وليد الركراكي: المباراة أمام الغابون ستكون "مفتوحة وهجومية"    توقعات أحوال الطقس اليوم الجمعة    صحيفة إيطالية: المغرب فرض نفسه كفاعل رئيسي في إفريقيا بفضل "موثوقيته" و"تأثيره"    عامل إقليم الجديدة يزور جماعة أزمور للاطلاع على الملفات العالقة    بوريطة: المغرب شريك استراتيجي لأوروبا .. والموقف ثابت من قضية فلسطين    مثل الهواتف والتلفزيونات.. المقلاة الهوائية "جاسوس" بالمنزل    السفيرة بنيعيش: المغرب عبأ جهازا لوجستيا مهما تضامنا مع الشعب الإسباني على خلفية الفيضانات    المنتخب المغربي يفوز على نظيره المصري في التصفيات المؤهلة لكأس أمام أفريقيا للشباب    إقصائيات كأس أمم إفريقيا 2025 (الجولة 5).. الغابون تحسم التأهل قبل مواجهة المغرب    اشتباكات بين الجمهور الفرنسي والاسرائيلي في مدرجات ملعب فرنسا الدولي أثناء مباراة المنتخبين    الحسيمة : ملتقي المقاولة يناقش الانتقال الرقمي والسياحة المستدامة (الفيديو)    تعيين مدير جديد للمدرسة الوطنية للهندسة المعمارية بتطوان    مقاييس التساقطات المطرية خلال 24 ساعة.. وتوقع هبات رياح قوية مع تطاير للغبار    بحضور التازي وشلبي ومورو.. إطلاق مشاريع تنموية واعدة بإقليم وزان    عنصر غذائي هام لتحسين مقاومة الأنسولين .. تعرف عليه!    الأرصاد الجوية تحذر من هبات رياح قوية مع تطاير للغبار مرتقبة اليوم وغدا بعدد من الأقاليم    وزيرة الاقتصاد والمالية تقول إن الحكومة واجهت عدة أزمات بعمل استباقي خفف من وطأة غلاء الأسعار    المنتخب المغربي الأولمبي يواجه كوت ديفوار وديا في أبيدجان استعدادا للاستحقاقات المقبلة    الدرك الملكي بتارجيست يضبط سيارة محملة ب130 كيلوغرامًا من مخدر الشيرا    لمدة 10 سنوات... المغرب يسعى لتوريد 7.5 ملايين طن من الكبريت من قطر    أزمة انقطاع الأدوية تثير تساؤلات حول السياسات الصحية بالمغرب    هل يستغني "الفيفا" عن تقنية "الفار" قريباً؟    مصرع شخص وإصابة اثنين في حادث انقلاب سيارة بأزيلال    بتهمة اختلاس أموال البرلمان الأوروبي.. مارين لوبان تواجه عقوبة السجن في فرنسا    بعد ورود اسمه ضمن لائحة المتغيبين عن جلسة للبرلمان .. مضيان يوضح    الارتفاع ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    ‬المنافسة ‬وضيق ‬التنفس ‬الديموقراطي    حوالي 5 مليون مغربي مصابون بالسكري أو في مرحلة ما قبل الإصابة    الجمعية الوطنية للإعلام والناشرين تسلم "بطاقة الملاعب" للصحافيين المهنيين    ألغاز وظواهر في معرض هاروان ريد ببروكسيل    الحكومة تعلن استيراد 20 ألف طن من اللحوم الحمراء المجمدة    صيدليات المغرب تكشف عن السكري    ملتقى الزجل والفنون التراثية يحتفي بالتراث المغربي بطنجة    الروائي والمسرحي عبد الإله السماع في إصدار جديد    خلال 24 ساعة .. هذه كمية التساقطات المسجلة بجهة طنجة    الإعلان عن العروض المنتقاة للمشاركة في المسابقة الرسمية للمهرجان الوطني للمسرح    نشرة إنذارية.. هبات رياح قوية مع تطاير للغبار مرتقبة اليوم الخميس وغدا الجمعة بعدد من أقاليم المملكة    معدل الإصابة بمرض السكري تضاعف خلال السنوات الثلاثين الماضية (دراسة)    تمديد آجال إيداع ملفات الترشيح للاستفادة من دعم الجولات