أصبحت منطقة الصحراء التي تربط المغرب بالجزائرموريتانيا أكثر حركة ونشاطا على المستوى العسكري والأمني منذ يوم 13 نونبر من السنة الماضية، فبعد الزيارات العسكرية للقيادة الموريتانية إلى النقطة الكيلومترية 55 التي تمثل بوابة الكركرات من الجانب الموريتاني، جاءت زيارة المفتش العام للقوات المسلحة الملكية عبد الفتاح الوراق إلى نواكشوط ثم زيارة قائد الجيش الموريتاني إلى الجزائر وبعدها تقرر في اجتماع حكومي أن تقوم موريتانيا بإنشاء منطقة دفاع في شمال البلاد والتي تتشارك حدودها مع المغرب والجزائر. موريتانيا تتحرك عسكريا بوتيرة سرية ولا تفصح عن نواياها من وراء ذلك، لكن الواضح هو أن حسم الكركرات وتمديد الطريق من بوابة الحدود المغربية إلى بوابة حدود الجارة الجنوبية لإلغاء المنطقة العازلة التي اشتهرت باسم "قندهار إفريقيا" يعني أن المغرب حسم سيادته الكاملة على الكيلومترات القليلة التي كانت تعزله عن عمقه الإفريقي وأن الموريتان متخوفون من تركيز نشاط البوليساريو هذه المرة في الشمال حيث توجد منطقة المحبس النقطة الجغرافية في أرض المملكة الأقرب إلى تندوف الجزائرية. ففي يوم الأربعاء 06 يناير الجاري، صادقت الحكومة الموريتانية على مشروع مرسوم يقضي بإنشاء منطقة دفاع حساسة شمال البلاد، ووصف البيان الصادر على هامش اجتماع الحكومة هذه المنطقة بأنها «تعتبر خالية أو غير مأهولة، وقد تشكل أماكن للعبور بالنسبة للإرهابين ومهربي المخدرات وجماعات الجريمة المنظمة». هذه المنطقة الحساسة تعتبر ممرا دوليا لعبور عناصر الجريمة المنظمة والذين تسهل مهمتهم جبهة البوليساريو التي تعرف جيدا مسارات التمويه وتجيد التعامل مع جغرافيتها الصعبة والقاسية، وكانت هذه المنطقة بين المغرب وموريتانياوالجزائر موضوع تحذير أمني مغربي أكثر من مناسبة بسبب النشاط المتزايد للعصابات والحركات الإرهابية. ويرى القيادي الأمني السابق في البوليساريو، مصطفى سلمى ولد مولود، أن المستجد هو "نفسه الذي استنفر الجزائر و أغضبها، و هو أن حرب الصحراء حُسمت جنوبا بعد تأمين معبر الكركرات، و اصبح قطاع المحبس المقابل لمنطقة عين بنتيلي هو عقدة نزاع الصحراء، كما كانت الكركرات في الأعوام الماضية". في تدوينة مطولة تعليقا على قرار إنشاء هذه المنطقة الدفاعية، يقول ولد مولود إنه :"لما أصبح من الوارد أن يستكمل المغرب حزامه الدفاعي في الشمال من جهة قطاع المحبس ليصل الحدود الموريتانية مع تيندوف، أصبح لزاما على موريتانيا أن تحتاط لهذا التغير المحتمل الذي سيضعها أمام خيارات صعبة بين المواجهة مع البوليساريو أو المغرب". ثم أضاف أن "موريتانيا أرادت بهذا الاجراء إرسال رسالة للجميع أنها لن تسمح لأي طرف بتوريطها في النزاع، لن تقبل أن يفرض عليها المغرب أمرا واقعا بأن تبتلع قوات البوليساريو التي ستلجأ إليها إذا ما حوصرت في الشمال، و لن تسمح لقوات البوليساريو أن تتخذ من الاراضي الموريتانية قواعد لضرب المغرب".