متابعة أكد محمد عبد عبد النباوي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، أن “الرهان معقود على قضاة النيابة العامة ليقوموا – إلى جانب قضاة الأحكام – بأدوار طلائعية، تجسد المغزى الحقيقي من وجود هذه المؤسسة، وتبلور تصوراً جديداً لمهامها”، مشددا على ذلك من خلال “استثمار جميع الصلاحيات التي يمنحها لها القانون، من أجل حماية الحقوق والحريات والذود عن مصالح المواطنين، لاسيما الفئات الهشة وعلى رأسها فئة الأطفال”. عبد النباوي، الذي كان يتحدث اليوم بمراكش افتتاح الأيام الدراسية لقضاة النيابة العامة حول “تفعيل دور النيابة العامة في الحماية المدنية للطفل”، اعتبر أنه “إذا كان الاعتقاد العام يربط المهام الرئيسية للنيابة العامة بتدخلها في المادة الزجرية، وتفعيل القوانين الجنائية، فإن هذا الاعتقاد هو مجرد جزء من الحقيقة، إذ أن أدوارها في المادة المدنية لا تقل أهمية، خاصة أمام تزايد النصوص القانونية التي تلقي بعبء تفعيلها على هذه المؤسسة”. ودعا رئيس النيابة العامة قضاة النيابة العامة بالناظور و المدن الاخرى إلى استثمار مجالات الاشتغال والأدوار غير التقليدية التي أناطتها بهم مجموعة من القوانين من قبيل مدونة الأسرة، وقانون كفالة الأطفال المهملين، وقانون الحالة المدنية، ومدونة الشغل، وأخيرا القانون المتعلق بعمال المنازل لفائدة المصالح الفضلى للأطفال، وجعل تدخلاتهم “في القضايا الأسرية بوجه عام، وزواج القاصر على وجه التحديد فرصة للقضاء على بعض التقاليد الضارة بالطفولة وإنهاء بعض التصرفات المُهينة لفلذات أكبادنا. والعمل على إعطاء السيادة للقانون، واستلهام المصالح الفضلى لمعاملة الأطفال، من روح المواثيق الدولية المتعلقة بالطفولة”، على حد تعبيره. وتوجه عبد النباوي إلى القضاة لاستلهام دورهم كقضاة مكلفين بقضايا الطفولة، ليذكرهم أن “عدالة الأحداث ليست عدالة زجرية ترمي إلى العقاب والزجر وأن قاضي الأحداث ليس ميزانا يزن الأخطاء والعثرات، ليستخلص الثمن لصندوق مداخيل الدولة”، ليشدد على أن “قاضي الأحداث مرب ومعلم. لا يختلف دوره عن دور الأم والأب، ينشدان من معاملتهما لأبنائهما كل ما يقوي تربيتهم ويُقَوِّم اعوجاجهم ويصلح أحوالهم، ويعملان بصبر وثبات لإبلاغهم لبر الأمان في أحسن حلة من التربية وحسن الأخلاق، وتزويدهم بأفضل سبل العلم وأحسن قواعد التربية. حتى إذا قسا الأب أو الأم على أبنائه، فإنما من أجل الحفاظ على مصالحهم وليس لعقابهم. وتكون قسوته لينة في حدود الإصلاح، لا محطمة لآمال الطفولة”. وطلب منهم أن يجعلوا كل تدخلاتهم “في الحدود التي يسمح لكم بِها القانون، لصالح الأطفال، وتغليب مصلحتهم الفضلى على باقي المصالح”، واستثمار إشرافهم على خلايا التكفل بالأطفال والنساء لهذه الغايات، من خلال توظيف دورهم التنسيقي والتواصلي على المستوى المحلي والجهوي لتعميم هذه الثقافة وجعلها أمراً واقعاً وحقيقة معاشة.