المسرحية    مركز إفريقي يوصي باعتماد "بي سي آر" مغربي الصنع للكشف عن جدري القردة    الاحتيال وسوء استخدام السلطة يقودان رئيس اتحاد الكرة في جنوب إفريقا للاعتقال    حفل توزيع جوائز صنّاع الترفيه "JOY AWARDS" يستعد للإحتفاء بنجوم السينماوالموسيقى والرياضة من قلب الرياض    أسعار النفط تنخفض بضغط من توقعات ارتفاع الإنتاج وضعف الطلب    عواصف جديدة في إسبانيا تتسبب في إغلاق المدارس وتعليق رحلات القطارات بعد فيضانات مدمرة    "هيومن رايتس ووتش": التهجير القسري الممنهج بغزة يرقي لتطهير عرقي    إسرائيل تقصف مناطق يسيطر عليها حزب الله في بيروت وجنوب لبنان لليوم الثالث    الدولة الفلسطينية وشلَل المنظومة الدولية    هذه أسعار أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    غينيا الاستوائية والكوت ديفوار يتأهلان إلى نهائيات "كان المغرب 2025"    ترامب يعين ماركو روبيو في منصب وزير الخارجية الأمريكي    غارة جديدة تطال الضاحية الجنوبية لبيروت    أكاديمية المملكة تفكر في تحسين "الترجمة الآلية" بالخبرات البشرية والتقنية    الناقد المغربي عبدالله الشيخ يفوز بجائزة الشارقة للبحث النقدي التشكيلي    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    جرافات الهدم تطال مقابر أسرة محمد علي باشا في مصر القديمة    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأطفال وكورونا.. ماذا أعدت الدولة لملايين الأطفال ؟
نشر في أريفينو يوم 29 - 07 - 2020

مع بداية تطبيق الحجر الصحي حول العالم، أطلقت منظمة "يونيسف" صرخة بعنوان: "من شأن العمل العاجل الذي نتخذه ايوم أن يمنع تفاقم جائحة (كوفيد-19) إلى أزمة مستدامة للأطفال، وخاصة أشدهم ضعفاً". في بعض الدول سمع صداها، والتفت ساستها لمن سيصنعون مستقبل بلدانهم، بإطلاق برامج وخطط دعم لمن هم دون سن ال18، وفي دول أخرى يكاد يكون الطفل مغيباً تماماً من خطط التعافي من تداعيات فيروس "كورونا" المستجد، خاصة منها التداعيات النفسية والاجتماعية. في المغرب، منح الأطفال حلا وحيداً إلى حدود الساعة، هدفه مواجهة انقطاعهم عن الدروس الحضورية، غير ذلك، لم نسمع ولو بمبادرة لفائدة ثلث سكان المغرب، أي 32,2 في المائة من أصل قرابة 33 مليون مغربي.
معطيات تفيد بوضع خطة استدراكية لتعويض الأطفال المغاربة عن شهور الحجر الصحي، خطة أصدر بشأنها وزير الصحة خالد آيت الطالب دورية وزارية، وهدفها، تعويض الأطفال المغاربة عن شهور الحجر الصحي، وإعدادهم نفسيا واجتماعياً للدخول الدراسي القادم. خطة قبل الخوض في تفاصيلها، وجب، الوقوف على تدعايات تجاهل كل المؤسسات لهذه الفئة من المجتمع، سواء حين تطبيق إجراءات الحجر الصحي، أو بعد تنزيل خطط تخفيفها على مراحلها الثلاث.
الطفل في المغرب..
"المهنة تلميذ"
آلاف الأسر المغربية لن تستطيع تأمين مصاريف السفر خلال هذا الصيف ومعها ملايين الأطفال المغاربة، جلهم يعيشون في أحياء تنعدم فيها فضاءات الترفيه، وحتى إن وجدت، فإنها تظل مقفلة بقرار رسمي، ولا متنفس أمامهم غير الأزقة والشوارع وبعض الحدائق العمومية التي تستقطب الأسر للتخفيف من حر الصيف، أو مياه البحر التي يعتبر الوصول إليها في مدن كثيرة ترفاً، أو مغامرة بسبب الإقبال الكثيف عليها.
