لم تعد رغبة الجزائر في تفادي تكرار سيناريو طرد عناصر جبهة "البوليساريو" الانفصالية في أقصى جنوب الجدار الأمني عندما أخرجها الجيش المغربي في فترة وجيزة من منطقة "الكركارات" على الحدود مع موريتانيا، (لم تعد) خافية بالنظر لوجود احتمال تدخل القوات المسلحة الملكية في أقصى شمال الجدار، وتحديدا في منطقة المحبس على الحدود الجزائرية، الأمر الذي يفسر اختيار ولاية تندوف لتنفيذ أولى مناورات الجيش الجزائري سنة 2021. وبث التلفزيون الرسمي الجزائري، يوم أمس الاثنين، لقطات من المناورات العسكرية التي نفذتها قواته البرية والجوية في صحراء تندوف، المنطقة التي تضم مخيمات الصحراويين ومقر جبهة "البوليساريو" الانفصالية، في الوقت الذي نقلت فيه وزارة الدفاع الجزائرية عن رئيس الأركان الجنرال السعيد شنقريحة قوله إن "كافة المخططات المعادية والمناورات الخسيسة سيكون مصيرها الفشل اليوم وغدا" على حد تعبيره. وتأتي هذه المناورات، التي أظهرت منصات وزارة الدفاع على الانترنت أن شنقريحة أشرف عليها بنفسه، في الوقت الذي تُتَداوَلُ فيه أنباءٌ مفادها أن القوات المسلحة المغربية تستعد لإنهاء تواجد مسلحي جبهة "البوليساريو" بشكل تام شرق الجدار الأمني العازل في منطقة المحبس التابعة لإقليم "الزاك" وهي المنطقة الوحيدة التي ترتبط فيها الأقاليم الصحراوية حدوديا مع الجزائر وتحديدا مع ولاية تندوف، ما يسمح للانفصاليين بولوج المنطقة. وتَدَّعي "البوليساريو" منذ أكثر من شهرين، وتحديدا مباشرة عقب العملية العسكرية التي نفذتها القوات المسلحة الملكية في الكركارات واستعادت بها السيطرة على المعبر الحدودي البري الذي يربطها بموريتانيا، أن مسلحيها ينفذون عمليات عسكرية ضد الجنود المغاربة في المحبس، وتلا ذلك نشر التلفزيون الجزائري لتقارير مصورة قال إنها من "قلب المعركة" في المنطقة ذاتها، وهو الأمر الذي نفته وسائل الإعلام المغربية الرسمية. وقبل أيام، حصلت "الصحيفة" على معلومات تفيد بأن الجيش المغربي يدرس بشكل عملي التدخل ميدانيا في المحبس و"تطهيرها" من أي وجود لعناصر "البوليساريو"، في ووفق مصادر الموقع فإن وحدات القوات المسلحة شرعت فعليا في التحرك من أجل تحييد جميع الأخطار بالمنطقة العازلة على طول الحدود مع الجزائر، وهو الأمر الذي إن تم بالفعل سيعني أن المغرب سيفرض سيطرته على طول الكيلومترات التي كانت تفصله عن الجزائر كما فعل في الكركارات حين فرض سيطرته على المنفذ البحري الوحيد صوب الواجهة الأطلسية الذي كان يفرضه الجدار الأمني. وإذا نجح المغرب في هذه العملية العسكرية، فهذا يعني أن جبهة "البوليساريو" ستجد نفسها محرومة تماما من دخول المنطقة العازلة عبر الجزائر، ثم ستُحرم أيضا من دخولها عبر الحدود الموريتانية بمجرد إتمام نواكشوط لعملية إنشاء منطقة دفاعية حساسة على طول حدودها الشمالية المتاخمة لأراضي الصحراء المغربية من عين بنتيلي إلى الزويرات، وهو ما أعلنت الحكومة الموريتانية المصادقة على مرسومه بتاريخ 6 يناير 2021. وبحرمانها من الوصول إلى المحيط الأطلسي ومن دخول الصحراء عبر الحدود الجزائرية ثم عبر الحدود الموريتانية، ستجد جبهة "البوليساريو" نفسها محاصرة داخل مخيمات تندوف فقط، وستنتهي عمليا مزاعمها باعتبار المنطقة العازلة بموجب اتفاق وقف إطلاق النار الموقع مع الأممالمتحدة سنة 1991 "أراضٍ مُحررة"، وهو الأمر الذي تحاول الجزائر أن تتفاداه بالتلويح بالدخول في مواجهة عسكرية مع المغرب.