نشرت صحيفة "إلباييس" الإسبانية، ربورطاجا سلطت فيه الضوء على ظاهرة التهريب المعيشي بكل من سبتة ومليلية المحتلتين، وعلاقة هذه الظاهرة بالجوار المغربي، والدور الذي لعبته منذ عقود في فرض عدة تأثيرات على الجانبين المغربي والإسباني. الربورطاج كان عبارة عن نظرة شاملة عن قرب، حاولت فيه إلباييس تقريب متتبعيها من معاناة ممتهني التهريب، والحياة الصاخبة والمليئة بالأحداث والتدافعات بمعبري مليلية وسبتة، من أجل تهريب السلع مقابل مبالغ مالية لا تتعدى 30 أورو لكل ممتهن للتهريب، في الغالب، أمام مرأى ومسمع الجمارك الإسبانية والمغربية، في وضع غريب لا يوجد في أي منطقة بالعالم. وحسب الربورطاج، فإن 30 بالمائة من مجموع ممتهني التهريب بكل من سبتة ومليلية هن من النساء، وهن الفئة الاكثر معاناة في هذه الظاهرة، حيث يتعرضن للابتزاز والتهديدات، إضافة إلى معاناتهن مع التدافع والأحمال الثقيلة التي يحملنها من أجل كسب لقمة عيشهن، وأغلبهن نساء مطلقات أو أمهات عازبات أو منبوذات حسب تعبير الربورطاج. عالم التهريب متداخل، حسب إلباييس، حيث يمتزج بين معاناة ممتهني التهريب، وتجبر مافيات التهريب، وبين تغاضي السلطات الأمنية وفسادها، وبين الحمالين الذين يهربون السلع فوق ظهورهم وظهورهن، وبين السيارات التي تنشط في التهريب بسرعة مفرطة. تأثير التهريب التهريب المعيشي، وف الربورطاج، فرض تأثيره على المنطقتين معا، سواء التابعة للتراب الإسباني أو المغرب، فقد أشار الربورطاج في هذا السياق إلى أن التهريب المعيشي رفع عدد سكان مدينة الفنيدق المجاورة لسبتة، من 6 آلاف نسمة سكانية، إلى أزيد من 78 ألف نسمة سكانية خلال العقدين الأخيرين، في إشارة إلى توافد المهاجرين من مختلف مناطق المغرب على المدينة للاشتغال في التهريب. من جهة أخرى فإن التهريب كان له تأثير هام على اقتصاد مليلية وسبتة، فهذه الاخيرة، حسب ربورطاج إلباييس، تبلغ عائداتها من تهريب السلع إلى المغرب إلى 700 مليون أورو سنويا، وهو ما يعتبر عائدا ماليا مهمة لمدينة صغيرة مثل سبتة، التي لا تمتلك أي موارد طبيعية، وأغلب سكانها هم موظفون حكوميون ورجال الأمن، إضافة إلى 40 في المائة من سكانها مسلمون. كما أن من تأثيرات التهريب المعيشي، أن تسبب في ظهور شريحة كبيرة من المهربين، حيث ارتفع عددهم إلى أزيد من 30 ألف شخص، في سبتة، كما أن تأثيره على الاقتصاد المغربي كان واضحا، وقد تحمل المغرب هذا التأثير لعقود حسب إلباييس، وهو ما يسعى المغرب حاليا لوضع حد له. تأثير الإيقاف كشف ربورطاج إلباييس، مدى التأثير القوي الذي يفرضه إيقاف التهريب المعيشي على كل من معبري سبتة ومليلية،عندما يقرر المغرب إيقاف التهريب بين الحين والأخر في مليلية، أو إيقافه تلأخير للتهريب بباب سبتة منذ أكتوبر الماضي. وأشار الربورطاج إلى بعض الأمثلة في هذا السياق، حيث أشار إلى أن إيقاف التهريب المعيشي بمليلية خلال شهور مضت، أدى بسفينة نقل البضائع العالمية "مايرسك" إلى إبعاد ميناء مليلية من نقاط الرسو بسبب الركود التجاري الذي يحدثه توقف التهريب المعيشي. كما أن إيقاف المغرب للتهريب بباب سبتة، أوضح بشكل الكبير الدور الذي كان يلعبه في الرواج التجاري بسبتة، وقد رصد الربورطاج التأثير العميق لهذا الإيقاف، حيث دفع بعدد من التجار إلى السخط على الحكومة المحلية، محملين إياها معاناتهم من الأزمة الخانقة، لفشلها في التعامل مع قضية التهريب المعيشي مع نظيرتها المغربية. ورغم أن شريحة مهمة من ممتهني التهريب المعيشي المغاربة، خاصة النساء، يعانين بدورهن من توقف التهريب، حسب الربورطاج، إلا أن السلطات المغربية تعمل على إحصاء ممتهني التهريب "الحقيقيين" لإيجاد بدائل لهم، وهو ما اعتبرته إلباييس دليل على عدم نية المغرب في إعادة التهريب مرة أخرى بسبتة.