كشف تقرير لصحيفة "إلكونفيدينثيال" أن موجات الهجرة السرية التي عادت بشكل كبير صوب جزر الكناري خلال السنة الجارية، مردها إلى عدم توصل عناصر الأمن في كل من موريتانيا والسينغال ب"التحفيزات" التي كانت تصرف لهم انطلاقا من أموال الدعم السنوية التي كانت تسلمها مدريد سنويا لحكومتي البلدين، خالصة إلى أن اعتماد الطريق نفسها مع المغرب منذ 2019 ستكون له المآلات نفسها. وحسب التقرير فإن هذا النهج بدأ في عهد رئيس الحكومة الإسبانية الأسبق خوسي ليس رودريغيز ثاباتيرو، الذي قرر العمل به قبل أكثر من 10 سنوات كإحدى الحلول لمشكلة تدفق المهاجري على جزر الكناري، وهو ما مثل إحدى تبعات "أزمة كايكوس" سنة 2006 عندما وصل إلى الأرخبيل الإسباني ما يقارب 32 ألف مهاجر غير نظامي، حيث أصبحت إسبانيا تُسلم حكومتي موريتانيا والسينغال أموالا بحجة دعم جهودهم للتصدي لموجات الهجرة السرية. غير أن الأرقام المسجلة هذه السنة بفعل جائحة كورونا تشي بانهيار هذا "السد" الذي كانت تعول عليه إسبانيا طويلا لحماية جزرها، وذلك بعدما وصل إلى الكناري إلى غاية الأسبوع الماضي 10500 مهاجر غير نظامي، ما يعني أن إجمالي المهاجرين سيصل مع نهاية العام إلى 15 ألف شخص باعتبار معدل وصولهم طيلة السنة، لكن إذا ما تم أخذ الوتيرة المسجلة مؤخرا بعين الاعتبار فإن العدد سيتجاوز 33 ألفا، أي أنه وضع أسوأ من ذاك المسجل في 2006. وتمثل الأرقام المسجلة هذه السنة ارتفاعا ب700 في المائة مقارنة بتلك المسجلة العام الماضي، وهو الأمر الذي يبدو معقدا بالنظر إلى كون الموجات بدأت تأتي أيضا من الأقاليم الصحراوية للمغرب، البلد الذي مكنت جهوده بالشمال من ضمان تراجع لأعداد المهاجرين غير النظاميين بنسبة 30 في المائة، لكن المشكلة التي باتت تعاني منها مدريد هناك مصدرها الجزائر، حسب الصحيفة الإسبانية، التي أوردت أن سواحل وهران ومستغانم أصبحت تصدر مهاجرين صوب مورسيا وألميريا وأليكانتي وجزر البليار. وأورد التقرير أن ما أنفقته إسبانيا على الحكومات للتصدي للهجرة غير النظامية في 2014 كان يعادل رواتب دولة بأكملها، مبرزة أنها كانت تنفق مكافآت لعناصر الدرك والأمن في موريتانيا والسينغال "من أجل القيام بعملهم بشكل جيد"، بالإضافة إلى منح مسؤولين عدة امتيازات مالية وأخرى على شكل تأشيرات "شينغن" طويلة الأمد والتي كانوا يستغلونها في الوصل إلى فرنسا، وهو ما وصفه التقرير ب"السد المبني بواسطة الفساد". وبلغة الأرقام فإن مدريد تسلم هذين البلدين سنويا ما مجموعه 14 مليون يورو، تذهب 70 في المائة منها إلى موريتانيا والباقي إلى السينغال، لكنها مؤخرا أضافت المغرب إلى القائمة ما أدى إلى مضاعفة هذا الرقم أكثر من 3 مرات، حيث رصدت سنة 2019 ما مجموعه 46 مليون يورو من المساعدات المخصصة لمواجهة ظاهرة الهجرة غير النظامية، ذهبت 69,5 في المائة منها إلى الرباط، في إشارة إلى مبلغ ال32 مليون يورو التي أعلنت مدريد العام الماضي تخصيصه لدعم جهود المغرب في مجال محاربة الهجرة السرية والاتجار في البشر. وخلصت "إلكونفيدينثيال" إلى أن توزيع هذه المبالغ يبقى مشوبا بشبهات "الفساد"، ذاكرة كمثال على ذلك ما يحدث بموريتانيا، إذ مع تغير رئيس الجمهورية قبل 15 شهرا لم يعد توزيع المكافآت التي ترسلها وزارة الداخلية يتم كما كان عليه الأمر سابقا، الأمر الذي أدى إلى بروز متاجرين بالبشر متورطين في عمليات التهجير السري داخل الأجهزة الأمنية نفسها، وبالتالي إلى تزايد موجات الهجرة صوب جزر الكناري بشكل مهول.