؤُولٍ يَثبُتُ في حقّهِ فسادٌ إداريّ، أو حِزبِي أو نِقابي أو تزويرٌ انتخابي.. حُكومةٌ انتِقاليةٌ مُوقّتة، تتكوّنُ مِن شَخصيّات: وطنيّة، مُؤهّلة، مُستقِلّة، غيرِ مُتَحَزّبة... ■ بِلادُنا بحاجةٍ إلى تَدخّلٍ عاجِل، لأسبَابٍ مِنها المُحافَظةُ على مُكتَسباتِنا الوَطنية، داخِليّا وخارِجيّا.. وإعادةُ النظَر في القوانِين التي أعَدّتها حُكوماتٌ مِنهَا حكوماتُ حزبِ "تُجارِ الدّين"، ومُرَاجَعةُ قائمةِ مَناصِبِها العُليا، وإقرارُ دَولةِ المُؤسّسات، والقانُونِ المَدَني الذي يَنبَنِي على القانُونِ الدّولي.. هذه مُراجَعةٌ ضَرُوريةٌ تَجعَلُنا نَكسِبُ وقتًا ثمِينًا.. ▪︎ونَطمَئِنُّ لكَونِ الأشبَاحِ لن تُنهِكَ بعدَ اليومِ مُؤسّساتِنا، ولن تَستَنزِفَ أموالَنا العُمُوميّة.. ونَستَطِيعُ السّيرَ معًا، يَدًا في يَد، خَلفَ عُقلاءِ وحُكماءِ بلادِنا، إلى مُستَقبلٍ مُشتَرَكٍ مُطَمْئِنٍ آمِنٍ بنّاء.. [email protected]