الجزائر تكشف تورطها في ملف الصحراء بدعم قرار محكمة العدل الأوروبية ضد المغرب    المغرب يحاصر هجرة ممرضيّه إلى كندا حماية لقطاعه الصحي        منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة…أسعار الغذاء تسجل أعلى زيادة شهرية    نتانياهو يصف دعوة ماكرون للتوقف عن مد إسرائيل بالأسلحة "بالمخزية والعار    صدمة في البرنابيو.. كارفاخال يعاني من إصابة مروعة        ولي العهد الأمير مولاي الحسن يترأس بالجديدة نهائي النسخة ال7 من الجائزة الكبرى للملك محمد السادس للتبوريدة    طقس الأحد.. زخات رعدية ببعض مناطق المملكة    افتتاح المسبح المغطى السومي أولمبي بتاوريرت    أمام "سكوت" القانون.. "طروتينيط" تغزو شوارع الحسيمة        معرض الفرس الدولي في نسخته 15.. غاب عن فعالياته رواق وعروض ال DGSN    التونسيون يصوتون في انتخابات الرئاسة وأبرز منافسي سعيد في السجن    ترامب يعود لمكان محاولة اغتياله: "لن أستسلم أبداً"    23 قتيلا في غارات اسرائيلية على لبنان    جولة المفاجآت.. الكبار يسقطون تباعا وسطاد المغربي يتصدر الترتيب    انطلاق برنامج الحملات الطبية المصغرة لفائدة الساكنة القروية بإقليم إفران    مغاربة يحيون الذكرى الأولى ل"طوفان الأقصى" بمسيرة وطنية حاشدة    البرتغال تؤكد على الشراكة الاستراتيجية "الأساسية" بين الاتحاد الأوروبي والمغرب    جمعية هيئات المحامين بالمغرب تدين بشدة العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان    أمن طنجة يحقق مع سيدة هددت شابة بنشر فيديوهات جنسية لها    نحو عشرة ملايين تونسي يصوتون في انتخابات رئاسية تبدو نتائجها محسومة    بين أعالي الجبال وقلب الصحراء .. تفاصيل رحلة مدهشة من فاس إلى العيون    مضيان يقود لائحة كبار المغادرين لقيادة حزب الاستقلال وأدمينو أبرز الملتحقين    مغاربة ينعوون وفاة الفنانة نعيمة المشرقي: فنانة محترمة وماخذات حقها فالساحة الفنية (فيديو)    التعادل يحسم مباراة الحسنية والوداد    عودة ليزلي إلى الساحة الموسيقية بعد 11 عامًا من الانقطاع    هكذا علقت هولندا على قرار المحكمة الأوروبية وعلاقتها بالمغرب    رغم تراجعه عن مطالبته بوقف تسليح إسرائيل.. نتنياهو يهاجم ماكرون: سننتصر معك أو من دونك وعارك سيستمر لوقت طويل (فيديو)    منتخب U20 يواجه فرنسا وديا استعدادا لدوري اتحاد شمال إفريقيا    "أندلسيات طنجة" يراهن على تعزيز التقارب الحضاري والثقافي بين الضفتين في أفق مونديال 2030    ENSAH.. الباحث إلياس أشوخي يناقش أطروحته للدكتوراه حول التلوث في البيئة البحرية    إنزال كبير لطلبة كليات الطب بالرباط في سياق الإضرابات المتواصلة -فيديو-    حزب الله: التواصل مع صفي الدين "مقطوع"    وفاة الفنانة المغربية نعيمة المشرقي عن 81 عاما    مصدر ل"برلمان.