توقع الرأي العام الجزائري كما المغربي، مساء أمس الأحد، أن يتطرق عبد المجيد تبن رئيس الجمهورية الجزائرية، في لقائه الإعلامي الدوري، لموضوع العلاقات مع المغرب في ظل دعوة الملك محمد السادس في خطاب الذكرى الثالثة والعشرين لجلوسه على العرش، قبل ذلك ب24 ساعة، إلى إلغاء الحدود التي تفرق بين شعبي البلدين، وإلى إقامات علاقات طبيعية بينهما، غير أن تبون لم يتجاوب مع ذلك، لكن المثير أيضا أنه ولأول مرة ابتعد عن الحديث حول ملف الصحراء. وعلى عكس ما كان عليه الأمر في كل خرجاته الأخرى المماثلة مع وسائل إعلام بلاده، فإن الرئيس الجزائري تفادى الحديث عن ملف الصحراء وعن دعم جبهة "البوليساريو" الانفصالية، بل إنه تحاشى مناوشة المغرب أو التلويح بأي تهديدات ضده، وهو أمر نادر الحدوث في أي من خطابات تبون الذي سبق أن اتهم المغرب بجلب الإسرائيليين إلى المنطقة ولوح ضمنيا بالمواجهة العسكرية، لكنه في المقابل لم يبد أي استعداد للقبول بدعوة العاهل المغربي إلى بناء علاقات جيدة. واقتصرت المواضيع التي تهم المغرب في كلام تبون مساء أمس، عن الحديث حول بعض الأمور التي تتعلق بقارة إفريقيا ككل، مثل التطرق إلى أنبوب الغاز الجزائري النيجيري، الذي ينافسه بشكل مباشر مشروع أنبوب آخر بين نيجيريا والمملكة، موردا أن المشروع المشترك مع بلاده والمار بدولة النيجر سينقل الغاز إلى أوروبا ويعتبر "عملا إفريقيا عملاقا"، كما أورد أن "الجزائر مصيرها إفريقي, وامتدادها إفريقي" وتابع قائلا إن "لم شمل إفريقيا لا يكون إلا بمساعي الدول الافريقية". ومضى تبون أبعد من ذلك، حين زعم أن الجزائر "ليست لديها مشكلة مع أي دولة عربية وتكن الاحترام لكل الدول"، وذلك حين حديثه عن القمة العربية التي تَوقعَ أن تحتضنها بلاده نهاية السنة الجارية، موردا أنها "ستكون ناجحة بالنظر الى أن الجزائر ليست لديها أي خلفية من وراء تنظيم هذه القمة ما عدا لم الشمل العربي", وأضاف أن "السنوات الماضية عرفت تشرذما كبيرا في العلاقات وظهور نزاعات وخلافات بين بعض الدول العربية"، عارضا الوساطة الجزائرية "لحل بعض النزاعات". وقال الملك محمد السادس في خطاب العرش أول أمس السبت إن "الحدود التي تفرق بين الشعبين الشقيقين، المغربي والجزائري، لن تكون أبدا حدودا تغلق أجواء التواصل والتفاهم بينهما، بل نريدها أن تكون جسورا، تحمل بين يديها مستقبل المغرب والجزائر، وأن تعطي المثال للشعوب المغاربية الأخرى"، مضيفا " أهيب بالمغاربة، لمواصلة التحلي بقيم الأخوة والتضامن وحسن الجوار التي تربطنا بأشقائنا الجزائريين، الذين نؤكد لهم بأنهم سيجدون دائما، المغرب والمغاربة إلى جانبهم، في كل الظروف والأحوال". وأورد العاهل المغربي "إن ما يقال عن العلاقات المغربية الجزائرية غير معقول ويحز في النفس، ونحن لم ولن نسمح لأي أحد بالإساءة إلى أشقائنا وجيراننا"، وتابع "وبالنسبة للشعب المغربي، فنحن حريصون على الخروج من هذا الوضع، وتعزيز التقارب والتواصل والتفاهم بين الشعبين"، وقال "إننا نتطلع للعمل مع الرئاسة الجزائرية، لأن يضع المغرب والجزائر يدا في يد لإقامة علاقات طبيعية بين شعبين شقيقين، تجمعهما روابط تاريخية وإنسانية والمصير المشترك".