أي دور لها في التنمية الاجتماعية؟؟!! كتب: محمد الدرقاوي لكل دولة تريد تحقيق تنمية اقتصادية شاملة يتوجب عليها تبني سياسة اقتصادية قائمة على تدعيم المجالات الموازية و الضرورية لتحقيق هذه التنمية ، من خلال تفعيل دور الشركات الاستثمارية المتمثل في القيام بمقابل ما لها من امتيازات بواجبها تجاه المجتمع. خصوصا في ظل الأزمة المالية وما يكتنف الاقتصاد العالمي من مشكلات وتحديات . كما أنها مطالبة بضرورة إعادة النظر بالقواعد والمبادىء الأخلاقية والاجتماعية والبيئية التي تنظم عمل الشركات وتراقب أداءها. ولم يعد تحقيق الربح والنمو العمودي و الأفقي للشركة في ظل التطورات المتسارعة هي المعايير الناجحة للمؤسسات الاقتصادية بالدول المتقدمة بل تجاوزتها إلى معايير أخرى في التنمية المستدامة والحفاظ على البيئة وحمايتها و تحقيق تنمية اجتماعية خدمة للمجتمعات المحلية. و يؤكد الخبراء الاقتصاديون بأنه لا يمكن للشركات الاستمرار بالعمل في ظل التحرر الاقتصادي دون تلمس حاجات المجتمع والتفاعل معه لأن تعزيز المسؤولية الاجتماعية للشركات والقطاع الخاص يكتسب أهمية متزايدة بعد تخلي الحكومة عن كثير من أدوارها الاقتصادية والخدمية.. لدلك فإن الدور الاقتصادي والاجتماعي وكذا البيئي من أهم الأدوار التنموية التي تقوم بها الشركات التجارية من تشكيل القاعدة الاقتصادية للمجتمع وتزويده بالسلع والخدمات وتوفير فرص العمل ونقل التكنولوجيا المتطورة الحديثة وتعزيز مصادر الدخل للاقتصاد وتأهيل وتدريب العاملين بها . لذلك كان لزاما على الدولة بعدما قامت بتبني سياسات وبرامج عديدة لتوفير البيئة المناسبة التي تساعد القطاع الخاص على توسيع نشاطاته الاقتصادية والخدمية وتشجيعه للمساهمة في عملية التنمية الشاملة أن تقوم بمراقبة هذه السياسات و تطويرها فيما يخدم مصالح المجتمع من خلال خلق أكبر فرص الشغل لجحافل من المعطلين، أو فرض شروط التشغيل للموارد البشرية المحلية لا تقل عن الشروط المفروضة على مختلف الشركات المتعلقة باستحضار البعد البيئي في الإنتاج، كأولوية للدور الاجتماعي لأي وحدة اقتصادية.. وهذا الدور سيمكن الشركات من القدرة على مواكبة تطورات احتياجات المجتمع إذ أن التوجهات الاقتصادية الجديدة تتطلب شراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص لأن المسؤولية الاجتماعية لا تعني القيام فقط بالأعمال الخيرية والإنسانية بإعطاء بعض المساهمات المادية الهزيلة للجمعيات بل يمتد مفهومها ليشمل الاهتمام بالقضايا الإنسانية والأخلاقية والمهنية والبيئية والاهتمام بالصحة والتدريب والتأهيل واحترام الأنظمة والتشريعات والالتزام بها والمساهمة بتطوير المجتمع المحلي وتنميته. إن الاهتمام بالمسؤولية الاجتماعية يعود على الشركات بفوائد عديدة منها تكوين سمعة طيبة وتخفيف حدة المخاطر وزيادة الرضا الوظيفي للموظفين وإخلاصهم للشركة ورفع مستوى إنتاجيتهم كما تعزز المصداقية وثقة المستهلكين والمتعاملين معها، لأن الشركة كيان لا يمكن له أن يعيش منعزلا عن محيطه الداخلي و الخارجي الذي يعتبر أساس نجاحه ، من خلال التواصل و التفاعل المستمر. و إذا كانت آثار المسؤولية الاجتماعية للشركات تتطلب انعكاسها على المجتمع من خلال تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص وتعزيز أواصر التكافل الاجتماعي والمساهمة في تسريع وتيرة التنمية الشاملة والمتوازنة. فإن الواقع يشهد غير ذلك كون الشركات المتواجد بالناظور و البالغ عددها أزيد من ستين شركة ، لا يكاد أثرها يظهر على المجتمع لا من حيث التشغيل و لا من حيث المساهمة في عم و تدعيم المبادرات الثقافية و الفنية و العلمية . فمن حيث التشغيل و مساهمتها في التقليص من حدة البطالة و التهميش الذي يعتبر تأسيس الشركات من أهم أبعادها، ما تزال مساهمتها دون المستوى المطلوب. أما من حيث دعم الأنشطة الثقافية و تشجيع و دعم الدور الإعلامي في إبراز مكامن الضعف و القوة في المنطقة و التي تساعد الشركات نفسها من تطوير إنتاجها من خلال العمل على خفض مستوى التكلفة لرفع و توسيع هامش الربح و التي ستجعلها قادرة على الصمود في سوق المنافسة. و المساهمة المحدودة