قبل أن يخفو موضوع قرار النائب العام السويسري متابعة الجنرال الجزائري خالد نزار، وزير الدفاع خلال الحرب الأهلية والذي يوصف بأنه المسؤول الأول عن مجازر العشرية السوداء، برزت إلى العلن قضية أخرى مصدرها سويسرا أيضا، وذلك بعدما كشفت تسريبات نشرتها صحيفة "الغارديان" البريطانية أن الجنرال الذي عاد سنة 2020 إلى الجزائر كان يملك حسابا بنكيا في مصرف "كريدي سويس" تزامنا مع الفترة التي بدأت فيها التحقيقات حول جرائمه. وكشفت التسريبات أن البنك السويسري يُعدُّ ملجأ للحسابات المالية للعديد من رؤساء الدول والمسؤولين الحكوميين والعسكريين المشتبه في تورطهم في قضايا فساد وجرائم ضد الإنسانية، ومن بينهم نزار، الذي بدأ توثيق تورطه في "العشرية السوداء" من سنة 2004 لكنه رغم ذلك فتح حسابا في "كريدي سويس" بمبلغ مليوني فرنك سويسري، وهو الحساب الذي ظل ساريا إلى غاية سنة 2013 أي بعد عامين من فتح التحقيق في الشكاية الموجهة ضده للقضاء السويسري بتهمة ارتكاب جرائم حرب. وكان خالد نزار يخطط للاستقرار في سويسرا، إلى أن جرى اعتقاله بعد أن قامت منظمة "ترايل إنترناشيونال" غير الحكومية المتخصصة في مكافحة الإفلات من العقاب، بتحريك شكاية ضده باعتباره متورطا في المجازر التي شهدتها الجزائر خلال الفترة ما بين 1992 و2000، ليتم الاستماع إليه من طرف المدعي العام قبل أن يقرر إخلاء سبيله على أن يلتزم بالاستجابة للاستدعاءات الصادرة عن القضاء، وهو ما استغله الجنرال لمغادرة سويسرا نهائيا، لكن حسابه ظل مفتوحا عامين بعد ذلك. وعادت القضية إلى الواجهة مجددا هذا الشهر بعدما أعلنت منظمة "ترايل إنترناشيونال" الموجود مقرها في جنيف أن التحقيقات التي امتدت لأزيد من 10 سنوات أدت إلى إحالة نزار على المحاكمة بسبب "وقائع خطيرة للغاية تشكل تواطؤًا في ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وخاصة عمليات إعدام خارج نطاق القضاء، ومُمارسات تعذيب وعمليات اختفاء قسري"، وهو الأمر الذي أكدته هيئة دفاعه والتي أبدت اعتراض موكلها، الموجود في الجزائر حاليا، على التهم الموجهة له. وكانت التسريبات التي نشرتها "الغارديان" قد شملت العديد من المسؤولين العرب وأفراد عائلاتهم ومقربين منهم وشركاءهم، أبرزهم الرئيس المصري الراحل محمد حسني مبارك، حيث إن حساب مسجلا باسم ابنه علاء مبارك كان يحتوي على 232 مليون فرنك سويسري، ، إلى غاية سنة 2010، العام الذي سبق الثورة التي أطاحت به، أما نائبه خلال آخر فترات حكمه ورئيس جهاز المخابرات السابق، عمر سليمان، فكان يملك رصيدا ماليا رفقة شركائه وصل إلى 63 مليون فرنك.