كوم": المغرب يواصل تنويع شراكاته ويمدد اتفاقية الصيد مع روسيا.. وقرار العدل الأوروبية عزلها دوليا    الفنانة المغربية نعيمة المشرقي تغادرنا إلى دار البقاء    في عمر ال81 سنة…الممثلة نعيمة المشرقي تغادر الحياة    وفاة الممثلة القديرة نعيمة المشرقي بعد مسار فني حافل بالعطاء    معاناة 40 بالمائة من أطفال العالم من قصر النظر بحلول 2050 (دراسة)        استجواب وزيرة الانتقال الطاقي أمام البرلمان عن الفجوة بين أسعار المحروقات في السوقين الدولية والوطنية    الجامعة تحدد أسعار تذاكر مباراة الأسود وإفريقيا الوسطى        من قرية تامري شمال أكادير.. موطن "الموز البلدي" الذي يتميز بحلاوته وبسعره المنخفض نسبيا (صور)    دراسة تكشف معاناة 40 % من أطفال العالم من قصر النظر بحلول 2050    قافلة المقاول الذاتي تصل الى اقليم الحسيمة    "ميتا" تعلن عن إنشاء نموذج ذكاء اصطناعي جديد    مهنيون يرممون نقص الثروات السمكية    تسجيل حالة إصابة جديدة ب"كوفيد-19″        وزارة الصحة تكشف حقيقة ما يتم تداوله حول مياه "عين أطلس"    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    القاضية مليكة العمري.. هل أخطأت عنوان العدالة..؟    "خزائن الأرض"    موسوعة تفكيك خطاب التطرف.. الإيسيسكو والرابطة المحمدية للعلماء تطلقان الجزئين الثاني والثالث    اَلْمُحَايِدُونَ..!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أنا مع الحق أينما كان، ولو كان مع العدو! لقاء مع الكاتب المغربي التجاني بولعوالي
نشر في أريفينو يوم 16 - 02 - 2010

س: الأستاذ التجاني بولعوالي متى كانت بدايتك مع الكتابة ومن كان سندك الرئيسي؟
ج: بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه، بداية أود أن أشكركم عميق الشكر على هذا الحوار، فيما يتعلق بسؤالكم الذي يتمحور حول بدايات علاقتي بالكتابة، فهو في الحقيقة سؤال يحيل على جانب مهم من سيرتي الذاتية، لأنه من خلال الإجابة عن هذا السؤال أحاول بشكل أو بآخر أن أقدم جانبا من حياتي، بالنسبة لممارستي لفعل الكتابة فكانت إرهاصاته عندما كنت على مشارف مرحلة المراهقة، إذ كنت مسكونا بدون وعي مني بحب القراءة وحب الكتابة، وكنت دوما أعبر عن أي شيء كيفما كان بالكتابة، رغم أنني وقتئذ لم أكن أملك الإمكانات والآليات الكافية لأن أعبر كتابة، ثم إنه أثناء دراستي الإعدادية ثم الثانوية، وقع نوع من الاحتكاك بواقع جديد في بلدة ميضار، حيث كنت أدرس، تأتى لي الانفتاح على بعض التجارب الأدبية والعربية التي كانت تفد علينا من المشرق، بالإضافة إلى ذلك تعرفت على بعض الأساتذة الذين كان لبعضهم الفضل في توجيهي هذه الوجهة، آنئذ كنت من حين لآخر أحاول أن أكتب خواطر ذاتية، أن أكتب شعرا منثورا، أن أكتب مقالات تأملية... وكنت أتواصل مع بعض أساتذتي، لكي أتلقى نصائحهم وإرشاداتهم بخصوص ما أكتب، وكانت آراء أولئك الأساتذة تتفاوت من أستاذ إلى آخر، حيث كان منهم من يوجهك ويشجعك، ومن يزرع في نفسك بذرات الإحباط، حتى أنه كان ثمة من الأساتذة (ولا أذكر هنا الأسماء)، من يلقي في طريقك الأشواك، ويعرقل هذه التجربة الفتية، التي تحتاج إلى الصقل والتشذيب، فمثلا عندما تقدم له قصيدة شعرية للتصحيح، يكتب عليها بالقلم الأحمر: هذا ليس شعرا! مما كان يحبطك أكثر ويزرع في وجدانك الفشل، غير أنه بالخصوص في مرحلة