وسط كميات الزيتون الوفيرة التي تشكل جزءا كبيرا ضمن محصول الأنشطة الفلاحية بجهة الشمال وجهة الشرق، تكمن مخاطر عديدة تتربص على صحة المستهلكين، الذين يمثلون آخر حلقة في كل سلسلة اقتصادية. اذ لا تخلو مرحلة من مراحل الانتاج من اختلالات تنافي شروط ومعايير السلامة الصحية المتعارف عليه. ويكتسي زيت الزيتون، مكانة معتبرة في المنظومة الغذائية للمغاربة بصفة عامة، ما يجعل هذا المنتوج يحظى باقبال كبير من طرف مختلف الشرائح الاجتماعية، غير ان هذا الاقبال يشجع على تنامي سلوكات انتاجية، يؤكد نشطاء في محال حماية المستهلك أنها "خاطئة" ولا تتلاءم والمعايير المطلوبة في انتاج وتسويق منتوج صحي لفائدة المستهلكين. ثقافة "البلدي" محضن "العشوائية" الناشط الجمعوي في مجال حماية المستهلك والخبير في السلامة الصحية، حسن الحداد، يوضح ان الثقافة الشعبية لدى المستهلكين في المغرب، تمثل بيئة خصبة لانتشار الاساليب الانتاجية التي تطبعها العشوائية. قائلا "التطبيع مع ما يسمى بالمنتوج " البلدي " باعتباره حسب المستهلك المغربي منتوج " بيو " أو ايكولوجي وهذا الخلط في المفاهيم يعتبر أكبر مهدد لصحة المستهلك". وحسب الحداد، فإن هذه الثقافة الشائعة بين المواطنين و المستهلكين، تغيب بشكل كلي المعايير العلمية التي تحدد جودة الزيتون وزيت الزيتون. مشددا على أن "زيت الزيتون ثقافة ، علم و فن ، لزيت الزيتون منظومة علمية واكبته بالابتكار و التجديد و البحث العلمي لتطور صناعته بالاعتماد على التكنلوجيا لاستخراج الذهب الأخضر الصافي البكر الممتاز من الزيتون". ويؤكد المتحدث، ان " الحكم الوحيد عن أصناف و جودة زيت الزيتون هو المختبر ، المختبر و التحاليل الكيميائية و نسبة الحموضة تعتبر بيت القصيد المحدد للجودة". معايير جودة خاطئة يعتمد غالبية المستهلكين في تحديد جودة الزيتون وزيت الزيتون، على فرك حباته او تحسس رائحة الزيت المستخلص هذا المنتوج، وكذا التدقيق في لونه أو نسبة الدهون فيه. بينما جودة زيت الزيتون يؤسس لها منذ البداية في الأصل في الضيعة الفلاحية، وتختلف وتتأثر بتنوع نبتة الزيتون وتركيبة التراب والظروف المناخية والأسمدة المستعملة، وفق ما يؤكده الناشط في مجال حماية المستهلك، حسن الحداد. ويؤكد الحداد، ان كل هذه العوامل "تؤثر على جودة زيت الزيتون نظرا للعلاقة المتينة الموجودة بينهما و بين تغذية الأشجار التي تتبلور بطبيعة الحال في تركيبة زيت الزيتون و بالتالي في جودته ، بالإضافة إلى العناية المبذولة أثناء جني الزيتون والوقت الذي يستغرقه النمو ثم إحترام التوقيت المحدد بين الشجرة والمعصرة ومراكز التحويل". بين الشجرة والمعصرة .. تسقط الجودة وبعد نضج محصول الزيتون ومستخلصاته، تواجه جودة المنتوج تحديات كثيرة، خاصة في ظل انتشار اعتماد وسائل وطرق انتاجية في الضيعات والمعاصر، من شأنها ان تخل بالجودة المطلوبة. ويلاحظ حسن الحداد، ان طريقة الجني التقليدية اي ما يعرف بالجني بالعصي يلحق جروحا وضررا بحبات الزيتون مما يؤدي إلى تسرب الهواء الى جوفها فتسبب في ارتفاع نسبة الحموضة في الزيت المستخلصة". موضحا أن "المؤشرات المحددة لجودة الزيت تساقط حبات الزيتون في حالة جيدة دون لمس اي الأرض والتراب وبدون جروح ، وبالتالي جمعها في صناديق خاصة و تنقيلها إلى المعصرات ووحدات التحويل في ظروف جيدة و غسلها و غربلتها و تنظيفها من الاوراق و الأغصان و" العود". اما خلال مرحلة استخلاص الذهب الاخضر، فيشير المتحدث، ان اغلب الزيوت المستهلكة من طرف المواطنين، مصدرها معاصر تقليدية، تنتشر عادة في الأسواق القروية الاسبوعية. لافتا الى ان حوالي 90 في المائة من وحدات انتاج زيت الزيتون، هي معاصر تقليدية غير معتمدة من طرف الجهات الوصية على السلامة الصحية للمنتجات الغذائية، ما يجعل غالبية المنتوج السائد في الاسواق غير مراقب و لا يحمل أي عنونة ولا تاريخ الصلاحية أو رقم ترخيص و اسم المنتج. لكن اكثر جوانب الخطورة على صحة المستهلك، تكمن في طريقة تعبئة المنتج، حيث تتم هذه العملية في قنينات بلاستيكية من حجم الصغير والمتوسط والكبير مصدرها مجهول، وغالبا ما يتم جمعها من حاويات النفايات المنزلية رغم أن القانون يؤكد على تعبئة زيت الزيتون يجب ان تكون في عبوات داكنة اللون تحجب أشعة الشمس و محكمة الاقفال. من جهة أخرى زيت الزيتون المستهلكة غالبا ما يتم عرضها و تخزينها في أماكن عارية تحت أشعة الشمس أو في محلات مظلمة مما يجعلها تتعرض للبرودة و الرطوبة و تعتبر هذه العوامل خارجية ملوتة و مؤثرة على جودة زيت الزيتون.