معاناة حقيقية عاشتها عائلات مغربية، في انتظار المجهول الذي كان ينتظر فلذات كبدها خلال الأشهر القليلة الماضية، من موجة غير مسبوقة للهجرات السرية عبر قوارب الموت، انطلاقا من حوض المتوسط، املا في اﻹلتحاق بالفردوس الأوروبي الذي لا يفصله عن المغرب سوى 14 كلم. وكان لافتا منذ العطلة الصيفية لموسم "2018"، المعروف بزمن "الفونطوم"، عودة المحاولات الكثيفة للهجرة السرية التي اجتاحت سواحل الريف، اتجاه الضفة الأخرى تم توثيقها بفيديوهات شبه يومية مصورة من "الزودياكات" أو "القوارب" لشباب مغاربة وقاصدين بوابة اوروبا، خلال رحلاتهم البحرية المحفوفة بالمخاطر. وكانت الحكومة اﻹسبانية، قد أقرت بتراجع موجة الهجرة السرية عبر حوض المتوسط خلال شهر فبراير، حيث انخفضت الى أدنى مستوياتها، ووصل فقط 930 مقارنة بأكثر من 4000، تمكنوا من عبور سواحل الريف في يناير المنصرم. كما أعلنت الحكومة المغربية، أنها أفشلت عشرات اﻵﻵف من محاولات الهجرة غير الشرعية عبر السواحل الريفية اتجاه الضفة الأخرى، بداية شهر يناير حتى نهاية فبراير. وفي مقابل ذلك، أقرت بتفكيك عشرات الشبكات في مجال تهريب المهاجرين السريين في عدد من الساحلية الشمالية بالناظور، وتطوان، وطنجة. وأوضح الناشط الحقوقي بزايو، الأستاذ مصطفى منصور لجريدة "زايو سيتي"، أن الهجرة السرية خصوصا عند الشباب المغربي عبر قوارب الموت، تتشابك فيها مجموعة من العوامل، منها ما هو سياسي، واقتصادي، لتحسين الظروف المعيشية عند العديدين ببلوغ الضفة الأخرى، رغم المخاطر المجهولة التي تنتظرهم في هذه الرحلات السرية. واعتبر الناشط الحقوقي، أن انخفاض مستوى الهجرة السرية في اﻵونة الأخيرة، مردها الى اﻹجراءات التي تم اتخاذها لمنع دخول المهاجرين الى الضفة الأخرى، والذي يتم انقاذهم من طرف سفن اﻹغاثة في البحر الأبيض المتوسط. وأورد، أن العوامل المناخية وقساوتها في فصل الشتاء خصوصا في شهري دجنبر ويناير، ساهما في فرملة موجة الهجرة السرية غير المسبوقة نحو أوروبا، مخافة المصير الغامض في ظلمات البحر المتوسط، وعلو أمواج البحر في هذه الفترة بالذات. ويضيف، أنه ومع استمرار تدفق المهاجرين غير الشرعيين عبر السواحل المغربية خلال السنة الماضية، عملت حكومات اﻹتحاد الأوروبي على اقناع المغرب، بإتباع عدد من اﻹجراءات، لكبح جماح موجة الهجرة السرية عبر السواحل الشمالية، وهذا ما ترجمه المغرب الى واقع، بمضاعفة تشديد المراقبة الأمنية على كافة سواحل الريف خلال هذه الفترة، والتي عرفت تراجع للهجرة الى أدنى مستوياتها منذ موجة الصيف الفائت.