دراستي الثانوية ظهر شخص، أكن له الاحترام الكبير، وأعتبره الموجه الأساس لي على درب الكتابة والفكر... فهذا الأستاذ كنت أعتبره، وما زلت أعتبره كذلك، أبا روحيا لي، أو شيخا وأنا مجرد مريد في زاويته، هذا الشخص هو أستاذي الدكتور الحسن الغشتول، الذي كان له الفضل الأكبر في توجيهي، ومساعدتي المعنوية على الكتابة، والإقبال على القراءة والبحث والإبداع، وما إلى ذلك، حتى أنني عندما كنت أقدم له بعض نصوصي النثرية والشعرية، التي كانت آنذاك ملآى بالأخطاء، ومع ذلك كان يشجعني، ويقول بغض النظر عن هذه الأخطاء، فهذه النصوص تنطوي على روح الإبداع، أو على إرهاصات لموهبة بدأت تتفتح وتظهر إلى الوجود، لذلك أكن لهذا الأستاذ القدير الاحترام العميق، وما زلت أتواصل معه رغم البعاد والمسافات...
س: ما هي أهم إصداراتك ومشاريعك المستقبلية؟
ج: فيما يتعلق بجانب التأليف، يتعدد كما تعلمون بتعدد الحقول المعرفية والفكرية التي أشتغل عليها، حيث أهتم في الوقت نفسه بجملة من القضايا، التي أحاول أن أكتب عنها وأؤلف فيها، وأدلي بدلوي حولها، ومن هذه القضايا مثلا:
قضية الإسلام والغرب، وهي قضية مصيرية لا سيما في الغرب حيث أستقر شخصيا، لذلك فإنني أحاول ما أمكن أن أتناولها، إما كشفا للغموض والالتباس، أو تقديما للصورة الحقيقية للإسلام للآخر الذي هو الغرب، وفي هذا الصدد كتبت الكثير من المقالات ونشرت بعض الكتب، ككتاب المسلمون في الغرب والإسلام – فوبيا صناعة صهيونية تسوق في الغرب، كما أنني الآن منكب على مشروع جديد يتناول علاقة الإسلام بالغرب، من خلال ما يقدمه بعض المفكرين والمثقفين الغربيين من رؤى وتفسيرات حول هذه العلاقة.
بالإضافة إلى هذا فإنني كما تعلمون أهتم بالحقل الأمازيغي، وقد أسهمت ببعض الكتابات في هذا الصدد، ككتابي الإسلام والأمازيغية، والعديد من المقالات التي تنشر هنا وهناك، في الكثير من المواقع الرقمية، والجرائد والمجلات الورقية، ثم إنني الآن منشغل بتهييء كتاب عن الأمازيغية بصفة عامة، وأحاول من خلاله الدفاع عن القضية الأمازيغية، ولكن بشكل موضوعي ومتوازن، خلو من أي هوى أيديولوجي أو نزوع عرقي أو قبائلي، كما أنني أهتم بما هو أمازيغي على المستوى الأكاديمي، حيث قدمت أطروحة جامعية حول الصحافة الأمازيغية المكتوبة، ولعلها السباقة لتناول هذا الموضوع، وهي حسب اطلاعي المتواضع، تعتبر الدارسة الأولى التي تناولت تاريخ الصحافة الأمازيغية المكتوبة على الصعيد المغربي، سواء على المستوى النظري، أي كيف بدأ هذا التاريخ، ومتى بدأ، وما إلى ذلك، أم على المستوى التطبيقي، حيث إنني تناولت بعض الجرائد الأمازيغية، ودرستها شكليا ومضمونيا، وما إلى ذلك، ثم إنني يمكن أن أضيف كتابا آخر يندرج في مقررات جامعة لاهاي العالمية للصحافة والإعلام، وهو كتاب فن الإعلان الأمازيغي، وهو كذلك كتاب أكاديمي وفي الوقت نفسه إعلامي يتناول فن الإعلان الأمازيغي، وهو ربما الكتاب الأول من نوعه في هذا الباب على الصعيد المغربي؛ هل ثمة حقا فن إعلان أمازيغي، ما هو الإعلان الأمازيغي، ما هي تجليات هذا الإعلان، ما هي مميزاته...
