عزم ملك على السفر بعيدا، وقبل انطلاقه قال لأبنائه: سأذهب، وسأترككم وحدكم لمدة طويلة، كل ما هو موجود هنا فهو لكم، يمكنكم استعماله، باستثناء هذه الخزانة أشار إلى صندوق كبير من الخشب لا أريد منكم أن تقربوها أو تلمسوها، هل فهمتم؟ أبْدَوْا موافقتهم بتحريك رؤوسهم. بعد أيام قليلة من مغادرة الأب للسفر، أحد الأبناء لم يستطع تحمل رغبته في معرفة ما يوجد داخل الخزانة، وبدون أن يعير أي اهتمام لإخوته الذين ألحوا عليه تجنب الاقتراب منها، فقد فَتَحها ووجد داخلها دجاجة، ولما فتحها قال: بالرغم من هذا الإصرار، ليس فيها في النهاية سوى دجاجة، إذن سوف أبيعها. اتجهوا نحو السوق لبيعها، حيث اشتراها منهم في الحال رجل معروف باليقظة والانتباه. ولما وصل إلى منزله بهذه الدجاجة، نادى على زوجته وهو في غاية الانبساط: افتحي، افتحي الباب عزيزتي، اليوم أتيتك بالمملكة. أي مملكة أتيت بها؟ سترين، في البداية سنذبح هذه الدجاجة. وعوض أن يقوم بذلك بنفسه، فقد أرسل إلى جاره وقال له: خذ، اذبحها في الحال، وابعثها لي عندما تنتهي منها. ذبحها ووضعها في القدر، ثم أرجعها إلى صاحبها، الذي أعطى له بعض النقود، وطلب منه الانصراف. وفي الحال بدأت الدجاجة تغلي بشكل لافت للنظر، وأصيب بالاندهاش دون أن يعرف لماذا تفعل ذلك. فنادى زوجته، وشرعا يأكلانها، وبينما هما على وشك الانتهاء منها، ولم يبق منها إلا قطعة واحدة، أثار انتباهه وجود شيء صلب يشبه المعدن، فأخرجه من فمه، وإذا به خاتم كبير له لمعان يعمي العيون ويحدث تنويما مغناطيسيا. فتنبه إلى أن هذا الخاتم من نوع خاص، وكان قد أحس بذلك منذ أن اقترب منه ذلك الولد الذي عرض عليه شراء الدجاجة، حيث بدا له أن هناك سرا غامضا ينبعث من الداخل يشجعه على شرائها. لما رأته زوجته على هذه الحالة، ضربته بمرفقها كي يكون على حذر: ما لك؟ ألم يعجبك هذا الدجاج؟ لا، لا…فقط إنني أفكر…طيب، أريد أن أقول لك: أعتقد أن هذا الدجاج سيخرجنا من دائرة الفقر، وسنصبح أغنياء. فقالت له الزوجة: نعم، بالتأكيد لم يعجبك هذا الدجاج. لكن الرجل قال وهو يعرض الخاتم على زوجته: انظري، أعتقد أن هذا الخاتم ساحر. لما تناولته المرأة، أثار انتباهها أن الخاتم يدور وينبعث منه لمعان غريب. نظر الرجل في الخاتم، وطلب قائلا: أريد منزلا فخما، أكبر من الذي يملكه الملك. وفي الغد، ومع لحظات الفجر الأولى، حيث ينادي المؤذن المؤمنين للصلاة: الله أكبر…عجبا، كم هو كبير وفخم هذا المنزل. تعجب الملك من سماع هذا النوع من الآذان، فخرج يبحث عن الإمام: هل أصابك مَسٌّ من الشيطان ؟ ما هذه الطريقة التي تنادي بها للصلاة؟ عذرا سيدي، عندما أطلت من هناك من الأعلى، فجأة رأيت منزلا فخما، أكبر بكثير من منزلك، أنا متأكد أنه لم يكن موجودا البارحة، فقد ظهر فجأة. ذهب الملك مسرعا إلى خزانته، ووجد أن الدجاجة اختفت من هناك، وهكذا عرف أن الخاتم يوجد عند صاحب ذلك المنزل الفخم. مباشرة بدأ يفكر في طريقة الوصول إليه؛ سأل أبناءه هل دخل أحد من الغرباء إلى منزله، أو هل أحد منهم اقترب من هذه الخزانة، لكن أحدا منهم لم يُرِدْ أن يَشِي بالأخ الذي فتح الخزانة. عرف ما فعله أبناؤه، فخرج الملك يبحث عن صاحب المنزل لاسترجاع الخاتم مهما كلفه من ثمن. رأى الابن أن أباه قلق جدا على الخاتم، فذهب يتعقبه في جميع الأماكن. انتحل الأب صفة بائع اللآلئ والجواهر، وعندما وصل إلى القرب من المنزل الذي يقطن فيه ذلك الرجل، رأى امرأة تطل من النافذة، وطلب منها أن تنزل كي يشترِيَ لها شيئا. في هذه اللحظات أثار انتباه الملك وجود الخاتم في أحد أصابع المرأة. فقال لها الملك: يا له من خاتم جميل عندكِ! إذا أعطيته لي سأقدم لك في المقابل كل ما تطلبين. لا، لا يمكن أن أعطيه لك، إنه خاتم من نوع خاص. إذا أعطيته لي، سأطرد من هذا المنزل كل الأرواح الشريرة، فهو يبدو لي غريبا لأنه بَنَتْهُ الشياطين من المساء إلى الصباح. فأجابته المرأة: كيف عرفت أن هذه الأرواح ظهرتْ فجأة في هذا المنزل؟ وحسب هذا فأنت ساحر. نعم، على الأقل يمكن لي أن أرد المنزل كما كان سابقا، وهكذا يمكن لكم التخلص من هذه الشياطين. فقالت هي: ليس هنا شياطين. ولما نظر الملك مرة أخرى إلى يد المرأة، رأى أن الخاتم اختفى من أصبعها، ومن المؤكد أنها أزالته لتحتفظ به خوفا من أن ينزعه منها، فسألها الملك: أين هو الخاتم؟ قالت وهي كاذبة: آه، يا إلهي، لقد نَزَعْتَ مني الخاتم عندما كنت أتكلم معك. لا، أنا لم أنتزع منك شيئا، إذا أردت فتشيني، ومن الأحسن أن نفتش بعضنا بعضا. موافق، لكن بشرط أن تكون الأيدي والأرجل مربوطة. ذهبت المرأة تبحث عن الحبل، واستغلت ذلك لوضع الخاتم في الفم، ولما عادت ربطت هذا الرجل الغريب عنها من رجليه ويديه، وتأكدت أنه لا يستطيع أن يصل إلى أي شيء، ثم بدأت تفتشه. قال الرجل: الآن جاء دوري. فقام بالمثل، فتش جيوب فستانها ولم يعثر على شيء، لكن فجأة سمع ضجيجا: هناك أحد في الباب، إنه ابنه الذي قام سابقا بفتح الخزانة. أنا فعلت ذلك يا أبي، أنا الذي فتحت الخزانة، وجئت الآن لمساعدتك، قد رأيت المرأة عندما وضعت الخاتم في فمها. قام الأب وابنه بانتزاع الخاتم من المرأة، وهكذا عادت المملكة مرة أخرى إلى سابق عهدها. وبعد مرورنا من هنا وهناك، انتعلت الحذاء وتقطع لي. الحسيمة، 31 يونيو 2002. No related posts. شارك هذا الموضوع مع أصدقائك Tweet