بدأت أولى بشائر "الحياد" المغربي في أزمة الخليج تظهر مع إعلان دول مجلس التعاون الخليجي دعمها لسيادة الرباط ووحدة أراضيها، معربة عن تأييدها للإجراءات التي اتخذتها المملكة لإرساء حرية التنقل المدني والتجاري في المنطقة العازلة للكركرات في الصحراء المغربية؛ وهو ما يعطي دلالات سياسية عن واقع هذه العلاقات خلال الفترة المقبلة. ويأتي هذا الموقف المعلن من قبل دول مجلس التعاون الخليجي في خضم تطورات إقليمية تشهدها منطقة الصحراء؛ وهو الأمر الذي قد يدفع بلدانا عربية أخرى إلى تصريف هذا الموقف وجعله واقعا دبلوماسيا من خلال العمل على فتح قنصليات جديدة في الصحراء المغربية، على غرار ما قامت به بعض الدول العربية. وانتهت أزمة الخليج وطويت صفحة الخلافات التي دامت لأكثر من ثلاث سنوات، دون أن يفقد المغرب أحد حلفائه الخليجيين المتخاصمين، بعدما اختار اتّباع خيار "الحياد الإيجابي" في تعاطيه مع "الهزات" التي ضربت البيت الخليجي، وهو موقف "سيادي" يعكس مصداقية و"نضج" خطاب الدبلوماسية المغربية، في مجاراة "أزمات" عابرة. وأكدت الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، خلال اختتام أعمال الدورة الحادية والأربعين للمجلس الأعلى لمجلس التعاون (قمة السلطان قابوس والشيخ صباح) في مدينة العُلا السعودية، على أهمية الشراكة الإستراتيجية بين دول مجلس التعاون الخليجي والمملكة المغربية. وفي هذا الصدد، أكد صبري لحو، الخبير في القانون الدولي، أن "البيان الختامي لقمة العلا يؤكد ويعزز الشراكة الإستراتيجية بين المغرب والتجمع الإقليمي لدول التعاون الخليجي، حيث تم التأكيد على أحد المحاور الأساسية في هذه الشراكة؛ وهو رفض انقسام الدول". وشدد الخبير والمحلل السياسي على أنه "لفهم دلالات الدعم العربي الخليجي للمغرب يجب العودة إلى الاتفاق الإستراتيجي العربي وتوصياته المتعلقة برفض هذه الدول وبمعية المغرب تقسيم البلدان العربية وتعزيز الوحدة"، مبرزا أن "ما يربط المغرب مع هذه الدول هو تعاقد، وليس مجرد موقف سياسي". ولفت لحو الانتباه إلى أن "هذا التعاقد مبني على أساس احترام وحدة الدول والاستمرار في نفس الزخم السياسي التي تعرفه المملكة، من خلال إنشاء قنصليات دبلوماسية في العيون والداخلة"، معتبرا أن "المستقبل القريب سيشهد افتتاح عدد من الدول لقنصليات في الصحراء المغربية". كما توقف الخبير والمحلل السياسي عند نقطة دعم التجمع الخليجي للخطوة المغربية في الكركرات، وقال بأن "هذا الدعم هو نوعي وسياسي؛ لأن الأمر يتعلق بعملية أمنية خطيرة ذات دلالات معقدة"، مشيرا إلى أن "الاتفاق يحفز أيضا على الاستثمار في الصحراء، حيث إن المغرب يمثل اليد اليمنى لهذه الدول في إفريقيا".