بالإضافة إلى هذه الكتابات والإسهامات، بدأت في الآونة الأخيرة أهتم بالمجتمع المدني، لأنه الآلية التي ننزل بها إلى الواقع، من خلاله نترجم تراكماتنا النظرية على مستوى أرض الواقع، لأننا نفعلها واقعيا وميدانيا، نحتك من خلالها بهموم الإنسان العادي وشؤونه وشجونه، لذلك وجهت اهتمامي للعمل الجمعوي الذي يمكن أن يقدم الكثير لمنطقتنا المقبلة على تحديات جديدة، وعلى تحولات بدأت تلوح في الأفق. وفي هذا السياق تم الاهتمام بمختلق القضايا المحلية، كتفعيل المجتمع المدني، وتحفيز الإعلام المحلي، والتواصل مع شتى المؤسسات التعليمية والرسمية والثقافية، وكتابة تاريخ المنطقة، وغير ذلك.
س: على ذكرك للعمل الجمعوي، ما هو سر اهتمامك به كآلية لخدمة المجتمع وتطويره؟
ج: إن العمل الجمعوي في ارتباطه بالسياق الجديد، ما ينبغي أن ندركه فيه هو أنه أي: العمل الجمعوي أصبح يؤدي دورا أساسيا في تغيير المجتمع وتنميته وتطويره وتحديثه، خصوصا وأن ثمة الكثير من الجهات العالمية والوطنية والمحلية التي بدأت تعي قيمة المجتمع المدني، وتدرك أنه يؤدي دورا رياديا في تنمية المجتمع، وتوجيه المواطن، وخدمة الواقع بصفة عامة، على هذا الأساس فأنا شخصيا أشاطر هذا الرأي، وأرى أن الإنسان والمثقف لا سيما المحلي يمكن له أن يقدم الكثير لمجتمعه بواسطة العمل الجمعوي، اعتبارا بأن المجتمع المدني أصبح مكونا أساسيا لا غنى عنه، باعتراف السلطات والدولة، التي بدأت من خلال مشاريعها تمنح حيزا مهما للمجتمع المدني، وتراهن عليه وتعتبره شريكا أساسيا في التنمية، وعندما نتحدث عن التنمية المحلية فإنني أعتقد أن هذه التنمية لا تتحقق إلا بتضافر الجهود، جهود جميع مكونات المجتمع، جميع الجهات، جميع المؤسسات، ويمكن للمجتمع المدني أن يؤدي في هذه الجهود دورا محوريا؛ دور الوسيط، دور التواصل، دور تجميع الجهود، دور تحفيز الناس على النزول إلى الواقع، والمساهمة في صناعة هذا الواقع، بخلق كل ما من شأنه أن يخدمه، ليس كما كنا في الماضي ننتظر الآخر، لكي يوجهنا ويفعل واقعنا، الحمد لله اليوم فيه وعي جديد، فيه تصورات إذا ما نحن استثمرناها، من خلال العمل الجمعوي، ومؤسسات المجتمع المدني، فسوف نقدم الكثير لهذا الواقع المحلي المتردي، الذي لن يخرج من أزماته ومآزقه إلا بالحضور المكثف والقوي والمسئول للمجتمع المدني، الذي لا يؤدي فقط دور المشارك، وإنما كذلك دور المراقب للمنتخبين والدولة وغيرهما.
