يبدو أن احتمال حدوث غزو روسي لأوكرانيا أصبح مطروحا أكثر من أي وقت مضى، بعد تأكيد الرئيس الأمريكي، جو بايدن، لذلك، وفي ظل التباعد في وجهات النظر بين موسكو من جهة وواشنطن وحلف "النيتو" من جهة أخرى، بعدما فشلت زيارة الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، إلى الكيرملين ولقاءه بنظيره الروسي، فلاديمير بوتين، في بناء جسر الثقة بين الطرفين، الأمر الذي دفع المغرب للاستعداد للسيناريو الأسوأ. وأصدرت سفارة المغرب في كييف، اليوم السبت، بلاغا توصي فيه المواطنين المغاربة المتواجدين في أوكرانيا بمغادرتها حرصا على سلامتهم، وذلك عبر الرحلات الجوية التجارية المتوفرة، كما دعت الراغبين في السفر إلى أوكرانيا إلى تأجيل سفرهم في الوقت الراهن، الأمر الذي يدفع للتساؤل عن حجم وأوجه التأثير الذي قد يتسبب فيه التدخل العسكري الروسي المنتظر، والذي يُعد الاجتياح الشامل أحد سيناريوهاته المنتظرة. مصير مجهول للطلبة وسيكون الطلبة المغاربة الأكثر تضررا من هذه الأوضاع، خاصة وأنها تأتي في منتصف العام الدراسي، ويشكل هؤلاء ثاني أكبر تعداد للطلبة الأجانب الذين يدرسون في الكليات والجامعات والمعاهد العليا في مختلف المدن الأوكرانية بعد الطلب الهنود، ووفق أرقامٍ لوزارة التربية والتعليم الأوكرانية تعود لسنة 2020، فإنه إلى حدود فاتح يناير من العام نفسه، أي قبل شهر من ذروة انتشار جائحة كورونا، كان تعداد الطلبة المغاربة هناك 8233 طالبا، في حين تتحدث تقديرات سنة 2022 عن أن هذا الرقم وصل إلى 10 آلاف طالب. ويمثل الطالبة المغاربة أحد أهم أوجه العلاقات المغربية الأوكرانية، وهو الأمر الذي سبق أن أكده سفير كييف في الرباط في نونبر من سنة 2018، عندما شارك في ندوة حول تاريخ العلاقات بين البلدين في كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بتطوان، وحينها أبرز أن أغلب هؤلاء الطلبة يدرسون الطب والصيدلة والهندسة المعمارية، ويتوزعون على مدن زابروجيا ودنيبرو، إلى جانب خاركيف القريبة من الحدود الروسية، ما يعني أن هؤلاء الطلبة سيكونون معنيين بالمغادرة حفاظا على سلامتهم. أزمة قمح منتظر ومن المتوقع أن يؤدي الغزو الروسي المحتمل إلى ضرب المبادلات التجارية المغربية الأوكرانية، وهي في مجملها تصب في صالح الميزان التجاري الأوكراني على حساب نظيره المغربي، وذلك بسبب اعتماد الرباط على كييف في ضمان جزء مهم من أمنها الغذائي، والمتعلق بالقمح، إذ إن المملكة تُعد ثاني أكبر مستورد لهذه المادة من أوكرانيا في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بعد مصر وقبل تونس، ومن بين أهم 10 مستوردين في العالم. هذه المعطيات تؤكدها أيضا المعطيات الرسمية الأوكرانية، فوفق وزارة السياسة الزراعية الأوكرانية بلغت قيمة المبادلات التجارية بين الرباط وكييف الخاصة بالفترة ما بين فاتح يناير و31 دحنبر 2016، 221 مليون دولار، منها 215 مليون دولار صادرات أوكرانية إلى المغرب في مقدمتها الحبوب، علما أن المغرب فتح للأوكرانيين أسواقه بشكل أكبر سنة 2018 للمساهمة في أمنه الغذائي، عندما وقع معهم اتفاقية لاستيراد اللحوم الحمراء والدواجن. تعاون عسكري مُعطَّل وبنسبة كبيرة، سيؤدي التدخل العسكري الروسي إلى إقبار التعاون المغربي الأوكراني في مجال الصناعات الدفاعية وهو لايزال في مهده، وسيُغلق في وجه الرباط منفذا كان يعول عليه لتنويع مصادره من الأسلحة والمعدات العسكرية، إذ إن هذه التطورات تتزامن مع قرب وصول القوات المسلحة الملكية وشركة "أمور" الأوكرانية للصناعات الدفاعية، لاتفاق بخصوص صفقة اقتناء مجموعة من المركبات العسكرية المدرعة المضادة للألغام والقذائف. وتحدث مصادر متخصصة في المجال الدفاعي، مؤخرا، عن أن الرباط وكييف بصدد الاتفاق على صفقة تهم مركبات MRAP المضادة للألغام والتي تحمي من الكمائن، وهو الأمر الذي من أجله انتقل وفد من القيادات العسكرية المغربية إلى أوكرانيا في دجنبر من سنة 2020 وزار مقر شركة "أمور"، حيث تعرف عن قرب على خصائص هذه المركبات التي تستعمل لأغراض القيادة الميدانية وأيضا لإجلاء الجنود، والتي يستعملها الجيش الأوكراني في معاركه.