المغرب: عضوية مجلس الأمن    أخنوش: البنيات التحتية شكلت أهم الأولويات التي ارتكز عليها المسار التنموي للمغرب    سلطات أرخبيل مايوت الفرنسي ترجح مقتل «مئات» في الإعصار شيدو    تقرير: قطاع التصنيع يتكبد خسائر بأزيد من 200 مليون دولار بسبب الهجمات السيبرانية    في أول تصريح له.. الأسد يكشف من موسكو ساعاته الأخيرة وكيف غادر سوريا    أشرف حكيمي يقود قائمة النجوم المغاربة المرشحين لجوائز الكاف 2024    قرعة كأس الأمم الإفريقية 2025 في شهر يناير المقبل.. والمغرب سينظم "كان" الشباب في نسختين    تأجيل جلسة محاكمة المتهمين في قتل الطالب "بدر" بالبيضاء    صفاء وهناء تطرحان "سكر"        الحكومة ترفع ميزانية الاستثمار العمومي إلى 340 مليار درهم سنة 2025    عبد المومني يغيب عن المحاكمة    أخنوش: البنيات التحتية أساس التنمية.. وتهيئة شاملة تنتظر "مدن المونديال"    التنسيق النقابي لمهنيي السينما يعلن تأييده الكامل لما جاء به القانون 18.23 المتعلق بالصناعة السينمائية        الرجاء يغرق في بحر الأزمات من جديد و"شعب الخضراء" يشتعل غضبا    وجهة طنجة-أصيلة .. تسجيل أكثر من 1,5 مليون ليلة مبيت سياحية عند متم أكتوبر    أبرزها زينب قيوح.. تكريم شخصيات بارزة وفاعلة في جميع الميادين بأكادير    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    العرائش : الدكتور عبد الجبار الراشدي كاتب الدولة لدى وزيرة التضامن والأسرة والإدماج الاجتماعي المكلف بالادماج الاجتماعي في ندوة تأهيل القيادات المدنية        كيف ستتعامل الجزائر الشمالية مع الجزائر الجنوبيةفي ضوء الوضع الجيوسياسي الحالي؟    النصيري يسجل ثنائية في مرمى باشاك شهير    كوريا .. زعيم الحزب الحاكم يعلن عزمه التنحي عن منصبه    تكسير البنية النمطية في رواية "الفصل الخامس" لأحلام لقليدة    الفيفا يعلن إنشاء مقر قاري إقليمي دائم في المغرب.. خطوة تاريخية نحو تعزيز حضور الفيفا في أفريقيا    بورصة البيضاء تبدأ التداولات بارتفاع    المغرب يتجه لاستيراد اللحوم الحمراء من إسبانيا بأسعار تبلغ 7,65 يورو للكيلوغرام الواحد    عواصف تجتاح ولايات أمريكية مع تساقط كثيف للثلوج    زلزال بقوة 4,9 درجات يضرب الجزائر    تسمم 90 شخصا في حفل زفاف يستنفر السلطات نواحي الجديدة    حصيلة القتلى في غزة تتجاوز 45 ألفا    النفط يتراجع من أعلى مستوى له وسط ترقب لاجتماع الاحتياطي الاتحادي    وجهات سياحية معرضة للخطر جراء التغير المناخي    موقف غالي حول الصحراء يثير جدلا واسعا .. وحقوقيون: "فقد البوصلة"    المغرب يدعم نزاهة محتوى الإنترنت    عن العُرس الرّيفي والتطريّة والفارس المغوار    لماذا لا يستطيع التابع أن يتحرر؟    تقديم "جائزة العلامة المختار السوسي"    علماء يكتشفون فصيلة "خارقة" من البشر لا يحتاجون للنوم لساعات طويلة        وكالة بيت مال القدس الشريف تطلق تطبيق "هيا" المخصص لتراث المدينة المقدسة    حادثة الوفيات بقسم الإنعاش بمولاي يوسف بالرباط تصل إلى البرلمان    المجلس ‬الأعلى ‬للحسابات ‬يدقق ‬في ‬عدد ‬من ‬القضايا ‬منها ‬الإجهاد ‬المائي ‬والتأمين ‬الإجباري ‬عن ‬المرض    أبرزهم سيدو كيتا وزيدان.. نجوم الكرة الإفريقية في حفل جوائز الأفضل لعام 2024    بطولة انجلترا.. ولفرهامبتون يقيل مدربه غاري أونيل    البطلان المغربيان ياسين محسون وحمزة رشيد يتألقان في بطولة إفريقيا للمواي طاي    الاحتلال الإسرائيلي يتوسع في الجولان السوري ويرصد 12 مليون دولار للاستيطان    دعوة مفتوحة لعامل الإقليم لزيارة دار المسنين بالجديدة    بريطاني أدمن "المراهنات الرياضية" بسبب تناول دواء    دراسة: الاكتئاب مرتبط بأمراض القلب عند النساء    ثورة طبية في اليابان .. اختبار عقار جديد يعيد نمو الأسنان المفقودة    باحثون يابانيون يختبرون عقارا رائدا يجعل الأسنان تنمو من جديد    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بومدين.. باني "عقيدة" العداء للمغرب الذي قال "ما عنديش الرجال" وخطّط لاغتيال الحسن الثاني
نشر في الصحيفة يوم 28 - 12 - 2020

لم يكن تخليد الجزائر يوم أمس الأحد للذكرى الثانية والأربعين لرحيل الرئيس الأسبق محمد إبراهيم بوخروبة، الشهير باسمه الحركي الذي عُرف به خلال إقامته بمدينة وجدة المغربية، هواري بومدين، (لم يكن) حدثا سنويا عاديا، إذ إن الذكرى حلت هذه المرة في وقت يتكبد فيه النظام الحاكم هناك هزائم ديبلوماسية غير مسبوقة في ملف الصحراء الذي بنى بومدين نفسه عقيدة بلاده الصدامية تجاه الرباط على فكرة انفصالها على المملكة ولو بقوة السلاح.