س: الأستاذ التجاني بولعوالي، أثارني مقطع في مقال في أحد المواقع الإلكترونية جاء فيه: “إن معظم كتابات الأخ التجاني بولعوالي المتعلقة بالقضية الأمازيغية تعتبر من الرسائل المسمومة ذات العيار الثقيل، يحاول من خلالها تمرير بعض المواقف السياسية حتى تستقر في مخيلة القارئ، على اعتبار أنها حقائق ناصعة لا يأتيها الباطل”، الأستاذ كيف ترد على هذا الكلام؟
ج: فيما يتعلق بهذا الكلام، أو هذا الادعاء، نسميه ادعاءً، لقد سبق لي وأن اطلعت عليه في إحدى المقالات، التي كتبها شخص أعرفه، وعندي علاقة طيبة معه، لكن في الأخير والله تساءلت كثيرا، لماذا قال هذا الكلام العائم، الذي لا قرار له، ولا أساس له من الواقعية! ولم أفكر في الرد عليه، ليس لأنه لا يستحق ذلك، وإنما لأنه وإن كان في الظاهر يتبنى أسلوب النقد الهدام، إلا أنه في العمق، ودون وعي من صاحبه، يخدم مقولاتي وأفكاري بخصوص القضية الأمازيغية، التي تنبع من واقع الإنسان الأمازيغي والمغربي، ولا تأتيه من الخارج لتسقط عليه، والدليل على ذلك، هي الردود والتعقيبات والرسائل التي تأتيني من القراء والمهتمين الأفاضل، التي تنصحني دوما بأن لا أبالي، بمثل تلك الحملات التي تشنها علي بعض الأقلام! ومادام أنكم طلبتم رأيي في هذا الصدد، فإنني أحاول أن أجمله في الملاحظات الآتية:
يتحدث هذا الأخ عن أن معظم كتاباتي فيما يتعلق بالأمازيغية، تنطوي على رسائل مسمومة، السؤال الموجه إلى هذا الشخص هل حقا قرأ واطلع على كل كتاباتي في هذا المجال، ربما أنه اطلع على المقالة التي رد عليها لا غير، وهي (إساءة أي أمازيغي للإسلام تعتبر تدنيسا للأمازيغية)، ويبني رده ونقده على هذه المقالة التي ما هي إلا غيض من الفيض الذي كتبته حول القضية الأمازيغية، لاسيما وأنني قدمت بعض الإسهامات التي حاولت من خلالها خدمة الأمازيغية بشكل علمي وموضوعي وأكاديمي، فبغض النظر عن كتابي الإسلام والأمازيغية، الذي ربما أثار بعض ردود الفعل المتذمرة والساخطة، خصوصا من قبل التيار الأمازيغي المتشدد، الذي ينفي الآخر لكي يثبت ذاته، الذي ينظر إلى الواقع المغربي بنظرة أحادية يقصي بها سائر ومختلف مكونات المجتمع والحضارة المغربية، لصالح المكون الأمازيغي وحده، في حين أن هذا الواقع لا يتقوى ولا يتمتن إلا بحضور جميع المكونات والروافد، سواء أكانت إسلامية أم أمازيغية أم عربية أم صحراوية أم أفريقية، أم غير ذلك. لماذا؟ لأنني أرى شخصيا في الواقع المغربي جسدا متكامل الأعضاء، وبمجرد ما يصيب الخلل أو المرض أي عضو من تلك الأعضاء، فذلك لا محالة سوف يؤثر على الأعضاء الأخرى، التي سوف تتداعى له بالسهر، كما جاء في الحديث النبوي الشريف، على هذا الأساس فإنني من خلال كتابي حاولت أن أقدم رؤية شمولية ومتوازنة، هي قابلة للتصحيح والتجدد والنقد...
