1. الرئيسية 2. المغرب الكبير 8 معابر حدودية برية في قلب الصحراء.. هل أقبرت المصالح الاقتصادية بين المغرب وموريتانيا المنطقة العازلة؟ الصحيفة – حمزة المتيوي الأربعاء 19 فبراير 2025 - 18:19 بشكل متزامن، أكد المغرب وموريتانيا رسميا عن قُرب تدشين مجموعة من المعابر الحدودية الجديدة العابرة للصحراء بينهما، ليرتفع العدد من معبر واحد بين الكركارات ونواذيبو، إلى 8 معابر، جميعها تمر من المنطقة العازلة منزوعة السلاح جنوب الجدار الأمني المغربي، في خطوة تشي باتفاق ضمني بين البلدين على إنهاء هذا الوضع. وتأتي هذه الخطوة، التي أكدها من جِهة مرسوم لوزير الداخلية الموريتاني، ومن جهة أخرى تصريح لرئيسة جماعة امغالة، في خضم تقارب سياسي واقتصادي ملحوظ بين الرباطونواكشوط، هذه الأخيرة التي كانت الطرف الأكثر تضررا من محاولة أنصار جبهة "البوليساريو" الانفصالية قطع الطريق البري الوحيد بين البلدين في 2020، من خلال منع البضائع الوصول إلى أساقها، قبل التدخل الميداني للجيش المغربي. إعلان رسمي وقع وزير الداخلية وترقية اللامركزية والتنمية المحلية في موريتانيا، محمد أحمد ولد محمد الأمين، المقرر رقم 00129 الذي يحدد المعابر الحدودية الإلزامية على عموم الأراضي الموريتانية، وذلك بتاريخ 11 فبراير 2025، والذي حدد 82 نقطة حدودية برية منها 8 بينها وبين المغرب، بما يشمل الكيلومتر 55 بمقاطعة نواذيبو، وهو المقابل لمعبر الكرارات. أما المعابر السبعة الأخرى، فأولها معبر "اتميميشات" في مقاطعة الشامي، ومعبر "القلب" في مقاطعة الزويرات، ومعابر "افديك" و"الشكات" و"اتواجيل" في مقاطعة افديك، ومعبرا "عين بنتيلي" و"بئر أم كرين" في مقاطعة بئر أم كرين، وهذا المعبر الأخير هو الذي جرى ربطه مباشرة بالطريق البري المؤدي إلى مدينة السمارة. وبالتزامن مع ما ورد في هذه الوثيقة الرسمية، والتي نشرتها وسائل إعلام موريتانية، أعلن المغرب بشكل رسمي عن أشغال بناء قارعة الطريق الوطنية رقم 17 الرابطة بين السمارة وأمكالة عبر منطقة العكيدة على طول 14 كيلومترا، والطريق الوطنية رقم178 بإقليمالسمارة على طول 39 كيلومترا، والتي تبلغ تكلفتها 28,23 مليون درهم، بتمويل من وزارة التجهيز والماء، وقد بلغت نسبة إنجاز المشروع 95 في المائة. في قلب تفاريتي الإعلان الرسمي عن إطلاق أشغال هذه الطريق، جرى عبر وسائل الإعلام العمومية المغربية، التي غطت إشراف عامل إقليمالسمارة على وضع الحجر الأساس لأول محطة استراحة بهذه الطريق، مبرزة أنها ستمر من أمغالة وتفاريتي، هذه الأخيرة التي كانت خلال السنوات الماضية، وقبل التدخل الميداني للقوات المسلحة الملكية في الكركارات في نونبر من سنة 2020، فضاءً لاستقبال أنشطة "البوليساريو"، وخصوصا احتفالات تأسيسها، على الرغم من كونها جزءا من المنطقة العازلة، ما دفع الرباط للاحتجاج مرارا لدى الأممالمتحدة. الوضع الحالي يؤكد أن المغرب فرض عمليا سيطرته على أجزاء واسعة من المنطقة الموجودة خلف الجدار الرملي، وحصر بشكل كبير تواجد قيادات وعناصر "البوليساريو" داخل تندوف بالأراضي الجزائرية، وذلك إثر سلسلة من الضربات الجوية التي نفذها بالمنطقة العازلة عند اقتحامها من طرف مسلحي الجبهة، وأغلبها بواسطة الطائرات المسيرة. ووفق ما كشفت عنه فاطمة السيد، رئيسة جماعة امغالة، فإن مشروع هذه الطريق