أمر حاكم مينيسوتا بنشر قوّات إضافيّة من الحرس الوطني، اليوم السبت، داعيًا إلى أقصى درجات التشدّد مع المشاغبين، بعد تجدّد أعمال العنف ليلا في مدينة مينيابوليس وتمدّد التظاهرات ضدّ وحشية الشرطة إلى مختلف أنحاء الولاياتالمتحدة. وندّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب السبت بأعمال الشغب التي شهدتها مينيابوليس ليل الجمعة بعد مقتل جورج فلويد بأيدي الشرطة، معتبرًا أنّ ما شهدته هذه المدينة هو من صنع "لصوص وفوضويّين". وقال ترامب في مركز كينيدي الفضائي في فلوريدا، حيث كان يُتابع تحليق رائدي فضاء أميركيّين، إنّ "وفاة جورج فلويد في شوارع مينيابوليس مأساة خطيرة". لكنّه أضاف أنّ ذكرى فلويد أساء إليها "مشاغبون ولصوص وفوضويّون"، داعيًا إلى "المصالحة، لا الكراهية، وإلى العدالة، لا الفوضى". ويتخوّف مسؤولون في نحو عشر مدن من ازدياد أعمال العنف، بعدما أثارت الاحتجاجات على مقتل فلويد بيَد شرطة مينيابوليس هذا الأسبوع غضبًا عارمًا واحتجاجات على إساءة الشرطة معاملة الأميركيّين المتحدّرين من أصل إفريقي. وشهدت الولاياتالمتحدة الجمعة إحدى أسوأ ليالي الاضطرابات الأهليّة منذ عقود. وتمّ إحراق سيّارات ومراكز تابعة للشرطة في نيويورك ودالاس وأتلانتا وغيرها، كما نُظّمت تظاهرة لساعات أمام البيت الأبيض. وقال حاكم مينيسوتا تيم فالز إنّه أمر بتعبئة عامّة لعناصر الحرس الوطني في الولاية البالغ عددهم 13 ألفًا، لِلَجم مثيري الشغب الذين ارتكبوا أعمال نهب وأضرموا النار في منطقة سانت بول في مينيابوليس، في خطوة غير مسبوقة منذ الحرب العالمية الثانية. - إمكان استدعاء الجيش - وقال الحاكم إنّه بحث مع البنتاغون نشر قوّات من الجيش. وأفادت صحيفة نيويورك تايمز بأنّ الشرطة العسكرية وضِعت في حال تأهّب بطلب من ترامب، وهي بدورها خطوة غير مسبوقة منذ عقود. وقال فالز إنّه يؤيّد الاحتجاجات السلميّة التي جرت خلال النهار تكريمًا لفلويد الذي انتشر تسجيل بواسطة الهاتف الخلوي يوثّق مقتله. لكنّ فالز اعتبر أنّ المحتجّين واصلوا تحرّكاتهم بعد الثامنة مساء خارقين حظر التجول ومتسبّبين بأضرار كبيرة في المدينة لا علاقة لها بمقتل فلويد. وتابع "نتوقّع إنفاذ حظر التجوّل. نتوقّع إعادة فرض النظام". وحذّر بأن "الوضع سيكون خطيرًا في الشارع الليلة"، معتبرًا أنّ المشاغبين ينتمون إلى مجموعات مخرّبة ولجماعات تؤمن بتفوّق العرق الأبيض. وقال الحاكم إنّ الهدف من التعزيزات الأمنية هو "القضاء" على هؤلاء بأسرع وقت ممكن. وتحوّلت مدينة مينيابوليس بؤرةً للعنف منذ أن قضى الأميركي من أصول أفريقية جورج فلويد خلال عمليّة اعتقاله، بعدما قام شرطي بطرحه أرضًا وتثبيته لدقائق عدّة بينما كان يضغط بركبته على رقبته حتّى لفظ أنفاسه. ووجّهت السلطات الى الشرطي ديريك شوفين تهمة القتل من الدرجة الثالثة، أي القتل غير العمد، إضافة الى تهمة الإهمال الذي تسبّب بالموت. وقال مدّعي عام المقاطعة مايك فريمان "هذه القضية جاهزة الآن، وقمتُ بتوجيه التهم"، وسط تزايد الغضب بسبب مقتل جورج الأعزل وهو في عهدة الشرطة. لكنّ توجيه الاتّهام فشل في تهدئة مجتمع السود بعد أن أعادت حادثة مقتل