أبدى عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، ضعفا واضحا في التعامل مع غلاء أسعار المواد الغذائية والمحروقات التي تضرب المغرب حاليا، ولم يستطع لا هو ولا أي من أفراد حكومته أن يقدموا حلولا فعالة أو خطابا مقنعا يهدئ جذوة الغضب المتزايد جراء زحف الأزمة، مفضلين القول بأنها مشكلة عابرة نتيجة تقلبات الأسواق الدولية في البداية، ثم لجؤوا إلى سياسية الصمت والتجاهل بعد أن اشتدت مؤخرا، الأمر الذي جعل من أخنوش حاليا، الشخص المغضوب عليه رقم واحد في المغرب. وانتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي مطالب برحيل رئيس الحكومة، مرفوقة باتهامات له ولحكومته بسوء تدبير المرحلة، بل إن كثيرين اعتبروا أن الفشل الذي حصدته التجربة الحالية خلال أربعة أشهر فقد على ميلادها كان أفظع مما توقعه أشد المتشائمين، وربما كان "متشائم" واحد قد رأى السيناريو الحالي مرسوما بوضوح أمامهم لدرجة أنه حذر منه، وهو رئيس الحكومة الأسبق عبد الإله بن كيران، الذين دق ناقوس الخطر بخصوص اختيار رجلِ أعمال بعيد عن عوالم السياسة ليقود حكومة المملكة. ففي 5 شتنبر الماضي، وعلى بعد 3 أيام من الانتخابات العامة التي أوصلت أخنوش إلى رئاسة الحكومة، ظهر ابن كيران بشكل مفاجئ عبر بث مباشر يحذر من مغبة ذلك، معتبرا أن "رئيس الحكومة يجب أن يكون شخصية سياسية، وأخنوش لم يدخل يوما إلى حزب سياسي ولا تربى فيه ولا ناضل داخله، ولا عانى مع الناس من أجله ولا عانى مع مناضليه، ولا عرف كيف يحل مشكلة سياسية، هو في النهاية، إن تجاوزنا عن كل شيء، رجل أعمال تحيط به شبهات". وبالرجوع إلى خطاب ابن كيران، يظهر أن الرجل كان يتوقع "الأسوأ" بمجرد وصول أخنوش إلى المنصب إلى ظل طيلة 5 سنوات يعمل من أجله، حين خاطبه قائلا "بعد أن يمر العرس (في إشارة إلى الانتخابات) ستجد نفسك وجها لوجه مع شعب، وطبعا ستجد نفسك أيضا مع دولة، وكلاهما ليس من السهل التعامل معهما". وشدد ابن كيران على "الضعف السياسي" لأخنوش وعدم قدرته على التواصل مع المغاربة ولا التعامل مع قضاياهم، موردا "لقد عجزت عن الترشح كرئيس برلماني، وذهبت لأكادير للترشح كرئيس جماعة، وتعجز عن الدفاع عن سياسيات، وفي كل خرجاتك ارتكبت كارثة سياسية، أنت الذي أردت أن تربي المغاربة، أي أن تُعنفهم، وهذا ليس من حقك حتى إن كنت رئيسا للحكومة"، وفي إشارة إلى اعتماد أخنوش على لغة المال فقط، قال ابن كيران "كيف ستواجه المجتمع؟ هل عبر حسابات مواقع التواصل الاجتماعي التي اشتريتها... لديك المال فقط، ولا تملك ثقافة ولا إيديولوجيا وماض تاريخيا ولا الماضي التاريخي حزبا سياسيايا، فكيف ستواجه المجتمع؟". وحينها، اعتبر ابن كيران أن غريمه يمكن يكون وزيرا، ولكن رئاسة الحكومة "تتطلب نوعا آخر من الناس، وهم السياسيون الذين يتحملون المسؤولية والذين يملكون ماضٍ يدافع عنهم والذين حين يتكلمون يستمع إليهم الناس ويتجاوبون معهم"، وتابع "رئاسة الحكومة تحتاج شخصية سياسية نزيهة نظيفة ليس حولها شبهات، ولديها الكاريزما والقدرة لتشرح للناس ما تفعل، وفي بعض الأحيان أن تقوم بقرارات قاسية ولكن فيها مصلحة الشعب والمجتمع". وبدا ابن كيران وكأنه يتنبأ بحراك اجتماعي جديد خلال بداية عُهدة أخنوش، حين قال "هل ستُسكت المغاربة؟ المغاربة لا يتم إسكاتهم، قد تخدعهم مرة، لكنهم يقرؤون الرسالة من ظهرها، وإذا ما خدعتهم سيثورون ضدك، وقد حدث هذا بالفعل سابقا وحينها لزمت منزلك"، قبل أن يضيف بلغة أكثر وضوحا "هل تريد أن تجد الدولة نفسها غدا وجها لوجه مع المجتمع؟ هل تريد أن نعود إلى 20 فبراير؟".