بعد ما يناهز شهرين ونصف من ادعاءات جبهة "البوليساريو" الانفصالية شن هجمات تستهدف مواقع الجيش المغربي في الصحراء، لم يسجل المغرب أي رد فعل رسمي من الجانب المغربي إلا يوم أمس الأحد، تبعا لما قالت الجبهة إنه قصف استهدف معبر الكركارات، حيث أكدت وكالة المغرب العربي للأنباء الرسمية أن الأمر يتعلق ب"استفزازات لم تؤثر على الوضع في المنطقة". غير أن هذه التحركات، التي روجت لها على نطاق واسع وسائل الإعلام الجزائرية، والتي كانت عبارة عن إطلاق 4 قذائف من طرف عناصر تسللوا عبر موريتانيا، سقطت جميعها في المنطقة العازلة خلف الجدار الأمني الذي تؤمنه القوات المسلحة الملكية، وفق تأكيدات حصل عليها موقع "الصحيفة"، تمثل محاولة من الجبهة الانفصالية لنقل بؤرة الصراع من منطقة "المحبس" على الحدود مع الجزائر إلى "الكركارات" على الحدود مع موريتانيا. ومنذ أن نفذ الجيش المغربي عمليته الميدانية في "الكركارات" التي أدت إلى طرد عناصر البوليساريو من هناك وإعادة فتح المعبر الحدودي البري الرابط بين المغرب وموريتانيا، لم تعلن الرباط عن أي اختراق عسكري نفذته الجبهة بالمنطقة، وهو الأمر الذي ينسحب أيضا على بعثة "المينورسو" التابعة للأمم المتحدة، التي أكدت مؤخرا استمرارا تمركزها في الأقاليم الصحراوية أمام وخلف الجدار الأمني دون أي تغيير. لكن الملاحظ أن هذا التحرك الذي أثبت المغرب أثره المادي رسميا، على الرغم من تأكيده عدم تأثره به أو الوصول إلى الأراضي الخاضعة لانتشار جيشه، يَنقلُ بؤرة الأحداث إلى أقصى جنوب الصحراء على الحدود الموريتانية، بعد أن كانت الأنظار تتجه إلى منطقة المحبس في الشمال الشرقي للمنطقة والتي تبعد عن ولاية تندوف داخل الحدود الجزائرية بأقل من 100 كيلومتر، وهي المنطقة التي تستقر فيها قيادات الجبهة. ويأتي ذلك في غمرة الحديث عن إمكانية قيام القوات المغربية بعملية "حاسمة" في المحبس يتم من خلالها "تطهير" المنطقة من تواجد عناصر "البوليساريو" المتسللين من الحدود الجزائرية، وفق ما سبق أن أوضحته ل"الصحيفة" مصادر عليمة، حيث يرغب المغرب في مد سيطرته إلى ما بعد الجدار الأمني معتمدا على أن تواجد أشخاص ينتمون ل"ميليشيات" انفصالية مسلحة في المنطقة العازلة يمثل خرقا لاتفاق وقف إطلاق النار الموقع مع الأممالمتحدة سنة 1991 والذي سبق للجبهة أن أعلنت انسحابها منه يوم 13 نونبر 2020. وبالإضافة إلى ذلك فإن تحرك البوليساريو ميدانيا في "الكركارات" يعني نقل خط النار صوب الحدود الموريتانية عوض الحدود الجزائرية، وذلك بعد التقارب المُعلن عنه بين الرباط ونواكشوط المُنتظر أن يتوج بزيارة متبادلة بين الملك محمد السادس والرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، والذي مهدت له الحكومة الموريتانية يوم 6 يناير 2021 بإعلان المصادقة مشروع مرسوم يقضي بإنشاء منطقة دفاع حساسة على طول حدودها الشمالية المتاخمة للصحراء، ما يعني عمليا منع التسلل إلى الحدود المغربية عبر التراب الموريتاني.