بغض النظر عن ذلك الكتاب، فإن الأمر الأساس الذي لم يطلع عليه هذا الأخ، هو أنني قدمت جهدا كبيرا من خلال طرحي لمشروع ماجستر الصحافة والإعلام الأمازيغي بجامعة لاهاي العالمية، ليس بشكل نظري فحسب، وإنما من خلال تأليفي وصياغتي لمقررات دراسية جامعية، وتندرج في هذا السياق أطروحتي حول تاريخ الصحافة الأمازيغية بالمغرب، وهي السباقة لتناول هذا الموضوع، كما أنها ربما مساهمة أولى لتأصيل وتقعيد هذا الحقل المعرفي الأمازيغي، وقد تطلب مني ذلك بذل جهود جبارة، لا سيما وأنني كنت مقبلا على التأليف في موضوع جديد، منعدم المراجع والمصادر، ثم إن بعض الجهات الإعلامية التي تمت بصلة إلى هذا الموضوع، لم تكن تتواصل معي بشكل تعاوني وتفاعلي، رغم أنني أقدم شيئا يخدمها ويؤرخ لها، بل ويخدم بصفة عامة القضية الأمازيغية، التي يدعي الجميع أنه يدافع عنها غير أنه في الحقيقة يظهر أنه يدافع عن أغراضه الشخصية، وما الأمازيغية إلا وسيلة لتمرير ذلك، أو مطية تستخدم للوصول إلى تلك الأهداف والغايات.
ثم إن الأخ الكريم يشير إلى نقطة أخرى، وهي أنني من خلال تلك الكتابات أحاول أن أمرر بعض المواقف السياسية، لا أعرف من أين جاء بهذا الكلام؛ كيف أسعى إلى تمرير المواقف السياسية وأنا إنسان لا ينتمي إلى أي حزب سياسي أو حركة سياسية، لقد أشار كذلك إلى أن توجهي مستمد من توجه الحركات الإسلامية المغربية، وهذه في الحقيقة مغالطة ينبغي تصحيحها، لأنني شخصيا عندي موقف من تعامل بعض الحركات والأحزاب الإسلامية المغربية مع القضية الأمازيغية، لقد اطلعت على أغلب ما كتبه رواد هذه الحركات حول القضية الأمازيغية، كذلك اطلعت على أغلب مواقفهم، وقد كتبت في هذا الشأن بحثا، وسوف ينشر بحول الله وقوته في القريب العاجل، وقد وجهت نقدا علميا وبناء لبعض مواقف تلك الحركات، التي منها من يتعامل مع الأمازيغية بنوع من التخوف، أو بنوع من الازدواجية، إذن كيف أمرر مواقفي السياسية وأنا لا أنتمي إلى أي جهة، وحتى هذه الجهات الإسلامية التي تلصق بي إلصاقا لا تربطني أية علاقة بها، أنا أحترم الجميع كيفما كان؛ سواء أكان يساريا أم يمينيا، إسلاميا أم علمانيا، أمازيغيا أم عربيا... أنا أتعامل مع الكل، ليس حبا في عيون أحد، ولا خوفا من أحد! وإنما لخدمة هذه القضية الأمازيغية، التي لن نخدمها إلا من خلال تضافر الجهود، واستثمار كل الإمكانات المتاحة لنا، أما إذا ما نحن أسسنا رؤيتنا على الإقصاء والتمييز والتنقيص من هذا أو ذاك، فإننا لا محالة سوف لن نخدم هذه القضية، بقدرما سوف نساهم في عزلها وخلق خصوم كثر لها.
