عزوف خطير وغير مسبوق للأطباء الجدد، واجهته وزارة الصحة هذه السنة، بعدما نظمت مؤخرا مباراة لإدماج وتشغيل 500 طبيب لسد الخصاص الكبير بالمستشفيات والمراكز الصحية والمستوصفات بالمناطق النائية، حيث كشف مصدر قريب من الموضوع أن الأطباء من المتخرجين الجدد، والذين نجحوا في مباراة وزارة الصحة، لم يلتحق منهم سوى أقل من 100 طبيب، فيما اختار زملاؤهم والذين يزيدون عن 400 طبيب، البحث عن فرص عمل جديدة بعيدا عن قطاع الصحة العمومية، فيما يفضل بعضهم الهجرة نحو أوروبا، حيث يكثر الطلب على الأطباء، يورد ذات المصدر للجريدة. مصدر آخر من داخل وزارة الصحة، اعترف بالمعضلة غير المنتظرة والتي باتت تواجهها الوزارة، أمام رفض عدد من الأطباء من المتخرجين الجدد، ولوج قطاع الصحة العمومية، وعدم قبولهم العمل بالمناطق القروية، غير أن الخصاص المهول في عدد أطباء القطاع العام والذين لا يتجاوزون 10 آلاف طبيبة وطبيب بمختلف فئاتهم وتخصصاتهم، يقول ذات المصدر، قد يدفع المغرب إلى استقطاب أطباء من بلدان أخرى؛ في إطار التعاون الذي يجمع المغرب بهذه الدول على مستوى القطاع الصحي، مما قد يسمح لوزارة أناس الدكالي بالتعاقد مع أطباء من السنغال والصين، لسد الخصاص بالمستشفيات العمومية. من جهته، علق الدكتور العلوي المنتظر، الكاتب الوطني للنقابة المستقلة لأطباء القطاع العام بالمغرب، في تصريح بقوله إن ما حدث يحمل رسالة واضحة للدولة، وحكومة سعد العثماني، ووزيره في الصحة أناس الدكالي، مفادها أن قطاع الصحة العمومية لم يعد مغريا للأطباء الشباب حديثي التخرج من كليات الطب والصيدلة، والسبب بحسب نقيب الأطباء، هو تتبعهم اليومي لما تنشره الصحافة وما تنقله بلاغات الأطباء أنفسهم وشكاويهم اليومية، بخصوص معاناة الأطباء وجراحي الأسنان والصيادلة بالمستشفيات والمراكز الصحية القروية، والظروف المهنية المهينة، كما وصفها الدكتور العلوي، والتي يمارس فيها الطبيب العمومي مهنته لعلاج المرضى. وأضاف نقيب الأطباء، بأن النقابة المستقلة لأطباء القطاع العام بالمغرب، سبق لها على عهد الوزير المعفي، الحسن الوردي، وبعده رفيقه الوزير الحالي أناس الدكالي، أن دقت ناقوس الخطر بخصوص الوضع الخطير الذي باتت عليه مهنة الطبيب بقطاع وزارة الصحة، ولا أحد من الوزارة أو الحكومة أخذ تنبيهات الأطباء بعين الاعتبار، وها هي النتيجة اليوم، يردف الدكتور العلوي المنتظر، والتي يلخصها عزوف الأطباء الجدد على ولوج قطاع الصحة العمومية، لأنهم أدركوا كما قال، بأن الطبيب المغربي بالقطاع العام لم يعد قادرا على الاستمرار في أداء مهمته وسط هذه الفوضى التي تعرفها مستشفيات المملكة، عُنْوانها غياب المعايير الطبية لعلاج المريض المغربي والنقص الحادِّ في الموارد البشرية والمُعِدّات البيو- طبية، إضافة لغياب شُروط الممارسة الطبية السليمة، وحرمان الأطباء من أبْسطِ حقوقهم، على الرغم من التضحيات ونُكْران الذَّات وحجْمِ المعَاناة التي يتكبدونها يومياً»، بحسب تعبير الكاتب الوطني للنقابة المستقلة لأطباء القطاع العام بالمغرب. العزوف الخطير للأطباء المتخرجين حديثا، ورفضهم العمل بالقطاع العمومي، من شأنه بحسب مصدر من داخل وزارة الصحة، أن يربك عمليات إرساء دينامية «مخطط الصحة 2025»، والذي أطلقته حكومة سعد الدين العثماني صيف 2018، ضمن خطة تعاقدية على المدى القريب والمتوسط، بين وزارة الصحة والمتدخلين في الشأن الصحي الوطني على المستويين المركزي والجهوي، وهي الخطة التي يعتبر الأطباء والأطر التمريضية والتقنية، الأساس لتنزيل العرض الصحي ذي الجودة المطلوبة من المغاربة بالمدن والقرى، تورد مصادر . يذكر أن وزير الصحة، أناس الدكالي، وبعد الضربة الموجعة الذي تلقاها بسبب رفض أزيد من 400 طبيب ممن فازوا في مباراة الوزارة لسد الخصاص بالمستشفيات والمراكز الصحية القروية، تنتظره ابتداء من نهاية شهر أبريل الجاري، جولة جديدة من غضب الأطباء وجراحي الأسنان والصيادلة بالقطاع العام، والذين لجؤوا إلى رفع درجة تصعيدهم، وقرروا النزول بشوارع الرباط يوم الاثنين المقبل، في مسيرة وطنية تتزامن مع أول أيام الإضراب عن العمل لمدة 48 ساعة، يليها إضراب ثان يومي 2 و3 ماي المقبل، فيما هدد الأطباء الغاضبون بمواصلة جمع الاستقالات الجماعية بمختلف الجهات، وإدخال أقسام المستعجلات في إضراباتهم عن العمل، بعدما ظلوا يستثنونهم منها، مما قد يشكل منعطفا خطيرا في حالة الاحتقان الجارية بين الأطباء ووزارة الصحة.