دفع القرار الفرنسي القاضي بتقليص عدد التأشيرات المسلمة سنويا للمواطنين المغاربية بنسبة 50 في المائة، والذي نتج عنه حرمان العديد منهم من وثيقة السفر الخاصة بولوج فضاء "شينغن" الأوروبي، الجمعيةَ المغربية لحقوق الإنسان إلى مراسلة سفيرة الاتحاد الأوروبي لدى المغرب، باتريسيا يومبارت كوساك، لمطالبة الاتحاد بالضغط على باريس وباقي العواصم الأوروبية التي تُعقد إجراءات الحصول على التأشيرة لمراجعة موقفها. وعرض المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، نماذج مما وصفها "الانتهاكات التي تمس بالحق في حرية التنقل من طرف دول الاتحاد الأوروبي والتي تندرج ضمن المعاملات المهينة والحاطة من الكرامة"، مبلغا، في رسالته التي حصلت "الصحيفة" على نسخة منها، سفيرة الاتحاد الاوروبي احتجاجه الرسمي بشأنها، ويطالب مسؤولي الاتحاد "بضرورة التدخل لدى هذه الدول قصد وضع حد فوري لهذه الانتهاكات التي تفاقمت حدتها في السنوات الأخيرة". وقالت الجمعية إنها تستند في مطالباتها إلى الاتفاقيات والعهود الدولية لحقوق الإنسان التي تشكل محورا رئيسيا في منظومة الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، وضمنها الاتفاقيات المتعلقة بالهجرة واللجوء، وعلى المادة 13 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وكذا مقتضيات المادتين 12 و13 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والتعليق رقم 15 حول وضع الأجانب الصادر عن اللجنة المعنية بالحقوق المدنية والسياسية خلال دورتها السابعة والعشرين، والتعليق العام رقم 27 الصادر عن نفس اللجنة في دورتها السابعة والستين حول حرية التنقل. وأوردت الرسالة أن العديد من دول الاتحاد الأوروبي التي صدقت على مجمل الاتفاقيات والعهود الدولية لحقوق الإنسان، ملزمة أمام المنتظم الدولي باحترام تعهداتها الدولية وإعمال مقتضيات تلك الاتفاقيات والعهود عبر إدماجها في مجمل سياساتها العمومية، مبرزة أنها تتابع ما يتعرض له العديد من المواطنات المغربيات والمواطنين المغاربة من "مساس فظيع" للحق في حرية التنقل من طرف مجمل دول الاتحاد الأوروبي وخاصة الدول المنخرطة في فضاء "شينغن"، حيث تصر هذه الدول، على عدم منح التأشيرة إلا لعدد محدود من طالباتها وطالبيها رغم استيفائها لكل الشروط المطلوبة. وفي إطار هذه الانتهاكات، تقول الرسالة، فإن دول الاتحاد الأوروبي قلصت بشكل كبير ومفاجئ إمكانيات طلب التأشيرة، بإغلاقها بشكل دوري وتصاعدي، كليا أو جزئيا، منصات الدخول لأخذ المواعيد عبر الشبكة العنكبوتية لدفع طلبات الحصول على التأشيرة، ولم تعد تفتحها إلا لفترات محدودة مما فسح المجال واسعا لمافيات أصبحت متخصصة في الحصول على المواعيد وبيعها بأثمان خيالية لمواطنات ومواطنين انعدمت لديهم كل الإمكانيات لأخذ مواعيد في ظروف مساعدة وآمنة. وأضافت الوثيقة أن ما عمق من جسامة هذه الانتهاكات أن هذه الدول فوتت لشركات وسيطة مهمة تسلم الملفات من طالبات وطالبي التأشيرة وتقديمها للسلطات المختصة مقابل مبالغ مالية يؤديها المواطنون والمواطنات دون منحهم أية ضمانات أو تطمينات بأنهم سيحصلون على التأشيرة. وأضافت المراسلة أن من مظاهر هذه الانتهاكات، أيضا، أن السلطات المختصة التابعة لسفارات وقنصليات دول الاتحاد الأوروبي، لا تعلل بشكل مقنع أسباب الرفض المتزايد لطلبات التأشيرة، ولا تعيد للمواطنات والمواطنين الذين رفضت طلباتهم الأموال التي دفعوها من أجلها، مما يعتبر "استخلاصا غير مستحق لتلك الأموال، ليس له ما يبرره، خاصة في غياب تقديم الخدمة المطلوبة".