فلويد نكء جرح العنصرية وانعدام المساواة. وفي أتلانتا، هاجم متظاهرون سيّارات للشرطة وأحرقوها بعد أن خرجت الاحتجاجات عن السيطرة، بينما حدثت مواجهات بين متظاهرين وعناصر المخابرات أمام البيت الأبيض منتصف الليل. وقال ترامب إنّه تابع "كلّ الخطوات" التي اتّخذها عناصر المخابرات، مؤكّدًا أنه يشعر بالأمان التام. وجاء في تغريدة له "لقد سمحوا للمحتجّين بالصراخ والتشدّق بقدر ما كانوا يريدون، لكن عندما يتخطّى أحدهم الحدود كانوا يلجمونه بكل قوة". وأصابت عدوى الاحتجاجات مجموعة كبيرة من المدن الأميركيّة، بينها بوسطن ودالاس ودنفر وديموين وهيوستن ولاس فيغاس وممفيس وبورتلاند. - "فوضى" - فرضت السلطات حظر تجول الجمعة في مينيابوليس بعد ثلاث ليال من الاحتجاجات التي تسببت باندلاع النيران في العديد من مناطق المدينة. لكن المتظاهرين الذين وضع غالبيتهم أقنعة للوقاية من فيروس كورونا لازموا الشوارع في موقف تحدّ للشرطة التي استخدمت الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية في محاولة لاستعادة السيطرة. وانتشرت أعمال النهب على نطاق واسع، وأظهرت صور أشخاصا يخرجون من المتاجر وقد حملوا ما باستطاعتهم من البضائع. أقارب فلويد الذين تحدّثوا الى ترامب الجمعة، رحّبوا بنبأ اعتقال الشرطي المتسبّب بالقتل باعتباره "خطوة على طريق العدالة". لكنّهم قالوا إنّهم يأملون بتوجيه اتّهام أشدّ إليه، وبأن يشملَ التحرّك القانوني بقيّة عناصر الشرطة المتورّطين باعتقال جورج ومقتله. وقال بيان صادر عنهم "نطالب بتوجيه تهمة القتل من الدرجة الأولى، وايضا نريد أن نرى اعتقال بقية عناصر الشرطة". وأضاف البيان "الألم الذي يشعر به مجتمع السود حيال هذه الجريمة وما تعكسه بشأن طريقة التعامل مع السود قاس ويفيض في شوارع أميركا". وقال المدعي العام فريمان إنّ رجال الشرطة الثلاثة الآخرين الذين كانوا موجودين عند مقتل فلويد يخضعون للتحقيق، ويُتوقّع توجيه اتّهامات اليهم. وتم طرد الشرطيين الأربعة من سلك الشرطة الثلاثاء بعد ظهور شريط فيديو اعتقال جورج ومقتله. - "البكاء أكثر" في مينيابوليس، تجمّع متظاهرون أمام منزل الشرطي تشوفين الذي تعرّض للتخريب الجمعة، رافعين لافتات أمام السيارات التي تمر في المكان وهم يهتفون باسم فلويد. وقالت تارا باليان البالغة 39 عاما لفرانس برس "كل ما يمكنني فعله فقط هو البكاء، والبكاء أكثر"، مضيفة "لقد استغرق الأمر طويلا حتى يدرك الناس أنّ حياة السود تهمّ". وهتف العديد من الضحايا "لا أستطيع التنفّس"، وهي كلمات فلويد حين كانت ركبة تشوفين تضغط على رقبته. ترامب وبعد وصفه المتظاهرين ب"البلطجية" وتهديده بإرسال قوات فدرالية للتعامل معهم بقسوة، غيَّرَ لهجته الجمعة، معلنًا أنّه اتّصل بأسرة فلويد للتعبير عن "حزنه". وقال الرئيس المتّهم بتأجيج التوتّر عبر سلسلة من التغريدات الاستفزازية "أتفهم الأذى، أتفهم الألم. لقد عانى الناس كثيرا". نائب الرئيس السابق جو بايدن الذي يواجه ترامب في السباق إلى البيت الأبيض في انتخابات نوفمبر، تحدث أيضا الى عائلة فلويد، داعيا الى تحقيق العدالة للضحية ولمداواة هذا الجرح المفتوح للعنصرية في الولاياتالمتحدة.