يتماشى مع المبادرة الأطلسية التي طرحها الملك محمد السادس، مضيفة، في حديث لقناة "ميدي1 تي في"، أن الأمر يتعلق بتعزيز أواصر التواصل بين المغرب وعمقه الإفريقي، وتابعت أن المشروع يعد "حجرَ زاوية استراتيجيًا في مسيرة تمكين الدول الإفريقية غير الساحلية للوصول إلى المحيط الأطلسي عبر الأقاليم الجنوبية". اجتماع الدارالبيضاء يأتي الإعلان الرسمي المزدوج من المغرب وموريتانيا عن هذا الربط البري الجديد، بعد أقل من شهرين على استقبال الملك محمد السادس، بتاريخ 20 دجنبر 2024، بالقصر الملكي بالدارالبيضاء، للرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، والذي قال بلاغ للديون الملكي إنه يندرج "في إطار علاقات الثقة والتعاون القوية بين البلدين، وأواصر الأخوة الصادقة بين الشعبين الشقيقين". لكن أهم ما جاء في البلاغ، هو الإشارة الصريحة إلى انخراط موريتانيا في المشاريع المستقبلية التي ستمر عبر الصحراء، إذ أكد القائدان "حرصهما على تطوير مشاريع استراتيجية للربط بين البلدين الجارين، وكذا تنسيق مساهمتهما في إطار المبادرات الملكية بإفريقيا، خاصة أنبوب الغاز الإفريقي – الأطلسي، ومبادرة تسهيل ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي". هذا اللقاء المفاجئ، والذي أتى إثر زيارة خاصة ولد الشيخ الغزواني إلى المغرب للاطمئنان على صحة زوجته التي خضعت لعملية جراحية في إحدى مستشفيات الرباط، وبالتزامن مع مرحلة استشفاء العاهل المغربي من عملية جراحية تلت إصابته بكسر في عظام الكتف، يتضح أنه كان فعالاً رغم كل الظروف المحيطة به، وفتح الباب تنسيق اقتصادي وسياسي استراتيجي غير مسبوق بين البلدين المغاربيين. مصالح بين البلدين لا يمكن فصل هذا التطور، عن جملة من الأمور الأخرى المثيرة للانتباه، فموريتانيا، وهي الدولة الوحيدة التي رفضت اقتراح الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون لتأسيس "اتحاد مغاربي بديل" بدون المغرب، هي أيضا طرفٌ في مشروع مستقبلي جرى الكشف عنه قل أسابيع من طرف وسائل إعلام محلية، لتطوير المنطقة الساحلية بين الداخلة ونواذيبو بتمويل من الإمارات العربية المتحدة. تنضاف إلى ذلك مشاريع أخرى معلنة رسميا، خصوصا في المجال الطاقي، إذ في 23 يناير الماضي، جرى توقيع مذكرة التفاهم لتطوير الشراكة في قطاعي الكهرباء والطاقات المتجددة، بالرباط، من طرف وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ليلى بنعلي، مع وزير الطاقة والنفط الموريتاني، محمد ولد خالد، ثم في 4 فبراير الجاري، تم في نواكشوط توقيع اتفاقية بين المدير العام للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، طارق همان، والمدير العام للشركة الموريتانية للكهرباء سيدي سالم محمد العابد، من أجل تنفيذ الربط الكهربائي بين المغرب وموريتانيا. وقبل أيام، كانت الجمعية الوطنية في موريتانيا، واحدة من بين برلمانات 20 بلدا إفريقيا، وقعت على "إعلان الرباط" الداعم لإطلاق "مسلسل الدول الإفريقية الأطلسية"، القاضي بالانخراط في المبادرة الأطلسية المغربية، وفي الإعلان أكد الموقعون على "المبادئ الأساسية التي ينبغي أن تحكم العلاقات بين الدول الإفريقية، وبالتحديد احترام سيادة الدول ووحدتها الترابية وسلامة أراضيها باعتبار كل ذلك الحجر الأساس في العلاقات الدولية".