خطوة كبيرة باتجاه الخروج من صراع الحصول على التلقيحات المضادة لفيروس "كوفيد 19" تلك التي أعلن عنها المغرب أمس الاثنين، عندما كشف النقاب رسميا عن مشروع تصنيع وتعبئة التطعيمات في حفل ترأسه الملك محمد السادس بالقصر الملكي في فاس، وهي الخطوة التي ستتم بشراكة بين المؤسسات المغربية ونظيرتها الصينية، ولن يكون الهدف منها هو تحقيق الاكتفاء الذاتي للمغرب فقط بل أيضا التصدير نحو دول إفريقيا وفي مقدمتها الدول المغاربية. وبالرجوع إلى المسار الذي سبق الإعلان عن هذا الاستثمار البالغة قيمته 500 مليون دولار والذي تشترك فيه مؤسسات الدولة المغربية والقطاع البنكي من خلال البنك الشعبي وبنك إفريقيا والتجاري وفا بنك ومجموعة "سينوفارم الصينية، يتضح أنه كان ثمرة عمل دبلوماسي امتد لأشهر وبُني على مستويات عليها، إذ كان موضوع مباحثات هاتفية بين الملك محمد السادس والرئيس الصيني شي جين بينغ بتاريخ 31 غشت 2020. لكن الدبلوماسية ستحضر أيضا حتى بعد أن يرى هذا المشروع النور عمليا، إذ بعد بداية العمل في خط الإنتاج الذي سيُمكن من تصنيع وتعبئة 5 ملايين جرعة شهريا، وفق ما جرى تأكيده رسميا، سيكون بمقدور المملكة دخول حلبة "دبلوماسية اللقاحات" خاصة في القارة السمراء، التي تسيطر عليها حاليا كل من الهند والصين، حيث كانت الرباط قد أعلنت مسبقا أن الجرعات التي تحمل عبارة "صُنع في المغرب" ستخصص بالدرجة الأولى لتغطية حاجيات الدول الإفريقية. ومنذ أن جرى توقيع الاتفاق بين وزارة الصحة المغربية والمختبر الصيني CNBG الذي سمح بإجراء الاختبارات السريرية الخاصة بلقاح "سينوفارم" في المغرب، بتاريخ 20 غشت 2020، كان هذا التوجه حاضرا من خلال مشاركة وزير الخارجية، ناصر بوريطة، في الاجتماع، وهو الذي يتولى أيضا مسؤولية "التعاون الإفريقي"، إذ أورد حينها أن المملكة بهذه الخطوة تكون قد "ترجمت التزامها بجعل اللقاح ضد كوفيد 19 متاحا للجميع، وخصوصا في القارة الإفريقية". لكن الأولوية الموضوعة نصب أعين المغرب، وفق تصريحات حكومية هي الشروع في مد دول الجوار باللقاحات، بما يشمل، بشكل ضمني، الجزائر، التي تعيش حاليا على وقع أزمة دبلوماسية كبيرة مع المغرب لكنها أيضا تعاني من أجل الوصول إلى اللقاح المضاد لفيروس "كورونا"، في الوقت الذي تقترب فيه جارتها الغربية من إجمالي 20 مليون جرعة حُقنت فعليا في أذرع المستفيدين ما بين من تلقوا جرعة واحدة ومن تلقوا جرعتين. وكان وزير الصحة المغربي، خالد آيت الطالب، قد أعلن فتح الباب أمام هذه الإمكانية في حوار مع وكالة الأنباء الرسمية الروسية "سبوتنيك"، بتاريخ 26 نونبر 2020، حين قال إن المغرب يطمح لأن يُصبح مُنتجا لجميع أنواع اللقاحات بمنصة إنتاج لقاحات عالية التقنية في مدينة محمد السادس التكنولوجية بطنجة "طنجة تيك"، وتابع أن هذا الموقع سيسمح بتطوير اللقاحات "المصنعة في المغرب" وسيضمن الاكتفاء الذاتي للمملكة مع "إمداد القارة الإفريقية ودول المغرب العربي المجاورة"، في إشارة تشمل الجزائر.