بعد العزوف الخطير وغير المسبوق للأطباء عن ولوج القطاع العام، والذي واجهه وزير الصحة أناس الدكالي، وذلك بعدما نظمت وزارته مؤخرا مباراة لإدماج وتشغيل 500 طبيب لسد الخصاص الكبير بالمستشفيات والمراكز الصحية والمستوصفات بالمناطق النائية، عجلت حكومة سعد الدين العثماني ووزيره في الصحة، أناس الدكالي، بالإعلان عن تنظيم مباراة ثانية لتوظيف 143 طبيبة وطبيبا من الدرجة الأولى، حدد لها ال19 من شهر ماي الجاري بمراكز الامتحانات بمدن فاس ووجدة والرباط والدار البيضاء ومراكش. تحرك وزير الصحة بعد الحرج الكبير الذي تسبب له فيه الأطباء المتخرجون حديثا، والذين قاطعوا المباراة الأولى لإدماج 274 طبيبا لسد الخصاص، حيث لم يلتحق منهم سوى أقل من 50 طبيبا بالمندوبيات الإقليمية للصحة والتي اختاروا العمل بها، (هذا التحرك) والذي عجل بتنظيم مباراة ثانية، تزامن مع خروج إعلامي لوزير الصحة، للرد على النقابة المستقلة لأطباء القطاع العام بالمغرب، والتي اعتبر عزوف الأطباء عن القطاع العمومي، يحمل رسالة واضحة للدولة، وحكومة سعد العثماني، مفادها أن قطاع الصحة العمومية لم يعد مغريا للأطباء الشباب حديثي التخرج من كليات الطب والصيدلة، وذلك بسبب تتبعهم اليومي لمعاناة الأطباء وجراحي الأسنان والصيادلة بالمستشفيات والمراكز الصحية القروية، والظروف المهينة، كما وصفتها النقابة، والتي يمارس فيها الطبيب العمومي مهنته لعلاج المرضى، حيث علق وزير الصحة في خروجه الإعلامي الأخير، على أن «الوزارة رفعت من مناصب الأطباء المقيمين والداخليين، وكذا مناصب الأطر شبه الطبية، للتخفيف من الاكتظاظ والضغط بالمستشفيات والمراكز الصحية»، كما لفت الدكالي إلى أن «مشاريع مهمة فتحت أوراشها في قطاع الصحة، حيث انخرطت وزارته، كما قال، في استثمارات ناهزت 16 مليار درهم لإنجاز 80 مشروعا، تشمل بنايات، ومستشفيات جامعية جديدة، الهدف منها تعزيز وتأهيل البنيات التحتية القادرة على الاستجابة لمتطلبات ولوج المغاربة للعلاج، يورد وزير الصحة أناس الدكالي. وفي مقابل تقليل وزير الصحة من هول الضجة التي خلفتها واقعة مقاطعة الأطباء الجدد لمباراة الوزارة لسد الخصاص بالمستشفيات والمراكز الصحية القروية، والتي يشتغل بها أقل من 10 آلاف طبيبة وطبيب بمختلف فئاتهم وتخصصاتهم، اعترف مصدر من داخل وزارة الصحة، بالمعضلة غير المنتظرة، والتي باتت تواجهها الوزارة، أمام رفض عدد من الأطباء من المتخرجين الجدد، ولوج القطاع العمومي، وعدم قبول البعض الآخر العمل بالمناطق القروية، مما دفع الوزارة إلى التفكير في استقطاب أطباء من بلدان أخرى والتعاقد معهم لسد الخصاص؛ وذلك في إطار التعاون الذي يجمع المغرب بهذه الدول على مستوى القطاع الصحي، ومنها السنغال والصين، غير أنه يبدو أن مراكز القرار بحكومة سعد الدين العثماني، فضلت فتح مباراة جديدة في 19 ماي الجاري، تُعول عليها لتحصل وزارة الصحة على عدد المناصب المفتوحة المخصصة ل143 طبيبة وطبيبا، يورد نفس المصدر، والذي لم يخف تخوف الحكومة ووزارتها في الصحة، من أن يتكرر نفس سيناريو العزوف، مما قد يربك عمليات إرساء دينامية «مخطط الصحة 2025»، والذي أطلقته حكومة سعد الدين العثماني صيف 2018، ضمن خطة تعاقدية على المدى القريب والمتوسط، بين وزارة الصحة والمتدخلين في الشأن الصحي الوطني على المستويين المركزي والجهوي، وهي الخطة التي يعتبرها الأطباء والأطر التمريضية والتقنية، الأساس لتنزيل العرض الصحي ذي الجودة المطلوبة من المغاربة بالمدن والقرى، تورد مصادر «أخبار اليوم». يذكر أن وزير الصحة يواجه هذه الأيام، مواصلة أطباء القطاع العام والصيادلة وجراحي الأسنان، لاحتجاجاتهم، بعدما خرجوا في «مسيرة الحداد»، كما سموها يوم الاثنين الماضي بالرباط، وهم يرتدون السترات السوداء، كما نفذوا يوم أمس الخميس واليوم الجمعة، إضرابا عن العمل، وقبله دخلوا في إضراب ليومي الاثنين والثلاثاء الماضيين، فيما ارتفع عدد الأطباء الذين وضعوا استقالاتهم الجماعية، لحد الآن، إلى 995 طبيبة وطبيبا من أصل 10 آلاف طبيب بالقطاع العمومي، بحسب ما كشفه نقيب الأطباء الدكتور العلوي المنتظر في تصريح سابق للجريدة.