فبومدين، الذي كان جزءا من "مجموعة وجدة"، التي ضمت أيضا عبد العزيز بوتفليقة، والتي احتضنت المملكة كفاحها ضد الاستعمار الفرنسي انطلاقا من أراضيها، كان أول من أشعل فتيل أعقد صراع في المنطقة المغاربية، الذي لم يجد طريقه إلى الحل طيلة 45 عاما، مخلفا تركة يرفض النظام العسكري المتحكم في دواليب قصر المرادية وضع نقطة نهاية لها حتى بعد حراك 2019 الذي رفع شعار "يتنحاوْا كاع"، مُلوحا بحرب مباشرة كان الرئيس الراحل يُمني النفس بها سنة 1975.
حكرونا.. حكرونا!
وبدأت العقيدة الصدامية لبومدين تتشكل عندما كان وزيرا للدفاع في عهد سلفه الرئيس الراحل أحمد بن بلة، عندما قررا معا دخول حرب غير محسوبة العواقب، بدأت يوم 8 أكتوبر 1963 بسقوط 10 جنود مغاربة برصاص قادم من الجانب الجزائري، وانتهت بالصرخة الشهيرة لابن بلة "حكرونا المغاربة.. حكرونا"، التي لا زال صداها يتردد إلى اليوم في الأوساط السياسية والعسكرية الجزائرية، حتى إن الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة قال عنها ذات مرة أمام حشود مناصريه "هي صفحة أريد أن أطويها، لكنني لن أنساها".
لكن بومدين كان أكثر إصرارا على تذكر هذه العبارة التي مثلت إقرارا رسميا بهزيمة الجزائر في "حرب الرمال"، لذلك وضع نصب عينيه أولا إزاحة ابن بلة أولا من منصب الرئيس في انقلاب 19 يونيو 1965 الذي نفذه رفقة عناصر "مجموعة وجدة" وانتهى باعتقال أول رئيس للجمهورية بعد الاستقلال بشكل مُهين من داخل منزله، وإطلاق ما سُمي بعملية "التصحيح الثوري" التي قادت بومدين إلى منصب رئيس "مجلس الثورة" وعبره إلى حكم البلاد لأكثر من 13 عاما.
المسيرة السوداء
ولم يكن بومدين دبلوماسيا في عدائه للمغرب، لذلك عجل باحتضان جبهة "البوليساريو" عقب تأسيسها سنة 1973 ووفر لها، إلى جانب العقيد الليبي الراحل معمر القذافي المال والسلاح لتحويلها من منظمة لمقاومة الاحتلال الإسباني إلى جبهة انفصالية تدعو لإقامة دولة مكونة ب80 ألف شخص على أرض مساحتها 266 ألف كيلومتر مربع، أي أكثر من مساحة بريطانيا.
وشرع بومدين في الإعداد لانفصال الصحراء مستندا لقرار الجنرال الإسباني فرانسيسكو فرانكو إقامة استفتاء لتقرير المصير بالمنطقة سنة 1974، وهو الأمر الذي وجد فيه فرصة سانحة للصدام مع غريمه الحسن الثاني الذي لم يكن يخفي استعداده للتدخل العسكري بالمنطقة فور خروج إسبانيا منها، لكن تحركه على أرض الواقع كان مفاجئا للجميع بمن في ذلك الرئيس الجزائري، حينما بعث إلى المنطقة 350 ألف مدني في "المسيرة الخضراء".
