رسمت جبهة البوليساريو لنفسها طريقا نحو حصار غير مسبوق، بعد أن أقدمت في خطوة لم تفكر فيها قياداتها كثيرا على قطع حركة عبور السلع والأفراد عند معبر الكركرات ثم إعلانها الخروج من اتفاق وقف إطلاق النار، فتخلى عنها الكثير من الداعمين وفقدت كبير المناصرين في البرلمان الأوروبي، وهي الآن تقترب من دخول لائحة المنظمات الإرهابية. ففي الوقت الذي استفاد فيه المغرب من سياق مناسب هيأ الظروف للفوز بإعلان صادر عن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وكسب المزيد من الدول الداعمة، تتصاعد هناك في القارة العجوز مطالب تدعو الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ نفس الموقف الذي أعلنت عنه الولاياتالمتحدةالأمريكية وتصنيف البوليساريو منظمة إرهابية تشكل خطرا على المصالح المشتركة للدول خاصة في منطقة الساحل وأقصى غرب شمال إفريقيا. من آخر الداعين إلى التحرك لإيقاف نشاط البوليساريو، فيديل سينداغورتا المدير العام للسياسة الخارجية والأمنية بوزارة الخارجية الإسبانية والاتحاد الأوروبي، الذي عبر عن صدمته حين أخذ علما أن عدنان أبو الوليد الصحراوي زعيم " الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى" ، ينحدر من مخيمات تندوف. وذكر السيد المسؤول الاسباني أنه تم إبلاغه بأن هذه الميليشيات المسلحة كانت تتدرب في كوبا خلال الفترة التي كان يعمل فيها كدبلوماسي بذلك البلد، مشيرا إلى أن ظاهرة الجهاد المتطرف الراسخة في هذه المنطقة "يجب أن تثير انتباهنا لأنها قريبة جدا من عالمنا". ثم أشار إلى عودة بروز هذه الظاهرة منذ أن بدأت من الجزائر، ليس فقط في منطقة الساحل، ولكن أيضا في المناطق المجاورة الأخرى، مما أودى بحياة المئات من الضحايا. في السياق ذاته، كشف الرئيس السابق للمكتب المركزي للأبحاث القضائية، عبد الخيام، في حوار مع "الأيام" في أكتوبر 2017، أن المكتب توصل بمعلومات استخباراتية تكشف عن تورط عناصر من الجبهة الانفصالية في قضايا مرتبطة بالتهريب الدولي للمخدرات والأسلحة، وتقول المعلومات أيضا إن 100 انفصالي من "البوليساريو" ينشطون في تنظيمات إرهابية في منطقة الساحل وجنوب الجزائر وتندوف وكان الخيام قد أكد أنه المكتب يتوفر على معلومات تفيد استعمال القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي لانفصاليي "البوليساريو" في عملياته، ودعا الدولة الجزائرية إلى الوعي بخطورة الوضع الناتج عن سياستها في دعم "البوليساريو"، لأن ذلك يشكل خطرا على المنطقة ككل، عكس ما يمكن تصوره من أن التهديد سيلحق بالمغرب فقط، خصوصا أن الجبهة يتم استغلالها من طرف التنظيمات الإرهابية نظرا لتقاطع مصالحهما، يضيف المتحدث. كما أن المركز الدولي للدراسات حول الإرهاب، أصدر سنة 2011، تقريرا يميط اللثام عن مستوى التهديد الإرهابي في منطقة الصحراء، وحذر من المخاطر الكامنة وراء التستر على الإرهابيين في تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" الذي يكثر نشاطه في المنطقة، مستفيدا –كما أورد التقرير- من علاقاته الوطيدة مع جبهة "البوليساريو" التي تقيم علاقات أيضا مع عصابات أمريكا اللاتينية النشيطة في التهريب الدولي للمخدرات. ومما جاء في التقرير بعنوان "الإرهاب في شمال إفريقيا، من 11 شتنبر إلى الربيع العربي"، أن تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" وجبهة "البوليساريو" فتحا علاقات مع عصابات بأمريكا اللاتينية لتبادل المخدرات والسلاح وتهريب عناصر إرهابية إلى أوروبا، داعيا إلى ضرورة إعطاء الأولوية لإغلاق مخيمات تندوف التي تساعد في تغذية نشاط الإرهابيين. يبدو إذن أن كل هذه التقارير والمعلومات الاستخباراتية بدأت تحرك أكثر فأكثر البرلمان الأوروبي لدراسة قرار جدي للحد من النشاط الإرهابي في منطقة الساحل خاصة عبر تصنيف جبهة البوليساريو في خانة الإرهاب ما يعني أن النظام الجزائري سيواجه تهمة "رعاية الإرهاب".