لم يكن أحد من المشاركين في الدورة العادية للبرلمان الإفريقي المتواصلة حالية في ميدراند بجنوب إفريقيا، التي يتضمن جدول أعمالها انتخاب رئيس جديد للمنظمة البرلمانية القارية، أن يتحول الصراع حول هذا المنصب إلى تهديد بالقتل وجهه ممثل البلد المحتضن لمقر البرلمان لممثلة دولة مالي، التي قدمت ترشيحها بدعم من مجموعة من الدول ذات التأثير بما في ذلك المغرب، وهو الأمر الذي حدث بعد اعتراض مسانديها على تأجيل جلسة التصويت. وظهر ممثل جنوب إفريقيا، في البث المباشرة للجلسة التي انعقدت اليوم الخميس، وهو يوجه تهديدات بالقتل، باللغة الإنجليزية، لمجموعة من الأعضاء الذين يبدو من خلال كلامهم أنهم ينتمون للدول الناطقة باللغة الفرنسية، والذين كانوا مصرين على إتمام جلسة التصويت بحضور المرشحة المالية، وقد تسببت تلك التهديدات في فوضى عارمة داخل القاعة واحتجاجات من طرف مجموعة من المشاركين الذين اعتبروا أن الأمر "خطير وغير مقبول". وتواصلت "الصحيفة" مع النائبة البرلمانية المغربية مريم وحساة، رئيسة لجنة حقوق الإنسان بالنيابة في البرلمان الإفريقي، وعضو الوفد المغربي المشارك في أشغال الدورة، للوقوف على تفاصيل ما جرى، والتي أوردت أن الأمر يتعلق بمحاولة لمنع البرلمانية المالية عائشة حيدرة سيسي من الوصول إلى رئاسة البرلمان الإفريقي بسبب توفرها على حظوظ كبيرة للفوز. وتابعت النائبة المغربية أن خصمها كان هو رئيس المجلس بالنيابة، والذي خطط ل"مناورة" لإفشال الدورة، إذ بُرمج اليوم اجتماعٌ للجنة التي ستشرف على الانتخابات، قبل أن يتم إبلاغها بإلغاء العملية بحجة ظهور حالة إصابة بفيروس كورونا في صفوف الموظفين، وهي الحجة التي اعترضت عليها المرشحة المالية وأنصارها. وحسب وحساة، فإن الجلسة عرفت مشادات كلامية بين أنصار المرشحين، قبل أن يوجه برلماني من جنوب إفريقيا تهديدات بالقتل لبرلماني آخر، واتضح من سياق كلامه أن المعنية بها هي المرشحة المالية، لتنطلق احتجاجات مساندي هذه الأخيرة، وبعدها قام المنظمون بإطفاء الأنوار والمكيفات لدفع الحاضرين للمغاردة. وتتقاطع هذه المعطيات مع معطيات أخرى استقتها "الصحيفة" من مصادر دبلوماسية، والتي أوردت أن ما جرى يمثل جزءا من الصراع بين المغرب وجنوب إفريقيا، فالمملكة فضلت الانسحاب من سباق الترشح لفائدة مرشحة مالي التي تجمعها بالرباط علاقات طيبة والتي تعد من أبرز المدافعين عن مغربية الصحراء داخل البرلمان الإفريقي، كما قام البرلمانيون المغاربة بحشد الدعم لها تعزيزا لحظوظها، وهو ما لم يعجب ممثلي جنوب إفريقيا الذي حاولوا بجميع السبل إفشال الدورة لعرقلة عملية التصويت. وللإشارة فإن المغرب كان مُمَثلا في هذه الدورة ببرلمانيي مجلس النواب فقط، ويتعلق الأمر بمريم وحساة من حزب الأصالة والمعاصرة، ونور الدين قربال من حزب العدالة والتنمية، ومحمد الزكراني عن فريق التجمع الدستوري، في حين غاب ممثلا مجلس المستشارين ويتعلق الأمر بعبد اللطيف أبدوح عن حزب الاستقلال ويحفظو بن مبارك عن حزب الحركة الشعبية.