أظهرت النتائج شبه النهائية للانتخابات السابقة لأوانها بإقليم مدريد، التي جرت أمس الثلاثاء، مؤشرات جديدة لمستقبل البلاد السياسي بما في ذلك العلاقات مع المغرب، إذ مني اليسار بهزيمة قاسية اضطرت زعيم حزب "بوديموس" اليساري الراديكالي، بابلو إغليسياس، إلى إعلان اعتزاله الممارسة السياسية بشكل نهائي، وهو المعروف بمساندته لجبهة "البوليساريو" الانفصالية، لكنه في المقابل أخلى الساحة لحزب "فوكس" اليميني المتطرف الذي يبني خطابه على العداء للمغاربة. وأظهرت النتائج شبه النهائية للانتخابات الإقليمية للعاصمة الإسبانية تحقيق اليمين لنتائج جيدة، حيث حصل الحزب الشعبي المحافظ على 65 مقعدا بعد فرز 98 في المائة من الأصوات أي أكثر من ضعف ما حصل عليه في انتخابات 2019، ما يقرب مرشحته إيزابيل أيوسو من الحفاظ على موقعها رئيسة للحكومة الإقليمية، لكنها تحتاج للتحالف مع حزب "فوكس" الذي حصل على 13 مقعدا لضمان الأغلبية المطلقة المحددة في 69 مقعدا. أما بابلو إغليسياس، الذي استقال من منصبه كوزير للحقوق الاجتماعية ونائب ثانٍ لرئيس الوزراء في الحكومة الائتلافية المركزية ليقدم نفسه كمرشح لليسار في هذه الانتخابات، فلم يحصل حزبه سوى على 10 مقاعد، في حين حصل الحزب الاشتراكي العمالي الذي ينتمي إليه رئيس الحكومة بيدرو سانشيز على 24 مقعدا فقط، أي أنه فقد 13 مقعدا مقارنة بآخر انتخابات، أما حزب "ماس مدريد" المنشق عن "بوديموس" فحصل على 24 مقعدا بدوره، ما يرمي بكل أحزاب اليسار صوب المعارضة. وبإعلان إغليسياس الابتعاد عن زعامة "بوديموس" وعن الحياة السياسية عموما، تفرغ الساحة السياسية الإسبانية من أحد أبرز خصوم الرباط الداعمين من جبهة "البوليساريو" وأحد المجاهرين بدعم طرح "استفتاء تقرير المصير" في الصحراء، وهو الأمر الذي سبق أن أدى إلى مشاكل بين المغرب وإسبانيا كانت من بين أسباب تأجيل الاجتماع رفيع المستوى المقرر في العاصمة المغربية أواخر العام الماضي، وفق ما سبق أن تحدثت عنه وسائل إعلام إسبانية. لكن هذه النتائج تفرض على المغرب الاستعداد لمواجهة خصم جديد سيدخل بقوة معترك الانتخابات البرلمانية المقبلة، ويتعلق الأمر بحزب "فوكس" الذي لا يساند عادة الأطروحات الانفصالية، لكنه يعتبر المغرب "عدوا" تاريخيا، كما يُحمله مسؤولية تدفقات الهجرة غير النظامية ويعتبر أن له "أطماعا" في سبتة ومليلية وفي مجموعة من الجزر الواقعة تحت السيادة الإسبانية، لدرجة أنه سبق أن دعا لتحريك الجيش لمواجهة تلك "الأطماع" كما يصفها، وهو الآن أضحى أهم حليف للحزب الشعبي الذي يمثل المحافظين التقليديين.