وصلت واحدة من حكايات النصب والاحتيال العديدة التي تشهدها مدينة طنجة، والتي يرى بعض ضحاياها أنها يمكن أن تتحول إلى فيلم سينمائي، إلى مراحلها الأخيرة الأسبوع الماضي باعتقال بطلها الذي راكم ثروة طائلة من بيع الوهم للعديد من المواطنين، عبر قدرته العالية على "انتحال" مجموعة من الصفات التي ينظمها القانون، زاعما تارة أنه يستطيع توظيف المعنيين بالأمر وتارة أنه قادر على تمكينهم من محلات تجارية. ويوم الثلاثاء الماضي تمكنت عناصر الأمن التابعة للمنطقة الأمنية الثانية بمقاطعة بني مكادة من توقيف "ع.ث" تنفيذا لمذكرة قضائية صادرة في حقه للاشتباه بتورطه في قضايا نصب واحتيال وانتحال صفة محامٍ، لكن عقب إلقاء القبض عليه وإحالته على وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية لطنجة وجد أمامه العديد من القضايا الأخرى المشابهة التي بدأ أصحابها يحركون شكاياتهم المتراكمة لعلهم يستطيعون استرجاع بعض من أموالهم. ووفق المعطيات التي حصلت عليها "الصحيفة" من طرف أشخاص مقربين من المشتبه فيه والذين لم ينجوا من "خططه الاحتيالية"، فإن علاقته بالوساطات المشبوهة بدأت وهو لا يزال طالبا في كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، حين كان يدعي أنه يستطيع ضمان نجاح زملائه الطلبة في مباريات الماستر بحكم قربه من بعض الأساتذة وذلك مقابل مبالغ مالية، قبل أن يوع "نشاطه" ليشمل فضاءات أخرى مستغلا المعلومات القانونية التي اكتسبها أثناء دراسته. ومن بين الشكايات التي تواجه المعني بالأمر، تلك التي تتعلق بمباراة للتوظيف الجماعي بمجلس جهة طنجةتطوانالحسيمة، التي أُعلن عنها سنة 2018 على عهد الرئيس السابق إلياس العماري قبل أن يتم إلغاؤها، وخلال هذه الفترة استطاع إقناع العديد من الأشخاص بقدرته على التوسط لهم لضمان نجاحهم في المباريات منهم زملاؤه في الجامعة، بينهم 4 على الأقل وضعوا شكايات ضده فيما بعد. ويقول أحد ضحايا هذه النازلة إن الأمر يتعلق بمباراة لتوظيف متصرفين بمجلس الجهة، وإنه سلم المعني بالأمر مبلغا على دفعات قيمته الإجمالية 40 ألف درهم جمع أغلبها عن طريق الاستدانة، بعدما وعده "النصاب" بضمان تعيينه في الوظيفة حتى أنه حدد له موعد تسلمه لمهامه، قبل أن تُلغى العملية برمتها ويختفي هو عن الأنظار بعدما أقفل هاتفه، ليكتشف الضحية أنه لم يكن الوحيد الذي وقع في هذا الفخ الذي كلف كل مرشح ملايين السنتيمات. ومن القضايا التي تطارد المشتبه فيه والتي جرى الاستماع له بخصوصها من طرف النائب الأول لوكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بطنجة مؤخرا، قضية انتحال صفة نائب وكيل الملك بغرض النصب والاحتيال، وهي الصفة التي استغلها لإقناع أحد الضحايا بأنه قادر على توظيفه في محكمة الاستئناف بطنجة مقابل مبلغ مالي، كما استغلها أيضا للإيقاع بشخص آخر وعده بتمكينه من مجموعة من المحلات التجارية في مجموعة من الأسواق الجديدة بمدينة طنجة. وهذه القضية الأخيرة وحدها تمكن بسببها من جمع مبالغ كبيرة متسببا في المقابل بخلق فوضى واحتجاجات في صفوف المستفيدين المفترضين من تلك المتاجر التي تدخل في إطار مشاريع إعادة هيكلة العديد من أسواق المدينة، إذ وجد الكثيرون أنفسهم بدون استفادة رغم تسليمه المبلغ المطلوب الذي قدرته مصادر الصحفية ب800 ألف درهم، بالإضافة إلى 700 ألف درهم تسلمها من أكبر ضحايا وهو المشار إليه سابقا والذي استمعت له النيابة العامة. وتتوقع مصادر "الصحيفة" ألا تكون القضايا المعروضة أمام النيابة العامة حاليا سوى مقدمات لقضايا أخرى كثيرة لا يدري ضحاياها إلى غاية الآن أن المعني بالأمر قد وقع في قبضة الشرطة، إذ يقول المتحدثون إلى الموقع إن هذا الشخص الذي "يحترف النصب ويتقنه" كان يعيش حياة رفاهية بادية للعيان بسبب ما راكمه من أموال، وهو الأمر الذي كان يستغله جيدا لكسب ثقة ضحاياه وسلبهم أموالهم.