سعاد الطوسي، مديرة مؤسسة "الطاهر السبتي"، التي تهتم بإدماج الأطفال في وضعية صعبة وخاصة في التعليم والتكوين، ومهتمة بقضايا الطفولة، قالت في تصريح : "ببساطة جدا، أعتبر أن فترة الحجر الصحي بسبب تفشي جائحة فيروس (كورونا) المستجد، وما خلفته، كانت هي المؤشر الحقيقي، لمعرفة كيف نتعامل في المغرب مع الإنسان، وكيف نتعامل في سياساتنا مع الفرد، وعندما نتكلم عن الفرد، نتحدث عنه باختلاف سنه وجنسه".
وأضافت الطاوسي: "بحكم المهنة والتتبع والاهتمام بقضايا الطفولة طيلة سنوات، أؤكد أنه عندنا تغييب حقيقي في المغرب للطفل ككائن كامل الحقوق، بل ضربنا في الصميم حاجياته خلال هذه الفترة، التي يستهين بها صناع القرار في المغرب، ولكنها سوف تؤثر على جيل بأكمله".
رئيس الجمعية المغربية لتربية الشبيبة "AMEJ" محمد الصبر، شدد بدوره في حديثه ل"تيكيل عربي" على أنه "لا أحد يجادل في الآثار السلبية لهذا الوباء الذي عم بلاد المعمور، إذ لم تعد تداعياته تشمل ما هو جسدي فحسب، بل انسحب تأثيرها على الوضعية النفسية للجميع من جراء فرض السلطات المختصة لحجر صحي في المنازل . كما لا نحتاج في هذا السياق أن نقول إنه في ظل إعلان حالة الطوارئ الصحية، تأثرت وضعية الأطفال المغاربة صحيا ونفسيا واجتماعياً إلى كبير"
سعاد الطوسي أشارت إلى أننا "تعاملنا مع الطفل خلال الحجر الصحي وكأن مهنته تلميذ فقط". وأوضحت: "كل مؤسسات الدولة فكرت فقط في إطلاق التعليم عن بعد، وهو بدوره فيه نقاش". وتابعت تحليلها بالقول: "أنماط التعلم والتعليم تختلف من طفل لآخر، في التعليم عن بعد الذي اعتمده المغرب تم التركيز على الأطفال الذين يستفيدون من نمط التعلم والتعليم السمعي وقليلا البصري، لكن الآخرين الذين يرتبط عندهم التعلم والتعليم باللمس والحركية والتجربة الواقعية، تم إقصاؤهم، وهؤلاء يشكلون نسبة الثلث من خلال التجربة".
وأضافت سعاد الطاوسي أن " تتبع دروس الأطفال عن بعد، من خلال التجربة، تمت في حالات عدة بالعنف الجسدي والنفسي واللفظي، بل والعنف الرقمي أيضاً، لأن الأطفال تركوا عرضة للمحتوى الرقمي بدون أي مراقبة أو ضبط، ونسبة قليلة من الأسر انتبهت لما يستقبله الأطفال من منتوج يبث لهم على مدار الساعة يوميا، وهم يعتقدون يومياً أنهم يستهلكون دروس التعليم عن بعد فقط".
وعبرت المتحدثة ذاتها عن تخوفها من "ضعف بنية الاستقبال النفسي والبيداغوجي والاجتماعي خلال الدخول المدرسي القادم"، وتوقعت أن "تظهر انعكاسات عنيفة، قد تصل حد إيذاء الأطفال لأنفسهم أو بعضهم البعض خلال الأشهر الأولى من الدراسة الحضورية".
هذا التخوف، يطرح جملة من الأسئلة، أبرزها، هل أعدت وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي لخطة استباقية بشأن الدخول الدراسي القادم؟ وهل سيكون دخول حضوريا أم سيستمر التعليم عن بعد؟
دخول دراسي قيد الدراسة
كشف مصدر حكومي موثوق أن "وزارة التعليم تشتغل منذ نهاية الدورة العادية لامتحانات البكالوريا على سيناريوهين، أولهما دخول مدرسي عادي إذا انحصر الفيروس ولم يتفش في المغرب، والثاني فرضية فرض حجر صحي واستمرار تعليق الدروس الحضورية بجميع المؤسسات التعليمية والجامعية ومراكز التكوين المهني".
