تنقية بني انصار واجب صحي وأخلاقي ووطني، والتنقية تدخل في الجماليات، وعلم الجمال (فلسفة) له ارتباط بالحق والخير والأخلاق. تنقية بني انصار من الطفيليات والحشرات المضرة، والبكتيريا والجراثيم والفطريات، وحتى الفيروسات الخطيرة التي لا علاج لها. تنقية الشوارع والحدائق من السيبة والشيشة والعشبة والسموم والعهر، الحدائق ماحلة من كثرة الجلوس فوق أعشابها، وسوء استغلال فضائها، وانتهاك حرمتها، وعدم احترام أشجارها، وأعشابها وأزهارها وتربتها، وحتى الجالسين فيها، هذه السلوكات ناتجة عن غياب الوعي والتربية والمراقبة والتغريم… انتهى زمن الزمير والزمجرة والزمزمة والزقزقة والرطانة. انتهى زمن الهرف والخرف والرجف والوجم والوجل. إن وسائل التنقية كثيرة ومتنوعة، وبتقنية حديثة من فن القول: من نظم ونثر، واحتجاج ومسيرات، ورفض لسلوك سلطوي استفزازي ابتزازي، يمارس على المواطنين الأبرياء المغلوبين على أمرهم. ومن مظاهر التنقية رؤيتي لبني انصار تتحرك في هذه الأيام بفضل حراك محبيها وأهلها، بجل، طفقت تستيقظ من سباتها العميق العتيق، تستنهض الهمم، وتستحث العزم، وتشحذ الألباب، لتنسلخ من السخمة المخيمة، والطغمة الطاغية التي شكلت، وتشكل طامة كبرى، وأزمة عظمى، منذ أمد بعيد، ولتغير المنكر الفطحل المستفحل، كالجثوة التي لا تبارح مكانها، منذ زمن سحيق اقترفه ويقترفه الأوغاد الذين لا يفرقون بين اليد اليسرى واليمنى، ولا يعرفون الاسم المقصور والممدود والصحيح وشبه الصحيح، ولا الفاصلة الكبرى والصغرى، ولا واو الثمانية ولا الضمة الصغرى، ولا الحساب ولا القراءة ولا الكتابة… وهلم لاء وجرا وجهلا ووغادة … نعم، شرعت تنهض وتتحرك بواسطة بعض مثقفيها الغيورين، والأساتذة الأجلاء المحبين لهذه المدينة التي درجوا وترعرعوا وشبوا فيها، وفعاليات المجتمع المدني، وساكنة بني انصار شبابا وكهولا وأطفالا ذكورا وإناثا، هذه الفئة التي أتحدث عنها، سئمت وبرمت وضجرت إلى أن اشتد ضرمها، فقامت بالاحتجاجات في السنة الماضية التي هضبت، ووصل صداها إلى بقع الإقليم وأرجاء الوطن، والتي كانت سلمية وحضارية، لأنها قادها مثقفون واعون ساخطون على الأوضاع المزرية التي تتخبط فيها المدينة، وفضاءاتها بعلة الهالجين والهلقمين بتضعيف الميم، لأموال اليتامى والمساكين، وبأفعالهم الشنيعة لا تقبلها حتى البهيمة، يزيدون للأبرياء ظلما، وللظالمين نصرا وتأييدا ولمناصريهم الذين يدورون في فلكهم ثراء وفحشا وتبجحا، وفي هذه السنة حدثت تنقيات وتنقيلات فمزيدا من التنقية والتنقيل والتأديب والمراقبة والمحاسبة والمعاقبة، ونشر العدل ونصرة الحق وإزهاق الباطل إن الباطل كان زهوقا، إلى أن تستقيم الأمور، وتسير بني انصار في نهج قويم وطريق مستقيم كسكة القطار، كل واحد في مكانه وحدوده وعمله ومسؤوليته، مع الكرامة والحرية، والعيش الكريم بدون قمع واستفزاز وتسلط وشطط. جير، بدأت تدب وتمشي بعد أن كانت مشلولة، وطفقت تهمس وتنبس وتجرس، وتبدو وتنجم، بعد أن كانت بهماء عجماء عمياء لكناء أصابها الإعياء والتخفر عاجزة عن الافتطار والابتداع والاختراع. أجل، أصبحت تناضل بالقلم كتابة، وباليد عملا، وليس لكما ولطما ولكزا، وبالرجل مشيا، وليس ركلا ولبطا، وبالقلب إيمانا وليس نفاقا ومينا، وبالعقل فكرا وتنويرا للرأي العام، وليس جهلا واستغفالا، وبالكلام المعروف الرزين تنبيها واستحثاثا للسكان، وليس ديماغوجيا ومراوغة، والذين