على غرار ما فعلته عند ارتفاع أسعار المحروقات، وانتظارها إلى حين إعلان مهنيي النقل الزيادة في التعريفات بنسبة 20 في المائة، تنهج حكومة عزيز أخنوش سياسية الصمت والغموض بخصوص الزيادات المرتقبة في أسعار الخبز، والتي شرعت بعض المخبزات في تطبيقها ابتداء من يوم أمس الاثنين متعللة بارتفاع أسعار المواد الأولية، في الوقت الذي قد تشهد فيه واردات القمح أيضا أزمة لم تكن في الحسبان نتيجة تطورات الأوضاع في أوكرانيا التي تستورد منها المملكة جزءا من حاجياتها لهذه المادة. وأعلنت بعض المخابز، مع بداية الأسبوع، رفع أسعار جميع أنواع الخبز ب50 سنتيما، مبررة ذلك بالزيادات التي شهدتها المواد الأولية، دون أن يصدر عن الحكومة أي رد فعل، علما أن الفدرالية المغربية للمخابز والحلويات كانت قد أعلنت قبل أسبوع نيتها تنفيذ هذه الخطوة، حين أصدرت بيانا قالت فيه إنها "تدرس تحرير ثمن الخبز من طرف واحد على غرار باقي المواد الإستراتيجية كالمحروقات وغيرها". ولم تتفاعل حكومة أخنوش مع هذا الإعلان الذي كان بمثاب, "تحذير"، والذي تحدث عن أن المخابز بالمغرب لا تتلقى أي دعم عمومي للحفاظ على الثمن المرجعي للخبز في درهم واحد و20 سنتيما، وهي وحدها من تتحمل كل المصاريف والزيادات في كل مكونات إنتاج الخبز لمدة 20 سنة، مبرزة أن الدعم الحكومي موجه للصناعة التحويلية لوحدات المطاحن. ووجهت الفيدرالية حينها، انتقادا صريحا لمخطط "المغرب الأخضر" الذي أشرف عليه أخنوش نفسه حين كان وزيرا للفلاحة طيلة 14 عاما، حيث اعتبرت أن طريقة توزيعه للدعم هي إحدى أسباب الوضع الحالي، مبرزة أن "فلسفة تنمية سلاسل الإنتاج أودت بقطاع المخابز إلى الإفلاس رغم الدعم الذي خصص لسلسلة الحبوب والذي بلغ 800 مليار في إطار برنامج المخطط الأخضر"، داعية إلى تشكيل "لجنة تقصي الحقائق حول الدعم المخصص لدعم استيراد وتخزين وتحويل الحبوب". ورغم ذلك، فإن سيناريو التعامل مع الزيادة في ثمن المحروقات تكرر في هذا الملف، حين فوجئ المواطنون قبل أيام ببلاغ ليلي صادر عن الجمعية المغربية للنقل واللوجيستيك يُعلن رفع التسعيرة في جماع وسائل النقل بنسبة 20 في المائة، وهو الأمر اضطر وزير النقل واللوجيستيك، محمد عبد الجليل، للتدخل من أجل إقناعها بالتراجع عن هذه الخطوة في صباح اليوم الموالي. وتعيش حكومة أخنوش مُنفصلة عن الواقع في قضية ارتفاع الأسعار، إذ لا تصدر منها أي تدخلات لا بإنهاء الزيادات الارتجالية في أثمنة العديد من المواد الاستهلاكية الأساسية، ولا حتى للتواصل مع المهنيين والمستهلكين، وهو الأمر الذي يتضح بجلاء في موضوع الخبز، الذي لا يتزامن فقط مع خروج احتجاجات بمطالب اجتماعية في عشرات المدن المغربية، ولكن أيضا مع تطورات الوضع في أوكرانيا، البلد الذي يستورد المغرب منه القمح. ويعد المغرب واحدا من بين أكثر 10 دول استيرادا للقمح الأوكراني، ورغم وجود إرهاصات كثيرة عن قرب اشتعال حرب في هذا البلد مع روسيا، ووجود احتمال قوي لأن يؤدي ذلك إلى وقف هذه الواردات إلى مختلف دول العالم، إلا أن الحكومة لا تزال ساكتة عن هذه النقطة أيضا، والتي من شأنها أن تُفرز أزمة جديدة لها تأثير مباشر على إنتاج الخبز وكذا على سعره النهائي.