وكشف المصدر ذاته، أن "الوزارة راسلت الأكاديميات من أجل البدء في إعداد محتويات دروس التعليم عن بعد للموسم الدراسي القادم، والتي بدأ الإعداد لمضامينها منذ أكثر من أسبوعين، على أن تكون جاهزة قبل الدخول المدرسي القادم".
وأوضح مصدر أن "تقارير أطر الوزارة بشأن مضامين التعليم عن بعد رفعت، ويتم الاشتغال عليها من أجل تجويد العملية، في انتظار تعزيزها بتقرير المفتشية العامة المكلفة بالشؤون التربوية، والتي تشغل على مضمون عملية التعليم عن بعد برمتها".
مصدر كشف أيضاً، أن "الوزارة وبتوجيه من رئاسة الحكومة، بصدد إعداد خطة لم يتم إنهاؤها بعد، تهم التحضير للدخول الدراسي القادم على جميع المستويات، وليس فقط في ما يتعلق بمحتويات التعليم عن بعد".
سعاد الطوسي اعتبرت من وجهة نظرها، أنه لا بديل خلال الموسم الدراسي القادم، غير "تكوين فريق عمل للخروج بوصفة تدمج ما بين ما ضاع خلال الموسم الدراسي المنصرم بسبب الجائحة، وبين ما سوف يلقن للتلميذات والتلاميذ خلال الموسم الدراسي القادم"، وعبرت في السياق ذاته على أن المؤسسة التي تديرها، قررت أن تدمج أهداف سنتين في سنة، ومن وجهة نظرها، "هذا هو الحل الوحيد".
"كيف سيتم استقبال أطفال ظلوا سجناء من شهر مارس إلى غشت"، تتساءل سعاد الطوسي، التي عابت على وزارة التعليم ما وصفته ب "غياب رؤية معلنة إلى حدود اليوم بخصوص كيف سيكون الدخول المدرسي القادم في ظل استمرار الجائحة".
انعدام البديل !
200 ألف طفلة وطفل كانوا يستفيدون من برنامج "عطلة للجميع" سنوياً، لكن بسبب الجائحة، ألغي تنظيم المخيمات الصيفية ، و71,5 في المائة من الأسر المغربية، حسب تقرير للمندوبية السامية للتخطيط، لا تعتزم السفر خلال هذا الصيف، واقع سوف يؤثر بشكل مباشر على الأطفال داخل الأسر.
رئيس الجمعية المغربية لتربية الشبيبة "AMEJ" محمد الصبر، شدد في تصريح على أن "الطفولة معرضة أكثر من غيرها لمختلف التأثيرات النفسية، وكل ما يتعلق بصحتهم ونموهم ووجودهم اليومي المفعم بالحياة، بالنظر لطبيعة عمرها وما تتميز به من حركية".
ولذلك، يضيف المتحدث ذاته، "كان على الحكومة أن تقدم بدائل تنشيطية، و للأسف إلى غاية الساعة، لم تقدم سوى موقع إلكتروني حول الطفولة و التراث، ووعود قدمت بالبرلمان لم تخرج للوجود. نلتمس النظر في وضعية أطفالنا، والتفكير في سبل التنشيط والترويح عن هذه الفئة".
في هذا السياق، قدمت مديرة مؤسسة "الطاهر السبتي" وصفاً قاسياً إلى حد ما، وعبرت عنه بالقول: "قمنا بإجراءات تخفيف الحجر الصحي ومرة أخرى بدون الأخذ بعين الاعتبار الأطفال. سأقولها وإن كانت قاسية، تعاملنا مع الأطفال مثل قطيع أدخلناه كرها إلى أماكن مغلقة للنوم والأكل وقضاء الحاجة فقط، وسوف أقفز هنا عن التعليم عن بعد، لأنني قدمت ملاحظات بشأنه. بعد رفع الحجر الصحي، لم نوفر لهم مواكبة نفسية واجتماعية للتخلص من انعكاسات هذه المرحلة".
لكن ما هو دور المجتمع المدني الذي ستفيد لسنوات من دعم الدولة والجهات المناحة لصالح الطفولة؟
السؤال يجيب عنه رئيس الجمعية المغربية لتربية الشبيبة "AMEJ" بالقول: " المجتمع المدني كان فاعلا طيلة الحجر الصحي بتنظيم أنشطة عن بعد و حملات تحسيسية… و من مهامه المرافعة".
