دقت دراسة علمية ناقوس الخطر بشأن تعرض الأطفال المغاربة لخطر الإصابة بمادة الرصاص الموجود في التوابل، وكشفت أن "ما يقارب 1,8 مليون طفل مغربي يعانون من ارتفاع نسبة الرصاص في دمهم"، ففي الوقت الذي رفضت فيه وزارة الصحة الحديث عن الموضوع، ساق المكتب الوطني لسلامة المنتجات الغذائية "أونسا" مجموعة من التفسيرات التي ترى في الدراسة "مبالغة" بشأن المغرب. يعتبر تلوث الدم بالرصاص مصدر قلق كبير ودائم لمنظمة الصحة العالمية، إذ أن وجود هذا المعدن الثقيل في عينات من الخرقوم أو الكركم والزعفران والفلفل الحلو والقرفة يثير قلق السلطات الصحية المحلية، إذ أن ابتلاع هذا السم من قبل الأطفال له عواقب وخيمة، وهناك اليوم ما يقرب من 1.8 مليون طفل في المغرب لديهم مستوى مرتفع جدا. وكانت أول دراسة لفتت الانتباه إلى وجود مادة الرصاص في التوابل، نشرت في مجلة إدارة الصحة العامة، وتم تضمينها في تقرير اليونيسف، "الحقيقة السامة ، وتحدثت عن ارتفاع مستوى الرصاص في التوابل. وهي الدراسة التي كشفت وجود نسب عالية للرصاص في هذه المكونات الغذائية في دول مثل المغرب وبنغلاديش وباكستان وجورجيا ونيبال، لكن نتائج هذه الدراسة العلمية بقيت مصدر تشكيك من طرف السلطات الصحية المغربية. عواقب وخيمة على الأطفال يتسبب الرصاص، وهو سم عصبي قوي، في أضرار لأدمغة الأطفال، ما ينجم عليه التخلف العقلي والصرع والغيبوبة المتكررة، ويمكن أن تكون عواقب ابتلاعه خطيرة للغاية وتؤدي إلى الوفاة في الحالات الأكثر خطورة. "ويقول نيكولاس ريس ، مؤلف الدراسة إن الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 5 سنوات هم الأشخاص الأكثر عرضة لخطر الإصابة بأضرار عصبية وإدراكية وجسدية لا رجعة فيها"، لذلك يجب أن يؤخذ التسمم بالرصاص عند الأطفال على محمل الجد، خاصة وأن علماء السموم اليوم يعتقدون أنه لا يوجد حد أدنى يمكن اعتبار هذا المعدن الثقيل أقل منه. وتحذر منظمة الصحة العالمية من المخاطر التي يتعرض لها الأطفال الصغار: مضاعفات النمو المعرفي، وانخفاض معدل الذكاء، وانخفاض مدى الانتباه، والسلوك الخطير في مرحلة البلوغ. وتضيف "هم أيضا أكثر عرضة للموت من التسمم". وفشل موقع "تيلكيل" في الحصول على رد من وزارة الصحة بشأن هذه الدراسة، إذ رفضت وزارة الصحة التعليق، خاصة توضيح مسألة أن ما يقرب من 1.8 مليون طفل في المغرب مصابون بمستويات مرتفعة للرصاص في الدم، وهو الرقم الذي كشفه معهد IHME معهد الصحة والمقاييس. تسلط اليونيسف "منظمة الأممالمتحدة لرعاية الطفولة"، الضوء على ثلاثة أسباب محتملة لوجود المعادن الثقيلة في التوابل: جني المحاصيل الزراعية بالقرب من مصانع البطاريات أو المناجم التي يمكن أن تلوث التربة؛ بعض الأصباغ (خاصة كرومات الرصاص الذي يجعل الكركم أكثر اصفرارا) والمواد المضافة الأخرى التي تحتوي على الرصاص؛ والأخطر من ذلك، أنه من الممكن أن يتم إضافة هذا المعدن عمدا، في بعض الحالات، لتثقل المنتجات المباعة بالغرام. ل"أونسا" رأي آخر يعرض التقرير الصادر عن اليونيسف وشركة Pure Earth المخاطر التي يواجهها الأطفال من التعرض للرصاص من مصادر متعددة، بما في ذلك إعادة تدوير البطاريات، والنفايات الإلكترونية. ويستند هذا التقرير إلى عدة دراسات ، بما في ذلك دراسة أجرتها إدارة الصحة والنظافة في مدينة نيويورك، حول مستوى الرصاص في التوابل. توضح خديجة عارف، رئيس قسم المراقبة على المنتجات النباتية في "أونسا"، أن هذه الدراسة لاحظت أن النتائج كانت لها عدة قيود، إذ أدى عدم وجود ملصقات على المنتجات إلى عدم اليقين في البيانات بسبب الأخطاء المحتملة في الإعلان عن أسماء ومنشأ التوابل. إذ أنه من بين 1496 عينة من التوابل المأخوذة، يقال إن 21 عينة جاءت من المغرب (1.4 في المائة من إجمالي العينات التي تم تحليلها). 48 في المائة، أو 10 عينات، كانت ستقدم محتوى أكبر من جزء في المليون وفقًا لنفس الدراسة ". ويشير التقرير الأولي لمجلة إدارة الصحة العامة وممارساتها إلى أنه في الواقع، بين عامي 2008 و 2017، من بين 21 عينة توابل تم جمعها في المغرب، 67 في المائة لديها مستويات أعلى من الرصاص من المستوى الطبيعي. ويصر المكتب الوطني للسلامة الصحية على تعزيز الإجراءات الأمنية منذ نشر تقرير اليونيسف، "بعد نشر هذا التقرير، أجرى المكتب تحقيقات معملية تتعلق بعينات من التوابل المباعة في السوق الوطني" تشرح خديجة عارف. وتضيف: "كشفت التحليلات التي أجريت عن مطابقة البهارات المغربية لمعايير سلامة الغذاء. أما فيما يتعلق بالرصاص، أظهرت العينات التي تم تحليلها في معمل معتمد أن مستويات الرصاص تقل بوضوح عن الحد المرجعي المذكور في الدراسة". توضح عارف أن مراقبة التوابل في المغرب تتم على مستويين، الأول على مستوى المراقبة عند الاستيراد ثم على مستوى السوق المحلي، إذ عند الاستيراد، تخضع التوابل لثلاثة ضوابط، وهي التحكم الوثائقي والمادي ثم التحليلي. ووفق المصدر ذاته ذاته، فإنه على المستوى المحلي، هناك 137 شركة متخصصة في إعداد وتعبئة التوابل، وهي كلها حاصلة على ترخيص من قبل "أونسا"، وتسترسل عارف موضحة أنه "أثناء مراقبة التوابل عند الاستيراد وفي السوق المحلية، يتم تحليل العينات بانتظام في المختبرات الرسمية بحثًا عن الملوثات". تيل كيل.