وأثار هذا الأمر اهتمام العسكري الإسباني المتقاعد خيسوس نونييز، المدير المشارك لمعهد دراسات الصراع والعمل الإنساني، في تحليل نشرته صحيفة "إل دياريو" يوم أوا أمس الجمعة، والذي أشار إلى أن الوضع الراهن يتسم ب"التحديث الواضح" للقوات المسلحة الملكية المغربية، مقابل مراكمة نظيرتها الإسبانية لنقاط ضعف خلال الأعوام الماضية، على الرغم من كونها جزءا من حلف "النيتو"، معتبرا أن المغرب أصبح "قوة عسكرية في منطقة المغرب الكبير بفضل الدعم الخليجي والالتزام الأمريكي بتجهيز حليفه المخلص بكل ما يلزم"، على حد تعبيره. ووفق التحليل نفسه، فإن الرباط أظهرت جدية في تحسين قدراتها العسكرية في جميع المجالات، وهو ما ظهر منذ سنة 2018 من خلال شراء عدة أسلحة وآليات إلى أن جرى الإعلان مؤخرا عن اقتناء 25 طائرة مقاتلة من طراز "إف 16" و36 مروحية من نوع "أباتشي" وأكثر من 200 دبابة "أبرامز إم 1"، ثم نظام الدفاع المضاد للطائرات "باتريوت" وصواريخ جو – جو "ريثون" و4 طائرات مُسيرة من طراز "إم كيو 9 ريبر"، دون استبعاد إمكانية حصول الجيش المغربي مستقبلا على مقاتلات "إف 35" المتطورة جدا. وينبه العسكري الإسباني السابق إلى الاهتمام الذي تعطيه الرباط لمجال التسلح العسكري، من خلال تخصيص 22 مليار دولار لهذا الأمر وهو "مبلغ استثنائي في ظل ضرورة تغطية احتياجات أخرى في الاقتصاد المغربي"، رابطا الأمر ب"امتيازات" تمنحها دول الخليج للرباط، وأيضا التحول الحاصل في خطط هذه الأخيرة والذي برز من خلال إعادة العمل بالخدمة العسكرية الإجبارية للرجال والنساء والتركيز على تعزيز القدرات الدفاعية الجوية والقدرات البحرية في البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي. لكن رغم ذلك، ورغم أن إسبانيا "تعاني من عيوب خطيرة في قواتها المسلحة خاصة عند مقارنتها بدول مجاورة لها تنتمي لحلف النيتو"، وفق التحليل، إلا أن نونييز يرى أن المقارنة المباشرة مع المغرب "لا تؤدي لاستنتاج رسائل تنذر بالخطر، حتى وإن بدا أن التسلح المغربي موجه ضد مدريد"، وذلك لأن إسبانيا زادت من ميزانية الإنفاق العسكري لتضاعف ما يخصص جارها الجنوبي ومع ذلك لا تزال تخصص 1,7 في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي لهذا الغرض مقابل 6 في المائة بالنسبة للمغرب. وبالمقارنة المباشرة، يتضح أن إسبانيا تتفوق على المغرب في عدد الطائرات والمروحيات والسفن العسكرية، بالإضافة إلى أن القوات المغربية لا تملك حاملات طائرات ولا غواصات، في حين أن الرباط تتفوق في تعداد القوات وفي الدبابات القتالية وفي قطع المدفعية، ما يرجح كفة الإسبان وفق التحليل، الذي استحضر التصنيف العالمي الصادر مؤخرا للقدرات العسكرية ل138 دولة، والذي وضع إسبانيا في الرتبة 18 والمغرب في الرتبة 53. ويخلص نونييز، إلى أن عملية إعادة التسلح التي يقوم بها المغرب يأتي أساسا في ظل علاقته بواشنطن كمساهم فعال في أمن المنطقة وفي محاربة التهديدات الإرهابية، وقبل ذلك، يدخل في إطار تنافسه العسكري مع الجزائر من أجل القيادة الإقليمية، خاصة وأن هذه الأخيرة لا تزال متفوقة عليه في الترتيب العالمي للجيوش وفق مؤشر "غلوبال فاير باور" الأمريكي، وهي الفجوة التي تضيق تدريجيا. ويرى التحليل أن الدفاع عن المصالح الإسبانية وعن حدود سبتة ومليلية في وجه المطالب التقليدية المغربية بالسيادة على المدينتين، لا يمكن أن يتم عسكريا، ورغم أن العلاقة بين البلدين لم تستطع تفادي الوقوع في الصدامات والأزمات إلا أن خيار المواجهة العسكرية يبقى "على بعد سنوات ضوئية"، ورغم إلحاحه على ضرورة تطوير إسبانيا لقدراتها العسكرية "كملاذ أخير"، فإن نونييز يرى أن الخطر الحقيقي الذي يجب على إسبانيا العمل على تفاديه هو احتمال وقوع حرب بين المغرب والجزائر.