هل قام بدور المرافع قصد تنزيل برامج تنشيطية بديلة لصالح الأطفال؟
يقول الصبر مجيباً: "ترافعنا بأن أولى الإجراءات التي يمكن لوزارة الثقافة والشباب والرياضة القيام بها، هي تنظيم مخيمات القرب الحضري بدون سفر وبدون مبيت بفضاءات الوزارة، واستغلال ملاعب القرب والمدارس، بالإضافة إلى تنظيم أنشطة رياضية بالشواطئ وقوافل تنشيطية بالقرى المغربية، لأن أطفال القرى للأسف يحتاجون الاهتمام الأكبر في هذا الوقت بالذات. كل هذه الأنشطة يمكن أن تنظم في احترام تام للبروتوكول الصحي ولما لا القيام باختبارات (كورونا) للأطر التربوية المهتمة. ولتحقيق ذلك لابد من خطة متكاملة تتدخل فيها كل القطاعات الوزارية المعنية بقضايا الطفولة والسلطات والمنتخبين وكل الفاعلين في المجتمع المدني العاملين في مجال الطفولة".
سعاد الطوسي عابت بدورها، استمرار إغلاق دور الشباب ومعاهد الموسيقى والمسرح، ومنع المخيمات الصيفية، المتنفس الوحيد لشريحة كبيرة من المجتمع، التي لا تستطيع السفر لقضاء العطلة أو الاستفادة من الأنشطة. واقترحت في هذا الصدد، أنه كان من الممكن تنظيم مخيمات في 6 أيام عوض 12 يوماً مثلا، وخفض الطاقة الاستعابية للمخيمات عوض إغلاقها بشكل تام.
وأضافت: "الحكومة والقائمين على المؤسسات الدستورية يتناسون تفعيل المصلحة الفضلى للطفل المنصوص عليها في الدستور، بل حتى في الإشهارات والوصلات التحسيسية بخصوص (كورونا)، تم إقحام الطفل في مواضيع أكبر منه".
وتابعت المتحدثة ذاتها: "هناك غياب خطير وتام للطفل في التلفاز والراديو. منتوج الإعلام العمومي في ظل استمرار الجائحة، استمر في تقديم منتوج للكل الفئات بدون تمييز في سياق الوضع الاستثنائي الذي يمر منه العالم وليس المغرب فقط، واستمر الطفل المغربي في استهلاك مسلسلات تنسف نشأته الاجتماعية السليمة، وبرامج تقحمه في مواضيع لا يجب أن يستهلكها".
خطة بديلة متكاملة تتدخل فيها كل القطاعات الوزارية. هل تتوفر الدولة عليها لصالح الأطفال؟ سؤال نجيب عنه من خلال معطيات حصرية حصل عليها، سوف تستهدف استدراك ما غاب لصالح أطفال المغرب.
خطة استدراكية لصالح الطفولة
في سياق بحثه في هذا الملف، حصلنا على تفاصيل خطة يمكن وصفها بالاستدراكية لصالح الأطفال المغاربة، سوف يتم الإعلان عنها رسمياً خلال الأيام القادمة.
الخطة تضمنها دورية أصدرها وزير الصحة خالد آيت الطالب، وأكد مضمونها سعيد عفيف رئيس التجمع النقابي للأطباء الأخصائيين بالقطاع الخاص بالمغرب، في تصريح .
وقال الأخير: "فعلاً هناك دورية للوزير، قصد تشكيل لجنة يقظة، تضم أطباء أطفال في مختلف التخصصات".
وأضاف المتحدث ذاتها بشأن الخطة: "أنا شخصيا تواصلت مع الوزير سعيد أمزازي، بعد موافقة وزير الصحة على المقترح الذي صاغته فعاليات وأطر صحية، من أجل مدنا بالأطر التربوية، ونفس الشيء طلبناه من وزير الثقافة والشباب والرياضة والجامعة الوطنية للتخييم".
سألنا رئيس التجمع النقابي للأطباء الأخصائيين بالقطاع الخاص بالمغرب، حول تفاصيل أكثر بخصوص الخطة، وأجاب عن التساؤلات بالقول: "أعددنا ورقة عمل سوف يتم الانتهاء منها خلال الأيام القادمة. طرحنا سؤالا جوهريا وهو: لا نعرف كيف سيعود الأطفال إلى المدراس خلال الموسم الدراسي القادم؟ لذلك وجب التحضير له".
