بعد الاتصال الهاتفي الأخير، بين الملك المغربي محمد السادس، والرئيس النيجيري، محمد بوخاري، والذي أكدا فيه الزعيمان عن التزام البلدان بإستكمال مشروع أنبوب الغاز الذي سيربط نجيريا والمغرب عبر عدد من بلدان غرب إفريقيا، عادت التقارير الإعلامية الدولية للحديث عن التنافس المغربي- الجزائري لإنجاز هذا المشروع، خاصة أن الجزائر كانت قد اتفقت مع نجيريا في سنة 2003 على إنشاء نفس المشروع. المغرب اتفق مع نيجيريا على إنشاء مشروع أنبوب الغاز في سنة 2016، بعد زيارة تاريخية للملك محمد السادس إلى نيجيريا، ورغم أن المشروع المغربي يُعتبر حديثا مقارنة بالمشروع الجزائري الذي يسبقه في الزمن، إلا أنه يبدو الأقرب إلى التنفيذ في ظل التأكيد المستمر بين المغرب ونيجريا على إخراج هذا المشروع إلى الوجود. وبمقارنة المشروعين، فإن هناك نقط قوة وضعف في كليهما، رغم أن المشروع المغربي يبقى المُفضل إلى نيجيريا مقارنة بالجزائر، حيث أن المغرب اعتمد على سياسية "رابح رابح" مع نيجريا، في حين تكتفي الجزائر بالمشروع فقط. من أبرز نقط قوة المشروع الجزائري مع نيجيريا، هو أنه يبدو أقل تعقيدا في إنجازه، حيث سيربط نجيريا والجزائر عبر بلد واحد هو النيجير، وتصل مسافة أنبوب الغاز إلى 4128 كيلومتر فقط، أزيد من 3 آلاف كيلومتر منها توجد داخل التراب الجزائري، وهي مسافة شبه مُنجزة، وبالتالي سيكون الإنجاز متعلقا بالنيجير بالدرجة الأولى فقط. مشروع خط أنبوب الغاز نيجيرياالجزائر أما بخصوص المغرب، فإن إنجاز هذا المشروع الذي رصدت له ميزانية 25 مليار دولار بزيادة 5 ملايير دولار على ميزانية الجزائر، يبدو مُعقدا في التنفيذ، إذ يتوجب أن يعبر من نيجيريا عبر 10 بلدا إفريقية للوصول إلى المغرب، وهذه البلدان هي البنين وغانا والتوغو وساحل العاج ولبيريا وسيراليون وغامبيا وغينيا بيساو، والسنغال وموريتانيا، على مسافة تصل إلى 5660 كيلومترا. كما أن من أبرز النقط التي تذهب لصالح الجزائر، هي أن الأخيرة لديها خبرة جيدة وطويلة في مجال الغاز، خاصة في إنجاز بنيته التحتية، وهي التجربة والخبرة التي تغيب عن المغرب الذي لم يسبق أن أنجز مشروعا مماثلا أو يمتلك بنية تحتية مرتبطة به في مجاله الترابي. لكن المشروع المغربي، يبقى له نقط قوة مهمة لها تأثير على أرض الواقع مقارنة بالمشروع الجزائري، فرغم أنه يتطلب إنجازه العبور عبر 10 دول إفريقية من نيجيريا إلى المغرب، إلا أن هذه البلدان الإفريقية مؤيدة للمشروع لأنه في صالحها، حيث ستحصل على نسبها من الغاز، وهو ما سيؤدي إلى إنعاش اقتصاد هذه البلدان وحدوث اندماج فيما بينها، وهو المسعى الذي يطمح إليه المغرب في إطار سياسة "رابح رابح". كما أن المغرب يبقى المفضل لنيجيريا، حيث لم يكتف بمشروع الغاز بالنسبة لنيجيريا، بل يقدم لها في المقابل تعاونا كبيرا في مجال الفوسفاط، حيث سيزود نجيريا بهذه المادة المهمة، كما أنه سيقوم بإنشاء أكبر معمل لانتاج الأسمدة في نيجيريا، وهي الأسمدة التي تحتاجها الأخيرة لتطوير قطاعها الفلاحي الذي تسعى لتحسين مردوديته في السنوات المقبلة. وما يؤشر على أن نيجيريا تفضل المشروع المغربي على الجزائري، أن علاقاتها مع المغرب تحسنت بشكل كبير في السنوات الأخيرة، ولم تعد نجيريا تنضم للتحالف الجزائري الجنوب إفريقي لدعم البوليساريو ضد المغرب في قضية الصحراء، وهو ما يدل على أن نيجيريا بدأت ترى مصلحتها الاقتصادية قبل أي شيء أخر، وهو ما يقدمه المغرب لها. ويرى عدد من المتتبعين أن سياسة "رابح رابح" التي ينتهجها المغرب مع البلدان الإفريقية، قد أعطت أكلها بشكل كبير في السنوات الأخيرة، حيث يركز المغرب سياسته على التعاون الاقتصادي مع البلدان الإفريقية مع ضمان الربح لكل الأطراف دون أي استغلال لطرف على أخر. وبالنسبة للجزائر، فإنها عدا البترول ومشتقاته، ليس لديها ما تقدمه للبلدان الإفريقية، حتى حضورها في الأسواق الإفريقية مقارنة بالمغرب، هو حضور ضعيف جدا، بينما المغرب استطاع أن يطلق العديد من الاستثمارات في عدد مهم من بلدان القارة السمراء، وبالتالي يبدو المغرب أقرب من الأفارقة الآن مقارنة بالجزائر، وهو ما قد يلعب لصالح المشروع المغربي على الجزائري.