س: بعض المثقفين الأمازيغ يقولون بأن التجاني بولعوالي ليس فاعلا جمعويا بهولندا، كيف تفسرون هذا الرأي؟
ج: أشكرك شكرا جزيلا على هذا السؤال الوجيه، هذا الأمر كثيرا ما يتردد في بعض وسائل الإعلام الرقمية، ومؤداه أن التجاني بولعوالي ليس فاعلا جمعويا معروفا في هولندا، أنا شخصيا لم أنصب نفسي أبدا فاعلا جمعويا بهولندا، ولا أريد أن أكون كذلك، أنا أعتبر نفسي مجرد كاتب، مجرد باحث، مجرد مثقف مسؤوليته أن يكشف اللثام عن بعض القضايا التي تهم ديني وثقافتي ولغتي وهويتي... هذا هو الدور الذي أسعى إليه، لا أنتظر جزاء ولا شكورا من أحد، أنا مع الحق أينما كان، ولو كان مع العدو! فأنا معه، أنا مع المظلوم، كيفما كان، سواء أكان مسلما أم غير مسلم، سواء أكان أمازيغيا أم غير أمازيغي، هكذا أنظر إلى الحياة، وهكذا أتعامل مع الناس. لماذا لا أريد أن أنصب نفسي فاعلا جمعويا بالديار الهولندية؟ لأنني أدرك أن العمل الجمعوي بهولندا هو عمل ملغوم، عمل ينطوي على الكثير من الأمور الخفية، التي توجهها أياد خفية من وراء الكواليس، وأنا لا أريد أن أتورط في ذلك، فالعمل الجمعوي بهولندا لا سيما الأمازيغي، إذا أنت أردت أن تكون حاضرا فيه مثلا، أنت في حاجة إلى أن تتحرك على السلطات الهولندية، وتطلب الدعم كما تفعل الكثير من الجمعيات الأمازيغية، غير أن الحانب الصعب هو كيف سوف توظف ذلك الدعم، كيف سوف تخدم الثقافة الأمازيغية أو المغربية بصفة عامة، بذلك الدعم المقدم إليك من السلطات الهولندية، وهو دعم في الحقيقة لا يقدم كصدقة في سبيل الله، أو كهدية، أو كهبة، وإنما مقابل أداء خدمات معينة، ومقابل كذلك تنازلات كثيرة، فالدعم غالبا ما يقدم باسم خدمة اندماج المسلمين في المجتمع الغربي، وربما أنت تدرك ماذا يعني الغربيون باندماج المسلمين في الثقافة الغربية، فهذا يعتبر كذلك مفهوما أو مصطلحا ملغوما، فبشهادة الكثير من المثقفين والباحثين والمفكرين الغربيين أنفسهم، فالمراد بهذا الاندماج سياسيا وأيديولوجيا بكل بساطة: الذوبان والتخلي عن الكثير من مبادئ هويتك الأصلية، التي هي الهوية الإسلامية، ثم إنه مؤخرا كثيرا ما يقدم الدعم باسم محاربة الإرهاب (الإسلامي)، إذن كيف لك كمسلم أن تتعامل مع هذه المقولات، ومع هذه الأفكار، ومع هذه الأطروحات، على هذا الأساس، إنني لا أريد شخصيا أن أنخرط في هذه الأمور السياسية والأيديولوجية الملغومة، التي باسمها لن أقدم شيئا للقضية الأمازيغية، ولن أقدم شيئا للثقافة المغربية أو الإسلامية، لذلك فأنا أؤمن دوما بأن أبتعد عن هذه الأمور وأخدم بشكل خفي هذه القضايا، بشكل شخصي ليس هدفه أي مقابل مادي، أو شهرة شخصية، أو أي دعم من أي جهة أخرى.
