1. الرئيسية 2. المغرب الكبير ورود كلمة "القبايل" في عنوان كتاب يدفع السلطات الجزائرية لاعتقال كاتبة فرنسية وزوجها والحاضرين في حفل توقيعه الصحيفة - خولة اجعيفري الأثنين 1 يوليوز 2024 - 23:24 اعتقلت السلطات الجزائرية، الكاتبة الفرنسية دومينيك مارتر وزوجها وكافة الحاضرين في حفل توقيع كتابها الجديد تحت عنوان "منطقة القبايل المشتركة" بمدينة بجاية، السبت الماضي، قبل أن يتبين لها أن الكتاب، رغم عنوانه، لا يتكلم في المجال السياسي أو الحقوقي لمنطقة "القبايل"، بل يحكي عن تجربة إنسانية عاشتها المؤلفة الفرنسية في سنوات السبعينات قضتها وسط قرية في هذه المنطقة. وفوجئت مؤلفة الكتاب، وفق ما نقلته تقارير فرنسية، بإنزال أمني خلال حفل تقديم كتابها بمدينة بجاية السبت الماضي، ومُسارعة الشرطة الجزائرية إلى اقتياد الكاتبة الفرنسية وزوجها ومدير دار النشر فضلاً عن جموع الحاضرين إلى السجن، قبل أن يتم إطلاق سراحهم بعد ساعات طوال، تبين للشرطة واستخبارات البلد خلالها، أن الكتاب، رغم العنوان، هو في الحقيقة سيرة ذاتية للكاتبة الفرنسية، تؤرخ لتجربتها الإنسانية كمعلمة في منطقة مشدالة قرب بجاية المحسوبة على القبايل في سبعينيات القرن الماضي، إذ تسترجع الكاتبة وجوها وقصصا عن تلاميذها وعن نساء ورجال تعرفت عليهم في المنطقة. وعمدت الكاتبة الفرنسية في كتابها "القبائلية المشتركة"، المعروض للبيع في الجزائر بصفة طبيعية وعادية، إلى تسليط الضوء أكثر في مؤلفها على العلاقة الحميمة بين النساء في المنطقة، مستحضرة ذكرياتها التي عاشتها في قلب القرية، وتجربتها الإنسانية في هذه المنطقة ذات الأغلبية الأمازيغية في شمال الجزائر. وأوضح أرزقي آيت العربي، مدير دار نشر "كوكو" في بجاية التي نظمت حفل التوقيع، في تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية: "اقتحمت الشرطة المكتبة مع بداية تقديم كتاب منطقة القبائل المشتركة، ظهيرة السبت، وقامت بتوقيف جميع من كانوا في القاعة بمن فيهم الكاتبة وزوجها وأنا وصاحب المكتبة، وتم اقتيادنا إلى مركز الشرطة قبل أن يطلق سراحنا في الثامنة مساء، دون قيود على حريتنا". ووصلت الكاتبة الفرنسية إلى الجزائر الأسبوع الماضي، وسبق لها تقديم كتابها وتنظيم بيع بالتوقيع في العاصمة "دون أي مشاكل"، وفق ما أكده مدير دار النشر للوكالة الفرنسية، موردا "عرض الكتاب في المعرض الدولي للكتاب نهاية السنة الماضية وهو يباع في كل المكتبات بشكل عادي، فيما الشرطة لم تقدم أي سبب لمنع تقديم الكتاب الذي لا يخضع لترخيص مسبق، وبالتالي كيف يتم عرض الكتاب في العاصمة دون مشاكل ويتم منعه في بجاية؟ الواقعة على بعد نحو 220 كلم شمال شرق الجزائر". من جهة ثانية، سبق لدار النشر "كوكو" أن تعرضت مرات عدة للرقابة سواء بمنع كتبها أو منع ضيوفها والأنشطة التي تقيمها أو منعها من المشاركة في المعرض الدولي للكتاب الذي تنظمه الحكومة الجزائرية، وقد أعلنت في العام 2022 أن 12 من كتبها - معظمها تتناول مواضيع سياسية - منعت خلال معرض الكتاب في الجزائر. ومنذ إعلان الحركة من أجل استقلال منطقة القبائل، المعروفة اختصارا ب"الماك"، في 20 أبريل الماضي استقلال ولاية القبائل خلال مهرجان خطابي نظم أمام مقر الأممالمتحدة بنيويورك حضره رئيس حكومة القبايل، فرحات مهني، عمدت السلطات الجزائرية إلى استنفار أفراد القوات الأمنية والعسكرية بالعديد من المدن القبائلية لقمع كل محاولات الاحتفال، أو التعبير العلني عن الموالاة ل "الماك" التي تعتبرها الجزائر منظمة إرهابية، خصوصا بعد انتشار صور وأعلام القبائل المعلقة والمرسومة على جدران البنايات بمختلف شوارع المنطقة وأقاليمها. وكانت حركة استقلال منطقة القبائل بالجزائر، المعروفة اختصارا ب"ماك"، قد استنكرت ما وصفته ب"الضغط الإرهابي" الذي تُمارسه الجزائر على ساكنة المنطقة بمن فيهم الأطفال، على لسان زعيم الحركة فرحات مهني، الذي يشغل في الوقت نفسه منصب رئيس حكومة القبائل المؤقتة في المنفى، خصوصا بعدما أنزلت السلطات الجزائرية أعدادا كبيرة من قواتها العسكرية في شوارع مدينتي تيزي وزو وبجاية، لقمع احتفالات الشعب القبائلي بيومه الوطني الذي يُصادف الرابع من يونيو من كل سنة، كما أعطت "سلطات الاحتلال الجزائري"، حسب وصف فرحات مهني، تعليماتها لأفراد المخابرات الداخلية لرصد وقمع أي سلوك يظهر التفاعل الإيجابي مع هذه الاحتفالات وفق ما أورده بلاغ عمّمه في تغريدة نشرها عبر حسابه الرسمي على موقع "إكس" (تويتر سابقا). وأكد مهني، بأن منطقة القبايل "تحت ضغط إرهابي من الدولة الاستعمارية الجزائرية، وتقاوم سلميا، وهي تلوح بعلم منطقة القبائل في جميع أنحاء أراضيها لإظهار أن مسألة منطقة القبائل لا تزال موجودة تحت رماد الشرطة العسكرية''، لافتا إلى أن أطفال المنطقة بدورهم لم يسلموا من القمع لكنهم يتحدون الخطر لتأكيد حق شعبهم في تقرير مصيره، وهذا أمر يستحق الترحيب أكثر. وفي السياق ذاته، أشار رئيس حركة استقلال منطقة القبائل، إلى أن الجزائر التي وصفها ب"الدولة الإرهابية" قامت، في الأسابيع الأخيرة، بإطلاق ترسانة كاملة من الخونة والعنصريين المناهضين لمنطقة القبائل وضد التطلعات المشروعة ودسهم في صفوف هذا الشعب في محاولة منها للتشويش وإجهاض حقهم غير القابل للتصرف أو المساومة في استقلالهم، مضيفا: "يمكن لأعداء الحرية أن يعتمدوا دائمًا على الإفلات من العقاب من الدكتاتورية الاستعمارية، وتبقى الحقيقة أنه سيأتي يوم تصبح فيه القبائل جنسية معترف بها من قبل العالم أجمع، فالمجد لمن يبني المقاومة السلمية على الأرض، وتحيا منطقة القبائل حرة مستقلة".