وأضاف: "تمت الموافقة على تخصيص أسبوعين خلال شهر غشت لتنظيم تجمعات تحترم البروتوكل الصحي، وسوف نتابع خلالها الأطفال الذين لهم مشاكل نفسية وصحية ونعيدهم إلى دائرة الحياة الطبيعية".
وأكد المتحدث ذاته، على وجود "تجاوب من طرف وزير الصحة ووزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، واللذين قدما أطراً للسهر على تنزيل هذه الخطة، في انتظار ما سوف يقدمه وزير الثقافة والشاب والرياضة والجامعة الوطنية للتخييم".
وأشار الدكتور سعيد عفيف إلى أن التجمع النقابي للأطباء الأخصائيين بالقطاع الخاص بالمغرب، "دق ناقوس الخطر منذ مدة بخصوص الأطفال ووضعهم النفسي والصحي والاجتماعي بسبب الجائحة".
وتابع أن "التجمع" اقترح تعبئة كافة الإمكانيات العمومية والخصوصية ل"ضمان إجراء التحليلات الخاصة بالكشف عن فيروس (كورونا) المستجد للأطر التي سوف تتكلف بتأطير الأطفال، قبل إنشاء الأقسام داخل المؤسسات التعليمية التي سوف تكون بنية استقبال لهذه الخطة".
هذه المبادرة هل ستشمل المغرب ككل؟ يجب الدكتور عفيف: "مع الجامعة الوطنية للتخييم ووزارة الثقافة والشباب والرياضة، يمكن أن نغطي المغرب ككل، بالنظر إلى ما يتوفرون عليه من الأطر تربوية، والأكيد أننا سوف نبدأ بجهات معينة".
ماذا يحتاج الطفل؟
بلغة بسيطة ومباشرة، قالت عاطف فاطمة الزهراء 12 سنة: "الحجر الصحي كان صعباً من ناحية الابتعاد عن العائلة والأصدقاء والغياب عن المدرسة. كنت أقضي معظم الوقت داخل البيت في لعب الشطرنج مع أفراد الأسرة. لكن بعد الحجر تأكدنا أننا محرومون من السفر. كنا نسافر إلى شمال المغرب خاصة مارتيل وتطوان، وكنت أعود سعيدة ونشطة من الرحلة. وبالنسبة للتعليم عن بعد، أنا أعتبرها تجربة مميزة لأننا أول جيل يعيش هذه الظروف". تقول الطفلة حرفياً.
بدوره، زياد ضريف، طفل في ال 11 من عمره، عبر عن فترة الحجر الصحي وما بعدها بالقول: "كان صعبا جدا من الناحية النفسية، لكن تأقلمت مع الوضع. ساعدتني أسرتي في التعليم عن بعد، وتعلمت الالتزام بالوقاية الصحية ارتداء الكمامة. تأقلمت مع الحجر الصحي من خلال القيام بأنشطة مثل الرسم وتصوير فيديوهات ورياضة الكارتي. لكن أنا ومثل الأطفال في سني نعاني من غياب فضاءات الترفيه في الحي حيث أقطن".
تبعات صحية ونفسية
الغضب، الصراخ، التبول اللاإرادي، الاكتئاب، الرهاب والخوف (خاصة عند الذين فقدوا أحد أفراد العائلة سواء بسبب "كورونا")، أمراض رصدها الأطباء بعد رفع الحجر الصحي تدريجيا في المغرب حسب تصريح سعيد عفيف رئيس التجمع النقابي للأطباء الأخصائيين بالقطاع الخاص بالمغرب. وشدد المتحدث ذاته، على ضرورة "إبعاد الأطفال خلال هذه الفترة من إدخالهم في نقاشات صحية أكبر من سنهم".
مديرة مؤسسة "الطاهر السبتي" والمهتمة بمجال الطفولة سعاد الطوشي، شددت بدورها على أن "المستقبل رهين بالطفولة. والأمراض التي سوف نسبب لهؤلاء على المستوى النفسي بسبب ما رفق تدبير الجائحة خطيرة جداً. نتكلم عن العنف الموجه للنساء باستمرار، ولكن وكأننا نطبع مع العنف الذي عان منه الأطفال بالسكوت عنه طيلة الحجر الصحي، وكأنه أمر عاد ومقبول، ولم يكن أي اشتغال عليه".