ثم تجدر الإشارة إلى نقطة أساسية، وهي تتعلق بأن بعض المثقفين الأمازيغ بهولندا يتهمونني بأنني أسئ إلى الفاعلين الجمعويين الأمازيغ بهولندا، وهذه كذلك مغالطة، لأنني دوما أتعامل مع كل القضايا وكل الجهات بشكل موضوعي، فأنا عندما أتحدث عن الحركة الثقافية الأمازيغية بهولندا، أقول كلاما نابعا من الواقع، كلاما موضوعيا ينقل الواقع بشكل صادق، وأرى أن هذه الحركة تحضر بشكل أو بآخر في الغرب عامة، وفي هولندا خاصة، وأن ثمة الكثير من الأسماء والأقلام والمثقفين والرياضيين والفنانين الأمازيغ، الذين أعطوا الكثير للثقافة الأمازيغية، غير أن الخلل هو أن هذه المكونات الأمازيغية يغيب لديها التنسيق فيما بينها، وفي بناء جبهة قوية تخدم من خلالها القضية الأمازيغية خدمة علمية وموضوعية وممنهجة وواقعية، فمثلا عندما نتناول العمل الجمعوي الذي تقوم به بعض الجمعيات الأمازيغية، وهو عمل لسنا ضده، وإنما نتساءل ماذا قدم على مستوى الواقع، نحن نريد مكاسب ملموسة ومشهودة، حقا أنه ثمة بعض الإنجازات والإسهامات كإصدار بعض الدوريات، وبعض الكتب القليلة، إلا أنها تشكل إضافات معينة، غير أنه عندما نقيس هذه الإنجازات بتاريخ وعمر الحركة الثقافية الأمازيغية بهولندا نجد أنها ضئيلة وقليلة كذلك، هذا فيما يتعلق بالعمل الجمعوي الأمازيغي، في مقابل ذلك نجد أن الباحثين الأمازيغ الذين يشتغلون في الكثير من الجامعات والمعاهد، سواء الغربية أم الهولندية، أنهم قدموا الكثير للقضية الأمازيغية من خلال بحوثهم ودراساتهم، في مجالات اللغة والفكر والتاريخ والإعلام والتراث... وهذه الأمور ينبغي للجمعيات الأمازيغية أن تأخذها بعين الاعتبار، وتنفتح عليها، وتحاول أن تنسق مع هؤلاء الباحثين والمثقفين والأكاديميين تنسيقا واقعيا تستثمر من خلاله تلك المكاسب، وتلك الإضافات لا أن تقتصر فحسب على بعض الأنشطة المحدودة التأثير والمردودية بالنسبة للقضية الأمازيغية.
س: الأستاذ التجاني ما سر تفاؤلك وتناسي الماضي المؤلم، من خلال تركيزك على الحاضر والمستقبل؟
ج: فيما يرتبط بنظرتي التفاؤلية بخصوص الآتي والمستقبل، فهذا أمر أركز عليه دوما، وهذه من شيم الإنسان المؤمن بالله تعالى، الذي يحتفي دائما بالأمور التي فيها خير ومعروف للمجتمع، للإنسان، وللأمة الإسلامية جمعاء، لذلك على الإنسان أن يتسلح بالأمل والتفاؤل، لكنه لا ينبغي أن يقتصر على ذلك، بقدرما عليه أن يفعل ذلك ويربطه بالواقع، ويترجمه ميدانيا، من خلال الإقبال على الواقع، من خلال سلوكاته الحسنة، في تعامله مع الغير، مع الطبيعة، مع الحيوان، مع كل مشكلات ومكونات ذلك الواقع، والتفاؤل هو مادة أساسية في تركيبة الحياة، لأنه إذا كانت الحياة فقط محكومة باليأس والإحباط، فلا محالة أنها سوف تصبح مظلمة مدلهمة، سوف يكون مآلها الصراع والشر والعداء والتباغض، وهذا ما يدعونا الإسلام إلى تجنبه عن طريق إفشاء الخير والمحبة والتواد فيما بيننا، أنا لا أنظر بنظرة سوداوية إلى الماضي، وإنما باعتباره يتضمن مكونا أساسيا به ينبغي أن نستقبل الآتي، ينبغي أن نستوعب ماضينا لا لنستقر فيه، ونعيش حاضرنا ومستقبلنا في الماضي، وإنما لنأخذ منه الملامح المشرقة والإيجابية التي ينبغي أن ننشرها ونعممها في واقعنا، ونستشرف بها مستقبلنا، الماضي ينبغي أن يحضر دوما في ذاكرتنا ليس حضورا رجعيا يجعلنا نتشبث به بشكل حرفي، وإنما حضورا يمنحنا إمكانات دينية وروحية وإبداعية وأخلاقية، لننطلق إلى المستقبل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.