عاد الحديث مجددا في واشنطن، حول عملة أميركية بقيمة تريليون دولار، لتجنب إغلاق مفاجئ للحكومة الفيدرالية، بعد أن غرق الكونغرس في مأزق سياسي آخر بشأن رفع سقف الديون. تم طرح الفكرة والتي ستكون غير مسبوقة إن تم تنفيذها، في الأصل، عام 2011، كطريقة لتجنب الإغلاق، وسط الحرب المتكررة بين الديمقراطيين والجمهوريين حول رفع حد الدين لتمكين الحكومة من دفع فواتيرها. يشير مؤيدو الفكرة إلى قانون صدر عام 1997، والذي يسمح نظريا لوزير الخزانة أن يأذن بعملة بلاتينية بقيمة يقدرها الوزير. ويمكن للرئيس الأميركي أن يوجه وزير الخزانة لصك قطعة بقيمة تريليون دولار يمكن إيداعها في الاحتياطي الفيدرالي واستخدامها لتغطية جزء كبير من سندات واشنطن. مثل هذه المناورة من شأنها تجاوز الكونغرس، بعد أن فشل الديمقراطيون في مجلس الشيوخ الأميركي، مساء الإثنين، في نيل موافقة الجمهوريين على مشروع قانون يحول دون إغلاق مؤسّسات الدولة الفيدرالية جزئيا، بدءا من الجمعة المقبل، بسبب انقطاع التمويل عنها فجأة. والثلاثاء، رجحت وزيرة الخزانة الأميركية، جانيت يلين، أن تستنفد وزارتها الإجراءات اللازمة لمواصلة تمويل الحكومة، في 18 أكتوبر، وأن ينفد النقد ما لم يرفع الكونغرس سقف الاقتراض الفيدرالي. وقالت في رسالة إلى قادة الكونغرس إنه بعد هذا التاريخ "ستكون لدى وزارة الخزانة موارد محدودة للغاية ستُستنفد بسرعة. ومن غير المؤكد ما إذا كان بإمكاننا الاستمرار في الإيفاء بجميع التزامات البلاد بعد ذلك التاريخ". يصر الجمهوريون في مجلس الشيوخ الأميركي على رفض تأييد أي زيادة لسقف الديون أو تعليق العمل بهذا السقف، على الرغم من أنهم ضغطوا في هذا الاتجاه في عهد الرئيس السابق، دونالد ترامب. فقد عرقلوا الإثنين محاولة الديموقراطيين للموافقة على تعليق السقف لمدة 14 شهرًا مع ميزانية موقتة. وكررت يلين التحذير من عواقب وخيمة إذا فشل المشرعون في التصرف بسرعة بما فيها التخلف عن سداد الديون وتقويض الدولار الأميركي، لدى مثولها أمام اللجنة المصرفية بمجلس الشيوخ. وقالت في شهادتها المعدة مسبقا: "من الضروري أن يعالج الكونغرس بسرعة سقف الديون. إذا لم يفعل ذلك، فستتخلف الولاياتالمتحدة عن السداد للمرة الأولى في التاريخ". أقر مجلس النواب الأسبوع الماضي إجراءً يتيح استمرار عمل مؤسسات الحكومة حتى الثالث من ديسمبر بينما يواصلون النقاش حول حزمة الإنفاق الاجتماعي الرئيسية لمدة عشر سنوات، لكن مجلس الشيوخ المنقسم بالتساوي بين الحزبين رفض حتى الآن بدء النقاش حول مشروع القانون. بدون إقرار الزيادة، لن تكون الحكومة قادرة على دفع رواتب موظفي القطاع العام أو رواتب المتقاعدين أو سداد خدمة ديون الدولة. وقالت يلين إن ذلك "سيقوض الثقة في الدولار كعملة احتياط" و"كملاذ آمن". وأضافت "سنكون أمام أزمة مفتعلة فرضناها على هذا البلد الذي يمر بفترة صعبة للغاية وهو في طريقه للتعافي". وفي عهد ترامب، علق السقف مدة عامين على أساس توافق الحزبين بعدما جادل الجمهوريون في ذلك الوقت بأن عدم القيام بذلك "سيمثل كارثة". وأعيد سقف الديون في الأول من أغسطس مع بلوغ ديون البلاد 28,4 تريليون دولار. لا يؤدي رفع سقف الدين إلى زيادة الإنفاق، ولكنه يسمح ببساطة لوزارة الخزانة بتمويل المشاريع التي وافق عليها الكونغرس من قبل، بما في ذلك تريليونات الدولارات من المساعدات التي تقررت خلال جائحة كوفيد-19. وقالت يلين إن الإنفاق ساعد في دعم تعافي البلاد الذي وصفته بأنه "أقوى من مثيلاته في الدول الغنية الأخرى". لكن العجز عن رفع سقف الديون - الذي أقر 78 مرة منذ العام 1960 على أساس التوافق بين الحزبين بشكل دائم تقريبًا - يمكن أن يتسبب "بحدث له وقع كارثي على اقتصادنا". وقالت يلين في شهادتها "يجب علينا معالجة هذه القضية للإيفاء بالالتزامات التي تعهد بها الكونغرس الحالي - والكونغرس السابق - بما في ذلك تلك التي تم التعهد بها لمعالجة الأثر الصحي والاقتصادي للوباء". بدوره، حذر رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، الذي أدلى أيضًا بشهادته في جلسة الاستماع، من عواقب وخيمة، مثله مثل عدد من وزراء الخزانة السابقين ومجموعات الأعمال. في رسالتها الأخيرة إلى المشرعين، شددت يلين مجددًا على أن الموافقة الفورية أمر بالغ الأهمية لأن "الانتظار حتى اللحظة الأخيرة يمكن أن يتسبب في ضرر جسيم لشركات الأعمال ولثقة المستهلك ويرفع تكاليف الاقتراض لدافعي الضرائب ويؤثر سلبًا على التصنيف الائتماني للولايات المتحدة لسنوات قادمة" وأضافت: "قد يؤدي الفشل في التحرك بسرعة إلى اضطرابات كبيرة في الأسواق المالية، وتزايد عدم اليقين قد يؤدي إلى تفاقم التقلبات وتقويض ثقة المستثمرين". وللتغلب على الأزمة إذا لم يتم التوافق بين الحزبين، قالت رئيسة مجلس النواب، نانسي بيلوسي، الثلاثاء، إن النائب الديمقراطي البارز، جيري نادلر "يريد الحصول على عملة معدنية بقيمة تريليون دولار لا تتطلب موافقة الكونغرس".