عادت التساقطات المطرية والثلجية لتحاصر ضحايا زلزال الحوز داخل خيامهم البلاستيكية، وتفاقم من معاناتهم الممتدة على مدى سنة ونصف، وسط استنكار لإهمال المسؤولين وتنديد بإخلاف الوعود. وتناقلت مواقع التواصل الاجتماعي صورا ومقاطع تنقل جانبا من صرخات الضحايا التي تناشد وقف هذه المعاناة، وتشكو الضرر البليغ في ظل التأخر الكبير الحاصل في برنامج إعادة تأهيل القرى المدمرة، وحرمان الكثير من الأسر من الدعم المخصص لإعادة بناء مساكنهم التي دكها الزلزال.
وتكشف المقاطع كيف يواجه الضحايا البرد القارس بملابس لا تقي القر ولا تحمي من البلل، بلا غطاء ولا فراش كاف لهم ولأبنائهم، يحاولون سد ثقوب خيامهم البلاستيكية لمنع تسرب الماء. ونقل الائتلاف المدني من أجل الحبل، جانبا من هذه المعاناة، وانتقد بطء الإعمار رغم قسوة الشتاء، وخاطب من بيدهم زمام الأمور، وأصحاب القرار السياسي قائلا "هل تصلكم صور الخيام المتجمدة وسط الثلوج؟ هل تصلكم صرخات الأهالي في جبال الأطلس، أولئك الذين فقدوا بيوتهم في الزلزال ولا يزالون يكافحون بردًا أشد قسوة من الهزات التي دمرت مساكنهم؟". وساءل الائتلاف المسؤولين "ما الذي يؤخركم؟ أين اختفت الوعود التي قُطعت يوم كان الزلزال في واجهة الأخبار؟ ماذا تبقى من "واجب الدولة" إن لم يكن تأمين حياة كريمة لمواطنيها؟ كيف يفسَّر هذا البطء القاتل في إعادة الإعمار، وهذا التجاهل لساكنة جبلية تقاوم من أجل البقاء؟". ودعا الائتلاف على صفحته ب"فيسبوك" المواطنين الذي سارعوا خلال الساعات الأولى لإظهار التضامن مع المنكوبين، إلى تجديد تضامنهم، وألا يتركوا إخوانهم في الحوز وحدهم في العراء، وألا تتحول مأساتهم إلى خبر قديم دون محاسبة المسؤولين عن هذه الكارثة المستمرة. واعتبر الائتلاف أن هذه اللحظة هي محكّ للضمير الجمعي، ولحظة اختبار لوعود الدولة، ولحظة حاسمة تضع الجميع أمام سؤال واحد "هل نترك هؤلاء المواطنين يواجهون الموت البطيء، أم نفرض على الدولة وأصحاب القرار أن يتحركوا بسرعة، وأن يلتزموا بوعودهم، وأن يضعوا حدًا لهذا العبث؟.. فالوقت ليس في صالح من ينامون تحت الثلوج". وتوالى التنديد والاستنكار على خلفية هذه المشاهد المؤلمة من تجمعات الخيام البلاستيكية للضحايا، وعجت مواقع التواصل الاجتماعي بتدوينات تطالب بوقف هذه المأساة التي تعكس إهمالا وانتهاكا لكرامة وحياة آلاف المواطنين. وكتب منتصر إثري أحد متضرري الزلزال وعضو التنسيقية الوطنية للضحايا "ما يعيشه ضحايا زلزال الحوز في إقليمالحوز وباقي الأقاليم والمناطق المنكوبة، رغم مرور أزيد من عام ونصف على فاجعة 08 شتنبر، في ظل الظروف المناخية والجوية القاسية والمؤلمة (ثلوج وأمطار رعدية ورياح..)، ومع دخول شهر رمضان الثاني على التوالي، داخل خيام بلاستيكية مُهترئة وبدائية، واستمرار حرمان المئات من الأسر المتضررة من الدعم والتعويضات.. يدفع كل ضمير حي للصراخ حتى تردد جبال الأطلس صرخته". وليست هذه هي المرة الأولى ولا الثانية التي يستصرخ فيها الضحايا المسؤولين وهم يزيحون الثلوج التي أثقلت خيامهم، أو يحاولون إفراغ مياه الأمطار التي أغرقتها، أو وهم يحاولون إعادة تركيبها بعدما اقتلعتها الرياح، فالصراخ والاحتجاج لم يتوقف منذ أشهر طويلة، لكن كل الأبواب لا تزال مغلقة في وجوه الضحايا، ولا تزال مطالبهم دون استجابة.