وأشارت الطوسي إلى أن ما يفاق الوضع، هو أن "عدد الأطباء المتخصصين في الصحة النفسية للأطفال لا يتجاوز ال 30 في المغرب".
فئة من الطفولة مغيبة تماماً !
إن كان الحديث في ما سبق عن وضع نفسي واجتماعي وصحي لأطفال يعانون رغم تواجدهم بين أحضان أسرهم، فهناك فئة مغيبة تماماً عن كل هذا.
عبد الغني الحاسيب مرافق اجتماعي بالإسعاف الاجتماعي المتنقل الدار البيضاء (يشتغل مع جميع الفئات في وضعية الشارع من بينهم الأطفال)، قال في حديثه إنه "بعد تخفيف الحجر الصحي أقفلت عدد من مراكز الإيواء المؤقتة، والتي كانت بنية استقبال لاستقرار الشباب والنساء، وإلى حد ما الأطفال".
وأضاف: "للأسف هذه المراكز لم توفر الاستقرار للأطفال، لأنها لم تكن تتوفر على أطر تربوية، والجمعيات التي كلفت بها لم تأت بمن يؤطر هذه الفئة، لذلك كانوا يفرون باستمرار".
الحاسب رأى من وجهة نظره وعمله الميداني اليومي، أن "عامل المواكبة النفسية للأطفال في وضعية الشارع كان ضعيفا جداً. بالإضافة إلى قلة مراكز إيوائهم، حيث في مدينة مثل الدار البيضاء كان هناك مركز واحد على مستوى عمالة آنفا، وفي الفداء درب السلطان مركزين واحد مشترك والآخر خاص بالأطفال، بالإضافة لمراكز الجمعيات التي تشتغل بشكل مستمر مع هذه الفئة وهي قليلة جداً".
وكشف المتحدث ذاته، أنه "بعد إغلاق المراكز المؤقتة، عاد الأطفال في وضعية الشارع إلى الأماكن الاعتيادبة لمقامهم في الشارع"، وصرح في المقابل: "كان هناك بصيص من الأمل بفضل "الإسعاف الاجتماعي المتنقل"، خاصة من خلال التوجيه المباشر بالعودة إلى الأسر، وبذل مجهود كبير لإعادة الأطفال إلى منازلهم بمساعدة من السلطات، ليس فقط في الدار البيضاء، بل لمدن مثل فاس ومراكش وسلا والقنيطرة".
وشدد الحاسب على أن "الأطفال هم الحلقة الأضعف خلال الحجر الصحي، فما بالك بالأطفال في وضيعة الشارع، وهم الأكثر عرضة للإصابة بالوباء، وسوف تجدهم اليوم بأعداد كبيرة في مناطق آنفا والفداء والصخور السوداء وقرب محطة القطار (الدار البيضاء – الميناء)".
"طبيعة الطفل أنه حركي ومتطلب، والأخطر في هذه الفئة غالبيتها مدمنة، كان عندهم تخوف في الأول من الوباء، لذلك لجؤوا لمراكز الإيواء، وقبل عدد منهم العودة للأسر، ولكن العدد الأكبر عاد للشارع بعد تخفيف الحجر الصحي، وهم اليوم عرضة أكثر من أي وقت مضى للهشاشة والتهميش والعنف التفكك والاستغلال الاجتماعي والاقتصادي والجنسي". يقول المساعد الاجتماعي عبد الغني الحاسيب.
وعن الوضع الصحي لهذه الشريحة من المجتمع انطلاقا من اشتغاله معها بشكل يومي عن قرب، حذر المتحدث ذاته من أنه "إذا أصيب أحد هؤلاء الأطفال بالفيروس، سوف ينتقل بسرعة رهيبة في ما بينهم. تخيل أن 50 شخصاً ثلثهم أطفال في (خربة)، مكان ضيق مغلق بدون أي تباعد أو مواد للتنظيف، إذا أصيب واحد منهم ستقع كارثة صحية، خاصة أنهم يتحركون طيلة اليوم في أكثر من مكان داخل مدينة الدار البيضاء بدون أي ضبط".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.