عليهم، أن يقفوا صامدين، كسد منيع، وحصن حصين، كالبنيان المرصوص، وأسنان المشط، في وجه الانتهازيين والوصوليين الفارغة قلوبهم من حب الخير والجميل لهذه المدينة، والخاوية عقولهم من معرفة وعلم وثقافة ووعي ورحمة، ورأفة للضعفاء الأبرياء والأخذ بيدهم. ولابد من تحية بعض الأقلام الجادة التي تهتم بالشأن المحلي وهموم الساكنة، كما فعل على سبيل المثال لا الحصر الأستاذ الطاهر الحموتي ولحبيب محمودي والصحفي محمد الحموتي، بإذاعة المنار بهولندا، والذين اهتموا بقضية مارتشيكا بواسطة الحوار الذي دار بين السيد مدير وكالة مارتشيكا سعيد زارو والأستاذ الطاهر الحموتي بصفته رئيسا لجمعية حماية المستهلك عبر أثير إذاعة المنار بتنسيق الصحفي محمد الحموتي سابقا، وبين لحبيب محمودي بصفته رئيسا لمنتدى الإعلام والتنمية، والسيد نائب مدير وكالة مارتشيكا أخيرا، لشرح وتوضيح مشروع وتصميم تهيئة مارتشيكا للسكان، لأن معالم المشروع كانت غير واضحة، يشوبها الغموض، والساكنة التي يهمها الأمر، لم تستوعب مضامين التهيئة، خوفا على مصير ممتلكاتها التي سيشملها المشروع. وأخيرا، وليس أخيرا، ما قامت به فعاليات المجتمع المدني ببني انصار الموقعة على العريضة إلى جانب توقيعات السكان تحت عنوان: مطالبة لأجل استئناف أشغال بناء دار الشباب وإحداث ملعب بلدي ببني انصار، موجهة إلى المسؤولين وأصحاب القرار. وقد جاء فيها: ( يشرفنا سيدي المحترم أن نتقدم إليكم بهذا الطلب، يحدونا الأمل أن تتفضلوا بالتدخل لأجل استئناف أشغال بناء دار الشباب وإحداث ملعب بلدي ببني إنصار، حيث إن دار الشباب الوحيدة التي كانت بالمدينة قد تم ردمها، والبدء في وضع أساسات بنائها، ليتوقف المشروع بعدها لأزيد من ثلاث سنوات، ولحد الساعة لا زال على ما هو عليه… إلى… هذا ناهيك على أن المدينة تفتقر في حالة غير مسبوقة على الصعيد الوطني، لملعب بلدي يلتئم فيه شمل الشباب لممارسة مختلف الرياضات والهوايات، وعلى الخصوص كرة القدم التي تعرف بها المدينة منذ الأزل. وفي انتظار تدخلكم سيدي المحترم ولتحقيق هذين الإنجازين، تفضلوا بقبول أسمى عبارات الشكر والتقدير). إن الجهاد الكبير والأكبر، هو التسلح بالمعرفة والعلم والتربية الوطنية والمدنية، والتشبث بالأخلاق النبيلة والاستقامة والنزاهة، والإلمام بالسياسة والاقتصاد والقانون، والإحاطة بما يدور في الشأن المحلي، وجغرافية المدينة وتاريخها، للتمكن من تسيير وتدبير شأن هذه المدينة المعطبة عجلاتها، فهي ترجع إلى الوراء أكثر مما تسير إلى الأمام، ولكن بفضل هذه الكتابات والاحتجاجات والنقد البناء، لابد أن تشملها تنقية وتهذيب وتشذيب وتأديب، كي لا يظن البعض أن السكان أغبياء، لا يستطيعون تحرير سطر، في حق المتهورين والهدين والمراق والمراد. انتهى زمن “معليش” كما وصف كوكتو به العرب، انتهى زمن المحسوبية والزبونية، والتملص من أداء الضرائب، فالفقراء هم الذين يؤدون الضرائب، وهم الذين يدخلون السجن ظلما وبهتانا، لأنهم لا يتمتعون بالحصانة، ولا حول ولا قوة لهم!!!