جدا لهذه الشركات لبعض الأنشطة حيث تعتبرها تبرع و إحسان زيادة على أنها تعطيها على مضض، دون أن تدرك بأن ذلك حق يدخل ضمن أهدافها التنموية التي يتم بلورته بشكل تعاقدي مع الدولة التي تيسر لها بالمقابل البيئة الاقتصادية المناسبة بما فيها التسهيلات الضريبية، و رغم ذلك فإنه يعود عليها بشكل إيجابي أولا و أخيرا. و دعم الإعلام يكون من أجل نشر إشهاراتها كوسيلة لعرض منتوجاتها و إشهار منتجاتها و تقوية حضورها في السوق الداخلية من خلال تحقيق التواصل مع المواطنين لكسب ثقتهم ، عبر وسائل الإعلام بأنواعها و من جهة أخرى تساهم في وسائل الإعلام في الاستمرار لتأدية دورها التنويري . من أجل ذلك، ينبغي نشر الوعي بهذا المفهوم بين الشركات والأفراد وتقديم الدعم لتعزيز ذلك واعتباره من المعايير الرئيسية لتقييمها ووضع مقاييس تتناسب واحتياجات المجتمعات المحلية وتبني مبادرات وبرامج ذات نفع عام. . و في ظل غياب ثقافة الإشهار لدى الشركات المحلية و الوطنية على حد سواء بسبب الرغبة الجامحة في تحقيق أكبر عدد من الربح المادي ، تظل الشركات قاصرة على تحقيق أهدافها التنموية الشاملة التي تعتبر قطب الرحى للتطور الاقتصادي. دون أن تدرك بأن دورها تجاه المسؤولية الاجتماعية يضمن إلى حد ما دعم جميع أفراد المجتمع لأهدافها ورسالتها التنموية والاعتراف بوجودها، والمساهمة في إنجاح أهدافها وفق ما خطط له مسبقاً، علاوة على المساهمة في سدّ احتياجات المجتمع ومتطلباته الحياتية والمعيشية الضرورية، إضافةً إلى خلق فرص عمل جديدة من خلال إقامة مشاريع خيرية واجتماعية ذات طابع تنموي. ومن بين الفوائد التي تجنيها الشركات ذات الممارسات المسؤولة اجتماعياً تقليص تكاليف التشغيل، وتحسين الصورة العامة لأصناف المنتجات وسمعتها، وزيادة المبيعات، وإخلاص العملاء، وزيادة الإنتاجية والنوعية. و رغم الشروط المفروضة على الشركات فيما يخص التشغيل فإن الدولة لا تقوم بمهمتها في المتابعة و المراقبة في تطبيق مثل هده الشروط ، فالكثير من الشركات تستقدم موارد بشرية من خارج المنطقة و كأن المدينة لا تعاني من البطالة. لأن القائمين عليها يسبعدون الموارد البشرية المحلية في حل من أية رقابة ، و الخضوع لمعايير معقولة في اختيار الموظفين. و هو أمر أكده بعض المستخدمين في الشركة المناولة لمشروع إنشاء السكة الحديدية بالناظور. و هدا ينطبق على كافة المشاريع المنجزة و على الشركات الأخرى وهو أمر يحتاج إلى مزيد من الوعي و اليقظة من أجل الحد مما يمكن اعتباره عنصرية تستبعد الكفاءات المحلية و تقصيها من حقها في الاستفادة من الحركة الاقتصادية التي يشهدها الإقليم. و في خضم التظاهرات التي مافتئ المعطلون ينظمونها بمحيط العمالة، كشفت الأخيرة التلاعبات التي تشوب عملية التوظيف و التشغيل في المشاريع التجارية والاقتصادية الكبرى كالمركز التجاري مرجان و المطار الدولي و المحطة البحرية و كذا السكك الحديدية ، هذه القطاعات التي أعلنت عن تشغيل المئات من الشباب المؤهلين، لم تحترم فيها القوانين المعتمدة في التوظيف ليبقى المعطلون رغم هده المشاريع يعانون البطالة و التهميش رغم أنهم لا يتجاوز عددهم العشرين. و يكون لدوي النفوذ داخل هده القطاعات المذكورة دور مهم في استقدام أقربائهم من مختلف المدن المغربية دون أي اعتبار لمعيار الكفاءة و الأهلية. غير أن المحسوبية و الزبونية تبقى المعايير الأكثر اعتمادا في التشغيل بمدينة الناظور، ليتبين بالملموس بأن جهات خارج المنطقة تسعى بكل الإمكانيات المتاحة لسحب البساط من أية مبادرة للتنمية الرامية إلى تحقيق الرفاه الاجتماعي و امتصاص البطالة بهده المدينة، كما يحدث تماما للمداخيل التي تحققها المنطقة و التي تصنف الثانية بعد الدارالبيضاء ، حيث تنقل خارج المنطقة للاستثمار دون أن تحظى بها الناظور لتصريفها في مشاريع داخلية كميدان الترفيه و النظافة التي ظلت المدينة رغم مداخلها تتخبط في مشاكلها . و هدا دون أن نسمع عن أية ردة فعل تجاه ما يحدث رغم ضجيج و صراخ المعطلين الدي كشفوا هده التلاعبات في حق مواطنين مغارب ربما أكثر كفاءة من المستقدمين من خارج المنطقة. محمد الدرقاوي [email protected]