وفي واحدة من أقسى أوجه العداء المغربي الجزائري خلال تلك الفترة، لم يجد بومدين طريقة للرد على "المسيرة الخضراء" التي مهدت للسيطرة عمليا على أجزاء شاسعة من الصحراء بعد الاتفاق الثلاثي المغربي الموريتاني الإسباني، إلا عبر "المسيرة السوداء"، العبارة التي يوصف بها قراره المفاجئ والصادم بطرد 45 ألف مغربي كانوا مقيمين في بلاده يوم 18 دجنبر 1975 قبل يوم واحد من عيد الأضحى.
ما عنديش الرجال!
وكان بومدين يمني نفسه بصدام أكبر من ذلك، حيث كان يرغب في حرب مباشرة مع المغرب سنة 1975 لعله يمحو بها أثر هزيمة 1963 التي ظل عاجزا عن هضمها، إلا أنه صُدم بمعارضة قادة الجيش الجزائري لذلك، حسب ما حكته مذكرات رئيس الجمهورية الأسبق الشاذلي بن جديد التي نشرتها جريدة "الشروق" سنة 2012.
الحسن الثاني في استقبال الرئيس الجزائري هواري بومدين في لقاء "نادر" جمعهما
وأورد بن جديد "في أحد اجتماعات مجلس الثورة ناقشنا مطولا مشكل الصحراء الغربية من كل جوانبه، وكان هواري بومدين حريصا على معرفة رأي كل واحد منا، طرح بومدين مسألة جاهزية الجيش الجزائري في حال وقوع حرب، ولم يتدخل أي عضو من أعضاء مجلس الثورة، وحين طلب مني رأيي قلت له "إن الجيش يفتقد الإمكانيات، ويفتقد إلى التنظيم، وإننا موضوعيا غير جاهزين لتموين الوحدات بعيدا عن قواعدها في حالة حرب".
وتابع الرئيس الراحل في مذكراته "كان بومدين هو وزير الدفاع، وهو المسؤول الأول عن القوات المسلحة، ولم يكن من حقي أن أكذب عليه في مثل هذه المسألة الحساسة، لكن ما سمعه في الاجتماع لم يعجبه، فقال في لحظة غضب: إذا ما عنديش رجال".
ورغم أن وقع كلام الشاذلي بن جديد كان قاسيا على بومدين، إلا أنه كان كافيا لإقناعه بالتوجه إلى "الحرب الدبلوماسية" بدل الحرب العسكرية المباشر مع المغرب، لذلك خاطب عبد العزيز بوتفليقة، الذي كان وزيرا للخارجية حينها قائلا "حضِّر كتائبك إذا يا سي عبد العزيز"، لكن هذا المعطى كان، في المقابل، واضحا ل"رفاقه" في مجلس الثورة الذي خاطب أحدهم بن جديد قائلا "لو كان (بومدين) رجلا لرمى برنوسه (سلهامه) وذهب إلى بيته".
محاولة اغتيال تعارضها الأقدار
وعندما تأكد بومدين أن هزيمة الحسن الثاني على ميدان الحرب أمر ميؤوس منه، خاصة وهو يرى سيطرة المملكة تدريجيا على تراب الصحراء، قرر اللجوء إلى خيار آخر مَثَّلَ ذروة اندفاعه المحكوم بعداء أزلي لجيرانه الغربيين، حيث قرر اغتيال الملك في قلب الرباط، مستعينا بأحد أبرز منفذي عمليات المسلحة، الفنزويلي "إليتش راميريز سانشيز" الملقب ب"كارلوس الثعلب".
وتروي مذكرات "العالم كما يراه كارلوس" التي دونها على لسان هذا الأخير الكاتب الفرني "لازلو ليزيسكاي"، والتي صدرت سنة 2017، أن هواري بومدين اختاره من بين 3 قتلة مأجورين لتنفيذ عملية اغتيال الحسن الثاني، وأحضره إلى الجزائر من أجل التخطيط لهذه المهمة التي تقرر تنفيذها عبر فريقين من القتلة المحترفين.
وبإشراف مباشر من قائد المفوضية المركزية في الجزائر صالح حجاب، جرى الاتفاق على وضع خطتين لاغتيال الملك، كل واحدة يتولى تنفيذها فريق مكون من 4 أشخاص دون علم الفريق الآخر، استنادا إلى معلومات كان يقدمها للجزائر الجنرال أحمد الدليمي الذي كان يُبطن بدوره رغبة ملحة في الإطاحة بالحسن الثاني، لكن رغم وصول الفريقين إلى الأراضي المغربية إلا أن التنفيذ سيفشل 3 مرات، قبل أن تُلغى العملية نهائيا إثر إحدى أغرب ألاعيب القدر، حيث سيُعلن يوم 27 دجنبر 1978 عن وفاة هواري بومدين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.