… إن الذي يريد أن يمثل المدينة عليه أن يتحلى بالصفات السالفة الذكر، وليس بالجلوس على الكرسي، والتخيل والصعود إلى السماء كما يصعد دخان سيجارته من فمه كأنه قطار القرن التاسع عشر. وأخيرا لكي لا أكون ثرثارا ومهذارا، سأكون مختصرا لما قلته أعلاه. “لقد نثرت كلماتي لتجنف الخبثاء النحاطين وتندغهم لتطعمهم الهبيد، وتنبهم على هرئهم وإهرائهم، وتبتر دابر النثاث الذين يحدثون النثوة ليظفروا بما يريدون، فشتان وهيهات… أن يحلم البعض، ليفعلوا ما طاب ولذ لهم، عليهم أن يصبروا لوبيصة بني الغبراء، ولما سيصيبهم من تنقية وتأديب وحساب وحبس. وإن غدا لناظره قريب” أو: فإن يك صدر هذا اليوم ولى ===== فإن غدا لناظره قريب. كلمة شكر وامتنان لا أريد أن أكون كما يقال أشكر من بروقة وهو مثل يضرب لمن يقابل المعروف عاجلا بالشكر والثناء… ولكن من لا يشكر الله لا يشكر الناس. إن اليراع ليعجز عن الرد، ولكنني إذا لم أرد، سأكون مغرورا أو مزهوا بنفسي، هذا من جهة، ومن ناحية أخرى، لا أجد في منجد اللغة، ولا في قاموس المحيط كلمات تناسب وتليق بتلك التعاليق الجميلة الرقيقة والمشجعة في نفس الوقت، لأن زمننا هذا، هو زمن الهروب من القراءة، والنفور من الكتابة، رغم أنها مستمرة، لأنها جزء من حياة الإنسان، بل هي الإنسان نفسه، وهي تجمع بين الشعر الذي يشدو ويرقص، والنثر الذي يمشي ويفكر، وما يتفرع عنهما من فنون الأدب والكتابة، وهي نقد وسؤال وتوجيه واستشراف واختراق للذات والجسد والزمان والمكان كما ير ى معظم المفكرين والأدباء، لا أريد أن أغرق في بحور الكتابة لأن أغوارها عميقة ومعقدة، ولأنني لا أعرف فن العوم كما جاء في رسالة تحت الماء، ولذلك أدخل مباشرة إلى صميم الموضوع، وهو الشكر الجميل والامتنان لجميع القراء داخل الوطن وخارجه، على تعاليقهم الطيبة العبقة يفوح منها أريج البهار، وخصوصا تلامذتنا في الإعداديات والثانويات سابقا وآنيا، وكذلك طلابنا في الجامعات ذكورا وإناثا بدون استثناء. شعرت بحبور كبير وسعادة عظمى بل اغرورقت عيناي فلا أدري: أفرحا أم حزنا، فكنت كما يردد المرحوم عبد الحليم حافظ بذلك الصوت الشجي الرقيق المؤثر (مهموم عايز أبكي فرحان عايز أضحك)، بتلك التعاليق التي سرت في جسمي، وجرت في عروقي كالدم، فمنحتني قوة ونشاطا للاستمرار في الكتابة بعد أن نسيتها مدة من الزمن، فلم أتوقع ذلك لأنني كتبت لأجل الكتابة، وكأنني من أنصار مذهب الفن للفن، إني نسيت وأنسى ما أكتبه أحيانا، لأننا كلنا إلى الفناء والزوال، والكاتب أو المبدع أو الفنان يشكو إلى غير مصمت أو كالطفل الصغير المدلل، يحتاج إلى الرعاية والعناية والاهتمام والتشجيع ليشعر بوجوده، أو كالزهرة أو كالشجرة التي تحتاج إلى السقي والتشذيب والتهذيب والتنقية لتزهر أو تثمر هذه التعاليق ذكرتني مرة أخرى بأسماء التلاميذ والتلميذات بعد أن نسيتهم، فكأنهم بها أحيوا تلك السنوات الدراسية يوم كنا نشجعهم على الدراسة والقراءة، واليوم هم الذين يشجعوننا على الكتابة، فنعم التشجيعان!!! واسمحوا لي لا أستطيع الرد، فهذه الكلمة تكفي، لأنني في حاجة إلى تقنيته، فكما قلت سابقا ما قيل عن البحتري: شاعر جاهلي تأخر به الزمن، وهو ينتمي إلى العصر العباسي، أو كأنني أعرابي في المدينة. وثانية وأخيرا أشكركم قاطبة وطرا وبصع وأتذكركم دائما أبدا كلما أخذت اليراعة لأكتب شيئا، أو لأرسم منظرا أو أصف مشهدا بالحروف والكلمات، كما أشكر جميع المواقع الإلكترونية التي لها جزيل الشكر على نشر همومنا، وهموم مجتمعنا وآلامه، وما آلت إليه مدننا التي طالها النسيان والإهمال، ومستوى ثقافتنا المليئة بالسلبيات، والأنانية والنرجسية، هذه الثقافة السخيفة السمجة المرفوضة، أدت إلى غياب عنصر الإنسانية والتواضع والمواطنة والرحمة والشفقة.